أكد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمملكة المغربية محمد الصبار ضرورة توافر الإرادة السياسية لإنجاح العدالة الانتقالية، والتفاعل أيضاً من قبل المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، مشدداً على أن الركيزة الأساسية في تحقيق ذلك هي المحاسبة، ثم المصالحة حيث أوضح أن الغاية من العدالة الانتقالية هو تحقيق المصالحة، وفي النهاية إصلاح المؤسسات.
وأشار محمد الصبار، في محاضرة نظمتها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أمس، بعنوان «المبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان- مبادئ باريس»، إلى التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية مؤكداً أنها أهم تجربة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فيما لفت إلى أن التجربة المغربية كان لها السبق الخاص في طرح الأسئلة المتعلقة بالعدالة الانتقالية على نفس النسق السياسي والدستوري، وذلك على عكس تجارب العدالة الانتقالية الأخرى التي كانت تأتي في مراحل الانتقال السياسي في أعقاب ثورات أو غيرها.
واستعرض تاريخ عمل المؤسسات الحقوقية في المغرب حيث أشار إلى أن المغرب أنشأت المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في 1990 وقبل إعلان مبادئ باريس، ومنح صلاحيات أوسع في 2010، واكتملت تلك الصلاحيات بإنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان متوافقاً مع مبادئ باريس والذي تبلغ نسبة النساء فيه 42%، كما إن المغرب وقعت على عدد من الاتفاقات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، فيما يصدر المجلس تقريراً سنوياً يعرض على البرلمان، حيث تم إصدار العديد من التقارير خرجت بتوصيات مهمة.
ونوه الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمملكة المغربية إلى ما تتميز به التجربة المغربية وهو قبول مضامين تقرير العدالة الانتقالية وما تم وضعه من توصيات للإصلاح الشامل، موضحاً أن الوثيقة الدستورية الجديدة في المغرب حققت هذه التوصيات حيث أصبح التشريع محصوراً على البرلمان فقط، وتم تجريم الاختفاء القسري والتعذيب وجرائم الحرب والإبادة والإقرار بالمناصفة بين الرجال والنساء وتوسيع صلاحيات رئيس الحكومة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وانعقدت محاضرة «المبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان- مبادئ باريس» بحضور رئيس حقوق الإنسان بمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالجمهورية التونسية وعضو الفريق التقني التابع للمفوضة السامية الذي يزور البحرين حالياً مازن شقورة، والممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في البحرين بيتر جروهمان، ونخبة من أعضاء مجلس الشورى والمهتمين بالشأن الحقوقي في المملكة. وفي بداية الفعالية رحب رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان د.عبدالعزيز أبل بالحضور، مؤكداً أهمية الندوة وما ستقدمه من تعريف حول مبادئ باريس ودورها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
وأعرب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في البحرين بيتر جروهمان عن سعادته بهذا التعاون الثنائي الذي يتم لأول مرة مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان. وأكد أن مهمة وفد المفوضية في البحرين، والتي تتواصل على مدار شهرين، تستهدف العمل على تقديم المساعدة والمشورة ووضع برامج نوعية بالتعاون مع الجميع، وذلك في إطار الجهود المشتركة لتعزيز حقوق الإنسان، من أجل استكمال ما تحقق في هذا المجال، مشيراً إلى جهود المفوضية العليا لحقوق الإنسان والنظام العام للأمم المتحدة في تقديم العون للبحرين للوصول للمعايير العالمية. وأكد غروهمان حرص وفد الأمم المتحدة على التعاون مع المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان من أجل التوعية وحماية حقوق الإنسان سواء على الصعيد العالمي أو الإقليمي. وقال «نحن سعداء أن تكون المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان شريكاً لنا في ذلك».
وفي مداخلة له، أشاد رئيس حقوق الإنسان بمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالجمهورية التونسية وعضو الفريق التقني التابع للمفوضة السامية مازن شقورة بالفعاليات التي تقام بالاشتراك مع المفوضية السامية خلال فترة الشهرين التي يقضيها الفريق التقني التابع لمكتب المفوضة السامية، لافتاً إلى أن تجارب المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان حول العالم تتنوع حسب تطبيق مبادئ باريس.