إسطنبول، أنقرة - (وكالات): قبل شهر من انتخابات محلية أساسية، يبدو رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في وضع هش أكثر من أي وقت مضى ومتهماً مباشرة في فضيحة الفساد التي تهدد حكمه بلا منازع منذ 12 عاماً. بعد تصاعد أزمة اتهام العشرات من المقربين له في عمليات فساد، عمد رجل تركيا القوي إلى الرد عبر عمليات تطهير لقوات الشرطة وحتى القضاء، عبر فرضه وبرغم الانتقادات، قوانين تدعم سيطرته على الجهاز القضائي والإنترنت. إلا أن نشر مجموعة من التسجيلات الصوتية المثيرة للجدل شكل ضربة جديدة قد تكون قاضية، لرئيس الحكومة. ويقول سنان أوغلن من «مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية» في إسطنبول «حتى وإن كان هناك بعض الشك في صحة التسجيلات، فإنها غيرت الوقائع عبر توريطها رئيس الحكومة شخصياً». وتنشغل البلاد بهذه الاتصالات التي نسبت إلى رئيس الحكومة وابنه بلال. وفي المحادثة الأولى والأكثر أهمية، يطلب أردوغان من ابنه التخلي فوراً عن ملايين الدولارات، وذلك بعد ساعتين من عملية أطلقتها الشرطة وأشعلت الأزمة. وقال أردوغان لابنه «عليك بإخراج كل ما لديك»، ليأتيه الرد «لا يزال لدينا 30 مليون يورو، لم نتمكن من حل وضعها حتى الآن». وكان لتلك المحادثة أثر مدوٍّ. وطالبت المعارضة، على غير عادة، باستقالة رئيس الحكومة فوراً ووصفته «باللص الأول». كما تحرك الشارع بشكل قوي لإدانة «الفساد المعمم» للنظام.
ودانت الحكومة في البداية ثم أردوغان نفسه «الفبركة غير الأخلاقية» وتحدثا مجدداً عن «المؤامرة» التي حاكها ضده «خونة» تقودهم الجماعة الإسلامية بزعامة الداعية فتح الله غولن الذي أصبح الآن العدو الأول للدولة.
ولكن بالنسبة إلى عدد من المراقبين، فإن السيء قد وقع فعلاً والخطاب الذي يزداد ضراوة من قبل رئيس الحكومة لا يغير شيئاً.
ويقول كرم أوكتيم من مركز الدراسات الأوروبية في جامعة أكسفورد «إذا لم يكن قادراً على تقديم توضيحات مقنعة لكل هذه الأدلة، فإن هذا المسلسل سيتحول إلى أزمة لن يكون قادراً على حلها».
وأظهرت الاستطلاعات الأخيرة تراجعاً كبيراً لشعبية أردوغان التي تأثرت أصلاً بقمع التظاهرات ضد الحكومة في يونيو 2013، وضعفاً واضحاً لحزبه حزب العدالة والتنمية.
وقد بين الاستطلاع الأخير منذ نحو شهر أن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم لن يحصل سوى على 36.3% من أصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية، مقابل 50% في 2011.
وتتوجه الأنظار إلى الانتخابات البلدية المرتقبة في 30 مارس الجاري والتي ستشكل في هذا الوضع المتوتر استفتاء على الحكومة وخاصة في ما يتعلق بمصير المدن الرمزية، مثل إسطنبول وأنقرة التي يسيطر عليها النظام والنتائج التي يحققها الحزب الحكام.
وبحسب محمد عاكف أوكور الأستاذ في جامعة غازي في أنقرة، فإن «الجناح المحافظ والقومي في حزب التنمية والعدالة غاضب جداً من رئيس الحكومة». ويضيف أنه «في حال حصل الحزب على أقل من 40 % من الأصوات، فإننا قد نشهد استقالات جماعية قد تهدد الحزب ورئيسه». ويربط البعض توقعاتهم حول مستقبل أردوغان السياسي بالانتخابات الرئاسية في أغسطس المقبل التي قد يترشح فيها، فضلاً عن ربطه بالأزمة الاقتصادية.
من جهة اخرى، صادق البرلمان التركي على قانون يقضي بإغلاق آلاف المدارس الخاصة التي يدير العديد منها الداعية الإسلامي فتح الله غولن الذي يدور خلاف شديد بينه وبين حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.
970x90
970x90