كتبت - شيخة العسم:
قال وزير شؤون حقوق الإنسان د. صلاح علي إن وزارة الداخلية دربت 5 آلاف رجل أمن على تأدية واجباتهم وفق المعاير الدولية لاحترام حقوق الإنسان، ضمن برنامج تدريبي لايزال مستمراً.
وأضاف الوزير لـ «الوطن» في المؤتمر الصحافي أمس لوزارة شؤون حقوق الإنسان، بمناسبة إطلاق الوزارة تقريراً بإنجازات البحرين في مجال حقوق الإنسان: أن حقوق الإنسان يتساوى فيها الجميع؛ المواطن العادي والمقيم ورجل الأمن، ونحن كوزارة وكحكومة معنيين بتحقيق هذه الحقوق للجميع، لكن المشكلة أن كثيراً من الناس يروجون لما يحصل من انتهاك لأفراد، ولا يتحدث عن ما يحدث من انتهاكات لرجل الأمن، ولا نرضى بما يحدث من انتهاكات ظاهرة الاعتداء، بقصد القتل، ومحاولة إصابتهم بعاهات وكلها عمل إرهابي غير مبرر لرجال الأمن، فلهم حقوق كما عليهم واجبات ، ويجب أن تتغير هذه النظرة، وفي المقابل لا نقبل من رجال الأمن وأثناء تأديتهم لواجبهم بانتهاك حقوق الآخرين، لكن ما تعاني منه البحرين أن الاعتداء على رجال الأمن أكثر من غيره في الدول الأخرى.
وتابع الوزير: المؤسف أن تصل مظاهر العنف للمقيمين والزوار، وهذا أمر مرفوض فنحن مسؤولون عن سلامتهم، وهذه مظاهر مرفوضة تماماً ويجب أن تتوقف حيث إنها تهدف إلى الإساءة للمملكة وسمعتها، وللأسف نحن لا نسمع صوتاً عالياً وواضحاً من المنابر يستنكر الاعتداءات على رجال الأمن، وهذا تصرف غير مبرر!.
وقال وزير شؤون حقوق الإنسان د. صلاح علي خلال المؤتمر الصحافي: إن هناك فريقاً تقنياً فنياً في البحرين حالياً مرسل من مفوضية السلام، بهدف تطوير ودعم العمل الحقوقي وتنظيمها بالمملكة، وقد تم تمديد الزيارة لتمكين الفريق من الالتقاء بجمعيات حقوقية بحرينية أكثر، مبيناً أن تأجيل زيارة مقرر التعذيب للبحرين، يعود للانشغال بتحقيق توصيات تقرير تقصي الحقائق.
وأضاف د. صلاح علي: تم توجيه دعوة رسمية من قبلنا لمفوضية السلام، ونتطلع لزيارتها خلال هذا العام، ونعمل حالياً على تجهيز تقرير نصف طوعي، يجهز مطلع سبتمبر 2014 كخطوة أولية ومبدئية للتقرير الشامل، المطلوب من قبل حقوق الإنسان سبتمبر 2016 .
ونفى الوزير وجود أية شكوى أو قضية حالياً مرفوعة عن التعذيب بالسجون، مردفاً: إن كان هناك مسؤول عن ذلك فسيحاسب، وسيعرض للمساءلة القانونية.
استمرار الحراك الحقوقي
أكدت وزارة شؤون حقوق الإنسان أن الأعوام الثلاثة الماضية، شهدت عملاً متواصلاً في مجال تكريس الحريات والتأكيد على الحقوق الدستورية للمواطنين، بما أسهم في زيادة وعي وثقافة المواطنين بحقوقهم الدستورية والتواصل مع المجتمع العربي والدولي حول ما تحقق من إنجازات ومكاسب حقوقية، من خلال تحديث التشريعات الوطنية الحقوقية والاستفادة من التجارب العربية والأجنبية المتقدمة في مجال حقوق الإنسان.
وأضافت الوزارة -في تقرير أصدرته حول الإنجازات الحقوقية بمناسبة احتفالات البلاد بيوم الميثاق الوطني ومرور عام ونصف على إنشاء وزارة شؤون حقوق الإنسان- أن البحرين تخطو خطوات نوعية متقدمة في مجال صون ورعاية حقوق الإنسان وقد اتخذت الدولة من الشفافية نهجاً وسلوكاً وممارسة في العمل، والدليل على ذلك الخطوة الشجاعة للقيادة بإنشاء لجنة مستقلة لتقصي الأحداث حول ما جرى من أحداث مؤسفة في شهري فبراير ومارس 2011، وذلك بعضوية قضاة دوليين مرموقين، وما تلاها من قبول جلالة الملك لتقرير اللجنة ومن ثم الشروع الجدي والفوري من قبل مختلف أجهزة الدولة في تنفيذ ما ورد من توصيات في تقرير اللجنة من أجل لم الشمل الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية وتحديث المنظومة التشريعية وبما يكفل تطوير الممارسة الديمقراطية في البحرين.
لجنة متابعة توصيات «تقصي الحقائق»
وتابع الوزارة: أصدرت الحكومة مؤخراً تقريراً مفصلاً عن لجنة متابعة تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق وتبين من خلال التقرير جدية الحكومة وحرصها على تنفيذ جميع ما ورد من توصيات في التقرير، حيث تم تنفيذ 19 توصية بالكامل من أصل 26 توصية، والعمل جار لاستكمال تنفيذ بقية التوصيات. وقد بدأت الحكومة في تنفيذ عدد من التشريعات الوطنية التي عُدِّلت في ضوء توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق، ومن بين أبرز هذه القوانين تعديلات تشريعية على قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات.
وأوضح التقرير أن المملكة قطعت منذ عقد من الزمن أشواطاً كبيرة في مسيرتها الإصلاحية وبناء ديمقراطيتها وشهدت ربيعاً مبكراً، وأن ما تشهده البحرين حالياً ليست حراكاً ديمقراطياً سلمياً بل عمليات تخريب وإشاعة الفوضى وإرهاب في حق مواطنين ومقيمين يتعايشون بأمان وسلام ووئام. ونظراً للاهتمام الرسمي والأهلي المتزايد بكيفية الالتزام بالتعهدات الحقوقية الدولية، صدر مرسوم ملكي بتشكيل وزارة لحقوق الإنسان وهو ما يعكس أولوية هذا الملف المهم، كما أصدر صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء قراراً بإنشاء اللجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان وهذا القرار يعكس اهتمام مملكة البحرين بمبادئ حقوق الإنسان، ويؤكد حرصها على تنفيذ التزاماتها وتعهداتها الدولية في المجال الحقوقي، وهي التزامات وتعهدات كثيرة، توليها الدولة اهتماماً خاصاً من خلال التشريعات التي تصدر عبر السلطة التشريعية، أو من خلال الأنظمة والإجراءات واللوائح التي تحددها السلطة التنفيذية، أو من خلال إجراءات السلطة القضائية على التأكد من تطابق أنظمة القضاء والمحاكم مع معايير حقوق الإنسان التي يجب احترامها، خاصة وأن دستور المملكة، وميثاق العمل الوطني يكفلان مبادئ حقوق الإنسان.
البحرين حامية للحريات
وذكرت الوزارة أن البحرين بلد داعم لحقوق الإنسان يحرص على حماية الحريات وتعزيزها تفعيلاً للتعهدات والالتزامات الدولية في هذا الجانب، والتي عبرت عنها المملكة من خلال تشجيعها للمصالحة الوطنية، ومواصلة جلسات الحوار الوطني، والالتزام الثابت في تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق والاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، علاوةً على احتضانها المقر الدائم للمحكمة العربية لحقوق الإنسان والتي جاءت كمقترح يعكس إيمان جلالة الملك بأهمية صون حقوق الإنسان والحفاظ عليها، وأن هذه الخطوات لقيت الكثير من الترحيب والإشادة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وأكدت الوزارة في تقريرها أن البحرين متمسكة بتحقيق التوازن بين الاستقرار واستتباب الأمن والإصلاح التدريجي بالشكل الذي يراعي المبادئ والقيم العالمية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير والتسامح الديني، وأن المملكة استطاعت بفضل حكمة القيادة والتفاف شعبها احتواء الأزمة التي مرت بها، وبدأت في مرحلة جديدة من الإصلاح والتطوير والتنمية الذي شمل منظومتها التشريعية وآلياتها التنفيذية، مؤكداً أن عملية الإصلاح في البحرين لن تتوقف، لكونها تحظى بدعم ورعاية مباشرة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وبتأييد محلي وإقليمي وعالمي واسع.
تعزيز الوحدة الوطنية
وأوضح التقرير أن البحرين تولي اهتماماً كبيراً تجاه تعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء المملكة، ونبذ العنف والتطرف بكافة صوره وممارساته التي تتجاوز القوانين والأعراف المرعية، من أجل حاضر مستقر ومستقبل واعد يستفيد منه كافة المواطنين والمقيمين على أرض المملكة.
وأشارت الوزارة إلى أن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان رغم قصر فترة إنشائها في العام 2009 وتعديل صلاحياتها العام 2012، برهنت على دورها المحوري في ترسيخ قيم حقوق الإنسان ونشر الوعي بها والإسهام في ضمان ممارستها بكل حرية واستقلالية، حيث تضم المؤسسة لجنة للشكاوى والرصد والمتابعة، ولجنة للحقوق المدنية والسياسية، ولجنة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لضمان المتابعة الشاملة لكافة القضايا ذات الصلة بحقوق الإنسان في المملكة.
وقالت الوزارة إن العام الماضي شهد العمل الفعلي لأمين عام التظلمات في وزارة الداخلية. وتهدف الأمانة للعمل على تلقي وفحص الشكاوى المقدمة لأي جهة ضد منتسبي قوات الأمن في نطاق مسؤولياتهم. وواصلت وحدة التحقيق الخاصة التابعة للنيابة العامة عملها وذلك تنفيذاً لتوصيات لجنة تقصي الحقائق. وهذه الوحدة تعتبر آلية مستقلة ومحايدة لمساءلة المسؤولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون أو تسببوا بإهمالهم في حالات القتل والتعذيب وسوء المعاملة. وصدر أمر ملكي سامي بأن يعهد جلالته برئاسة المجلس الأعلى للقضاء إلى رئيس محكمة التمييز وبما يرسخ استقلال القضاء، إضافة إلى إنجاز مشروع قانون مؤسسة الإصلاح والتأهيل (السجون) وفقاً للمعايير الدولية التي تضمن كافة الحقوق للسجناء والنزلاء وقد صدر مؤخراً مرسوم تشكيل مفوضية رعاية حقوق السجناء والنزلاء وبدء المشاورات حالياً من أجل تسمية أعضاء مجلس المفوضين.
البحرين انضمت لـ24 اتفاقية
وفيما يتعلق بالمعاهدات والتشريعات ذكرت الوزارة في تقريرها عن انضمام مملكة البحرين إلى 24 اتفاقية دولية متعلقة بحقوق الإنسان، من أبرزها: اتفاق القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري (1990)، اتفاق مكافحة جريمة الإبادة الجماعية (1990)، واتفاقية مناهضة التعذيب (1998) وبروتوكولها الإضافي (يوليو 2002)، واتفاقية حقوق الطفل (1992)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (عام 2002)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (2006)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (2007)، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (2010)، وعدد من المواثيق في مجال الحريات النقابية وحقوق العمال. كما صادقت المملكة على «الميثاق العربي لحقوق الإنسان» في 18/6/2006، واتفاقية إنشاء منظمة المرأة العربية (2002)، والعديد من الاتفاقات العربية والخليجية ذات الصلة بحماية وتعزيز حقوق الإنسان. كما صدر مرسوم ملكي بقانون رقم 1 لسنة 2008 بشأن «مكافحة الاتجار بالأشخاص» وقانون النقابات العمالية عام 2002، وقرار إلغاء نظام الكفيل وحرية انتقال العمالة الأجنبية، تماشياً مع نجاح سياسات إصلاح سوق العمل ونجاح المملكة في خفض معدلات البطالة لتصل في المتوسط حوالي 4% إضافة إلى مواصلة تنفيذ مشروع «التأمين ضد التعطل.
وأشارت الوزارة إلى أن البحرين تكفل حرية ممارسة الشعائر والاحتفالات العقائدية لمختلف الأديان والمذاهب دون أية قيود حكومية، فهناك 16 كنيسة، ومعبد يهودي، وعدد من المعابد للطوائف الأخرى، وتمثل مملكة البحرين نموذجاً للتعايش البناء بين المذاهب والأديان ورمزاً لحوار الحضارات والثقافات. حيث استضافت البحرين مؤتمر «الحوار الإسلامي المسيحي» في أكتوبر 2002، ومؤتمر «التقريب بين المذاهب الإسلامية» في سبتمبر 2003، ومنتدى «الحوار بين الحضارات» في يناير 2008.
أهمية الحوار الوطني
وذكر تقرير الوزارة أن البحرين تولي أهمية قصوى للحوار الوطني، وما تناوله من المسائل الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية والتشريعية والسياسية، وصدرت عنه توصيات نفذتها الحكومة في حوار التوافق الوطني الأول، وهذا هو الحوار الثاني الذي يرتكز على المحور السياسي، والذي يأمل كل بحريني بأن يعود المتحاورون إلى طاولة الحوار وبأن يخرج هذا الحوار بمرئيات تعزز الوضع السياسي والاقتصادي في البحرين بمشاركة جميع الأطراف. وأكد التقرير أن البحرين كفلت جميع متطلبات حماية وصون وتعزيز واحترام حقوق الإنسان، بما يعكس حرص المملكة واهتمامها بقضايا حقوق الإنسان كمحور من المحاور التي يرتكز عليها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك وأن وزارة حقوق الإنسان تعمل على تحقيق أهداف الأمم المتحدة في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان وترجمة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أرض الواقع بما يسهم في الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان ويساعد في تعزيزها بما يتوافق مع رؤية المملكة الحضارية المنبثقة من الشريعة الإسلامية الغراء، وما جُبلت عليه البحرين عبر تاريخ طويل من التسامح والتآخي بين مختلف الديانات والمذاهب، وبالشكل الذي يتماشى مع ما قطعته على نفسها من تعهدات والتزامات دولية.
الشراكة الوطنية الحقوقية
وذكر التقرير أن العمل الحقوقي عمل مستمر يتضمن مجموعة من المهام والمسؤوليات المشتركة وذلك لتحقيق أعلى مستويات من التقدم والرقي في المجال الحقوقي وما يتطلبه ذلك من تحديث للتشريعات الوطنية ومواءمتها مع الاتفاقات الأممية المختلفة وأن الهدف المشترك هو المضي في مسيرة التنمية والإصلاح التي بدأت بالمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وأن مملكة البحرين حكومة وشعباً ملتزمة بالحفاظ على هذه المسيرة الوطنية الإصلاحية التي تهدف إلى رعاية مصالح المواطنين كافة، ولذلك يعمل الجميع وبكل جد على إعادة تعزيز اللحمة الوطنية في المجتمع البحريني وإتمام حوار التوافق الوطني.
وأشار التقرير إلى تأكيد الوزارة على شراكتها الوطنية الحقوقية مع مختلف المؤسسات والهيئات، والوزارة على متابعة مستمرة في كل ما من شأنه تطوير العمل الوطني الحقوقي واستمرار التواصل والتعاون في كل ما من شأنه دعم المسيرة الديمقراطية والحقوقية. وستبقى البحرين الهدف الأسمى الذي يسعى الجميع للحفاظ على أمنه واستقراره ومواصلة بنائه وتطويره وسط جو من الديمقراطية التي تتسع للجميع.