عواصم - (وكالات): تعيش أوكرانيا عهداً جديداً بعد أن صوت النواب في البرلمان أمس على أن يتولى رئيس البرلمان الكسندر تورتشينوف المقرب من المعارضة المعروفة يوليا تيموشنكو، رئاسة البلاد بالوكالة مؤقتاً، خلفاً لفيكتور يانوكوفيتش الذي أطيح به أمس الأول، غداة يوم حافل ومثير شهد إقالته بحكم الأمر الواقع ولا يعرف مكان وجوده، في الوقت الذي تم فيه الإفراج عن تيموشنكو التي لقيت استقبالاً حافلاً من قبل أنصارها في ساحة الاستقلال في كييف. واكتنف الغموض مكان يانوكوفيتش. وقال تقرير إن محاولته لركوب طائرة تشارتر في مطار دونيتسك بمسقط رأسه شرق البلاد باءت بالفشل. وينص الدستور الأوكراني على أن يتولى رئيس البرلمان مهام رئيس الدولة في حال شغور السلطة. وستجري انتخابات رئاسية مبكرة في أوكرانيا في 25 مايو المقبل. كذلك، أمهل تورتشينوف النواب حتى غد الثلاثاء لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وبدأ بالفعل تسريب بعض الأسماء المرشحة لترؤسها من وجوه المعارضة مع العلم أن تيموشنكو أعلنت عدم اهتمامها بتسلم المنصب.
وصوت النواب أيضاً على إقالة وزير الخارجية ليونيد كوجارا واستعادة الدولة للمنزل الفخم ليانوكوفيتش في ضاحية كييف. في سياق متصل، اعتبر حزب المناطق الذي يتزعمه يانوكوفيتش أن الأخير هو «المسؤول عن الأحداث المأسوية» التي شهدتها أوكرانيا مندداً بـ»خيانته». واستعاد وسط كييف هدوءه وتجمع في ساحة ميدان عشرات آلاف الأشخاص من شبان وأطفال ومناصرين للمعارضة، فحمل بعضهم الأزهار تكريما للذين قتلوا، وقام بعضهم الآخر بتصوير المتاريس وآثار الرصاص على الأبنية الناتجة عن أعمال العنف خلال الأيام القليلة الأخيرة. وأعلنت وزارة الصحة الأوكرانية حصيلة جديدة لقتلى أعمال العنف أفادت بسقوط 82 قتيلا ومئات الجرحى منذ الثلاثاء الماضي، بعد أزمة حادة مستمرة منذ 3 أشهر، وهو مستوى غير مسبوق من العنف في البلد الذي كان جمهورية سوفياتية سابقة.
وقد فتح تحقيق ضد 30 مسؤولاً في الشرطة لدورهم في قمع المتظاهرين.
وتعرض مقر الحزب الشيوعي المتحالف مع يانوكوفيتش في البرلمان لتخريب من قبل متظاهرين وخطت على جدرانه كتابات «مجرمون» و»قتلة» و»عبيد يانوكوفيتش».
وتعرض 40 تمثالاً للينين للتخريب أو تم إسقاطه منذ مطلع الأسبوع خصوصاً شرق البلاد، كما ذكرت وسائل إعلام أوكرانية. وعثر على وثائق تتحدث بالتفصيل عن رشاوى منظمة ولائحة باسماء صحافيين يفترض ان يخضعوا للمراقبة في منزل الرئيس المخلوع في ضاحية كييف. والموقع الذي بقي مفتوحاً، زاره آلاف الأوكرانيين ذهل بعضهم بفخامة المكان التي تشكل رمزاً لفساد النظام.
أما تيموشنكو ايقونة الثورة البرتقالية فأعلنت أنها ستلتقي المستشارة الألمانية انغيلا ميركل «قريباً جداً». لكن الأمل في إخراج أوكرانيا من أزمتها يشوبه قلق متزايد لدى الأسرة الدولية من أن يتعزز الانقسام في البلد الذي يبلغ عدد سكانها 46 مليون نسمة، بين الشرق الناطق بالروسية ويعتمد الثقافة الروسية ويشكل أغلبية، والغرب القومي والناطق بالأوكرانية.
وفي سيباستوبول جنوب أوكرانيا على شاطىء البحر الاسود وحيث يوجد الأسطول الروسي تجمع نحو 10 آلاف شخص تلبية لحركات موالية لروسيا وأطلقوا هتافات ضد «الفاشيين الذين سيطروا على السلطة في كييف».
وضاق الخناق على الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش ومعاونيه المقربين الذين منعوا من مغادرة اوكرانيا ووجه إليهم الاتهام من قبل حزبهم بـ «المسؤولية» عن حمام دم كييف. وحاول يانوكوفيتش، بلا جدوى، رشوة حرس الحدود في دونتسك شرق المدينة التي يتحدر منها للسماح لطائرته بالإقلاع. وشدد النواب أثناء جلسة للبرلمان على معرفة مكان وجود يانوكوفيتش لكن لم يحصلوا على أي جواب. ولم تبدأ رسمياً أي ملاحقة بحق الرئيس المخلوع. وقال المتحدث باسم حرس الحدود سيرغي استاكوف «إن طائرة خاصة كان من المقرر أن تقلع من مطار دونتسك لم تكن تراخيصها نظامية. وحين وصل مسؤولون للتحقق من الوثائق استقبلهم رجال مسلحون وعرضوا عليهم مالا لتميكنهم من الاقلاع دون تراخيص» مضيفاً أن عرض الرشوة رفض.
وتوقفت بعيد ذلك، عربتان مصفحتان قرب الطائرة التي غادرها الرئيس وغادر المطار.
وبحسب الرئيس الجديد للبرلمان الكسندر تورشينوف، فإن يانوكوفيتش كان يحاول الفرار إلى روسيا. وحدث السيناريو ذاته بمطار دونتسك مع النائب العام فيكتور بشونكا ووزير الضرائب الكسندر كليمنكو المعروفين بالانتماء إلى المجموعة المالية السياسية لفيكتور يانوكوفيتش. وتوافقت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة الحفاظ على «وحدة أراضي» أوكرانيا، وذلك أثناء محادثة هاتفية بينهما، وفق ما اعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية. من جانبها، اعتبرت سوزان رايس مستشارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما أن تقسيم اوكرانيا او «عودة العنف» ليسا في مصلحة اوكرانيا ولا روسيا ولا الاتحاد الاوروبي او الولايات المتحدة. واعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ انه «لن يكون ابدا من مصلحة روسيا» التدخل عسكرياً في أوكرانيا.