عواصم - (وكالات): تصاعدت الأزمة الأوكرانية بعد أن وافق المجلس الاتحادي في موسكو بإجماع أعضائه على تدخل الجيش الروسي في أوكرانيا، وذلك بعد طلب تقدم به الرئيس فلاديمير بوتين. في المقابل، حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما روسيا من «التدخل عسكرياً في أوكرانيا» موضحاً «أنه وقادة أوروبيين قد لا يحضروا قمة مجموعة الثماني في سوتشي إذا رأوا أن روسيا تنتهك سيادة أوكرانيا». وفي وقت سابق، طلب مجلس النواب الروسي «الدوما» من بوتين «حماية» سكان منطقة القرم «بكل الوسائل» من «التعسف والعنف». كما طلب بوتين من مجلس حكام المناطق الروسية «إرسال قوات إلى أوكرانيا»، بينما أكد وزير الدفاع الأوكراني ايغور بنيوك أن «روسيا أرسلت 6000 رجل و30 مصفحة إلى جمهورية القرم».من جانبه، رفض الرئيس الأوكراني الانتقالي أولكسندر تورتشينوف الاعتراف برئيس وزراء القرم الجديد الموالي لروسيا سيرغي اكسيونوف الذي أعلن توليه السلطة بعد استيلاء مسلحين موالين للكرملين على مبنى البرلمان ووافق مجلس الاتحاد الروسي أمس خلال جلسة طارئة على طلب من بوتين لنشر قوات في أوكرانيا، في مقدمة لمواجهة عسكرية محتملة تعيد للأذهان التدخل الروسي في جورجيا عام 2008. وفي المقابل دعا عضو بارز بالقيادة الجديدة في كييف إلى التعبئة العامة. ويأتي التصويت بعدما سيطرت قوات روسية بالفعل على منشآت عسكرية بشبه جزيرة القرم رغم تحذيرات أمريكية وغربية. وقبيل التصويت، أيد رؤساء لجان الأمن والدفاع والخارجية في مجلس الاتحاد الروسي نشر قوات روسية في أوكرانيا، ووصف بعضهم صعود الحكام الجدد في أوكرانيا بالانقلاب.وقال بوتين في مذكرة نشر الكرملين نصها إنه طلب من المجلس الموافقة على استخدام القوات المسلحة الروسية في الأراضي الأوكرانية حتى عودة الوضع الطبيعي في هذا البلد إلى طبيعته.وذكرت تقارير أن الخطوة التي اتخذها بوتين تأتي استجابة لطلب تقدم به رئيس حكومة إقليم القرم سيرغي أكسيونوف لروسيا بتوفير الأمن بالإقليم المتمتع بحكم شبه ذاتي.وأضافت التقارير أن «الطلب الذي أجازه مجلس الاتحاد الروسي شبيه بإعلان حرب، مشيراً إلى أن روسيا بهذه الخطوة تريد إظهار أنها لن تتخلى عن نفوذها ومواطنيها بأوكرانيا.وأعلن المجلس الاتحادي الروسي أنه سيطلب من بوتين استدعاء سفير روسيا في الولايات المتحدة بحجة أن الرئيس باراك أوباما تجاوز «خطاً أحمر» حين حذر من تدخل عسكري في أوكرانيا. وقبيل الكشف عن التفويض الذي طلبه بوتين من برلمان بلاده بنشر قوات في أوكرانيا، قالت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالينتينا ماتفيينكو إنها لا تستبعد إرسال قوة محدودة إلى شبه جزيرة القرم لحماية قاعدة أسطول البحر الأسود الروسي في سيباستوبول على البحر الأسود والمواطنين الروس هناك.من جهته، أعلن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي أن الأخير لم يتخذ بعد قراراً في شأن اللجوء إلى الجيش الروسي في أوكرانيا. وفي كييف، دعا القيادي البارز في السلطة الجديدة فيتالي كليتشكو إلى التعبئة العامة لمواجهة عملية عسكرية روسية محتملة، كما دعا إلى تدخل مجلس الأمن الدولي. وكانت كييف وصفت التحركات الروسية بأنها استفزاز، واستبعدت مواجهة عسكرية مع روسيا. وفي مقابل التحركات العسكرية الروسية، أعلن الجيش الأوكراني حالة الطوارئ القصوى في صفوف قواته، في حين دعا الرئيس الأوكراني المؤقت ألكسندر تورنيشوف مجلس الأمن القومي إلى اجتماع طارئ. وعلى الأرض في إقليم القرم، سيطرت قوات روسية على ثاني مطار عسكري بالإقليم وفقاً لمصدر عسكري أوكراني. وفي الوقت نفسه، أٌعلن في موسكو وفي القرم عن اتفاق حكومة القرم والأسطول الروسي في البحر الأسود على أن يحرسا معاً المقار السيادية بالقرم. وتحدثت معلومات عن أن قوات روسية سيطرت على قاعدة للصواريخ بالإقليم، وذلك بعد ساعات من اتهام كييف لموسكو بإرسال 6 آلاف جندي ومروحيات إلى شرق أوكرانيا.وفي الوقت نفسه، أعلن مطارُ سيمفروبول الدولي عن إغلاق المجال الجوي وإلغاء الرحلات.وانتشر جنود في مطارات ومقار حكومية في إقليم القرم وسط غموض بشأن هويتهم، قبل أن يتأكد لاحقاً أنهم روس حسب تقارير مختلفة. وقالت تقارير صحافية إن الانتشار العسكري الروسي جاء وفقاً لخطة وضعت سلفاً بين الروس وحكومة القرم. وكان رئيس حكومة القرم أعلن عن إخضاع جميع القوات الأمنية في شبه جزيرة القرم للسلطات المحلية. وفي سياق التطورات المتسارعة شرق أوكرانيا، استولى متظاهرون على مقار حكومية في مدينة خاركيف إثر مظاهرة حاشدة مناهضة للسلطات الجديدة في كييف.وعلى صعيد ردود الفعل على التطورات في أوكرانيا، أعلن دبلوماسيون أن مجلس الأمن الدولي سيجري مشاورات ضمن جلسة مغلقة في نيويورك حول تطورات الوضع في أوكرانيا والقرم. وهذا الاجتماع الثاني الذي تتم الدعوة إليه بشكل طارئ في يومين حول هذا الملف، سيضم سفراء الدول الخمس عشرة الأعضاء في المجلس بناء على طلب بريطانيا.وحذرت الولايات المتحدة روسيا من «كلفة باهظة» لتدخل عسكري محتمل في أوكرانيا، ولوحت بمقاطعة قمة مجموعة الثماني المقرر أن تستضيفها مدينة سوتشي الروسية الصيف المقبل. وقد أبدت دول أوروبية عدة قلقاً بالغاً إزاء الوضع في شبه جزيرة القرم إثر التحركات العسكرية الروسية هناك. فقد قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن باريس تحث جميع الأطراف على الامتناع عن أي تصرفات يمكن أن تزيد من توتر الأوضاع وتؤثر على وحدة الأراضي الأوكرانية.من جهته، دعا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير روسيا إلى توضيح نياتها في ما يتعلق بإرسال قوات إلى منطقة القرم، معتبراً أن الوضع أصبح خطيراً.وفي لندن، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إنه تحدث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف ليطلب منه نزع فتيل التصعيد في القرم. وقد أعلن في بروكسل أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيعقدون اجتماعاً طارئاً جديداً بشأن أوكرانيا. واعتبر هيغ أن موافقة المجلس الاتحادي الروسي على «عمل عسكري داخل الأراضي الأوكرانية» يشكل «تهديداً قد يكون خطيراً لسيادة» البلد.