كتبت ـ عايدة البلوشي:
نظمت مبادرة «نسيم» تحت رعاية وزيرة التنمية الاجتماعية د.فاطمة البلوشي معرض «نقطة تحول» قبل يومين، روت فيها قصص 20 من الأصحاء باغتتهم الإعاقة في حوادث طارئة، وما يحدوهم من أمل وطموح لتجاوز الإعاقة رغم الصعاب.
وأشادت الوكيل المساعد للرعاية والتأهيل الاجتماعي بدرية الجيب، بجميع الجهود الخيرية الرامية لدعم واحتضان ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع، بهدف تذليل العقبات النفسية أمامهم وإلغاء حواجز تشكلت لديهم بسبب الإعاقة، وخاصة من تعرضوا لحوادث خطيرة في حياتهم سببت لهم إعاقات أو تشوهات أو أضرار جسدية منعتهم عن المشاركة بالحياة العامة.
وقالت إن مبادرة «نسيم» تؤدي دوراً مميزاً في الالتفات لهذه الفئة، ومحاولة الأخذ بأيديهم لتجاوز عائق ألم بها في ظروف طارئة وصعبة، من خلال الفن والإبداع وجوانب أخرى يتطلب العمل فيها توفر روح الابتكار، هذه الروح وجدت لتكون قادرة على رفع معنويات الإنسان المعوق ومساعدته على تحدي الصعاب وتجاوزها. وأضافت أن وزارة التنمية الاجتماعية تشجع مثل هذه المبادرات الداعمة والمساندة والمكملة لجهودها في رعاية ذوي الإعاقة وتأهيلهم ودمجهم في المجتمع، ليصبحوا أعضاء فاعلين منتجين ومشاركين في التنمية، من منطلق مبادئ برنامج الشراكة المجتمعية بين القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية.
من جانبها رحبت رئيسة مبادرة «نسيم» إيناس الفردان، بالحاضرين في حفل افتتاح معرض «نقطة تحول»، وقالت «لنا الفخر أن يكون محوره أبطالاً لم توقفهم الإعاقة الناجمة عن حوادثٍ عارضة في حياتهم، عن مواصلة الدرب وتحقيق الإنجازات العظيمة».
وأعربت عن سعادتها أن يكون معرض «نقطة تحول» نقطة البداية وأولى نتاجات مبادرة نسيم، بعد أن انطلقت فكرتها سبتمبر الماضي وزاوجت بين هدفين ساميين، إيصال صوت الفئات المحرومة والمتعثرة للمجتمع للتخفيف من آلامها وبث الأمل فيها، وإعطاء الشباب فرصة ذهبية لصقل مواهبهم وتوظيفها في مساعدة من هم بأمس الحاجة للدعم المعنوي قبل المادي.
وأضافت «ما ترونه اليوم من أعمال فنية مختلفة من لوحات رسم وخط وصور فوتوغرافية وكاريكاتير وقصص قصيرة وموسيقى وفيلم قصير وغيرها، جميعها مستوحى من قصص 20 حالة مذهلة وملهمة واجهوا الإعاقة بكل شجاعة، من بعد حوادث طارئة وخطيرة شكلت لهم نقطة تحول هي الكبرى في حياتهم، ما ترونه اليوم نتاج جهد وعمل متواصل دام 5 أشهر، كان وراءه مجموعة تقارب 50 متطوعاً بين فنانين مشاركين ومنظمين وإداريين».
وخاطبت الحالات العشرين بالقول «إنكم ملهمون فعلاً، تجربتكم علمتكم الكثير وأبرزت فيكم الكثير، ونحن تعلمنا منكم أنتم المعنى الحقيقي للإصرار والعزيمة والتحدي والأمل، تعلمنا منكم شكر النعمة، كل نعمة، صغيرة كانت أم كبيرة، تعلمنا منكم الإيمان بالله وبقدرتنا أن الإرادة هي أساس تحقيق أي شيء في الحياة، أنتم بالفعل مفخرة وقدوة لجميع الناس». وتوجهت إلى ذوي حالات نسيم «إنكم رمز التضحية والإيثار والصمود، وقوفكم بجانب أبنائكم وبناتكم وإخوانكم وأخواتكم وأقاربكم من ذوي الإعاقة الناجمة عن حادث عرضي، كان له الأثر الكبير في تحسن وضعهم الصحي والنفسي وتعافي الكثير منهم، شاهدت بنفسي كيف أن الأخ يحمل أخته من على الكرسي المتحرك ليدخلها السيارة، ورأيت كيف يحمل الأب والأم أبناءهما للحمام، وشاهدت الزوجة تهتم بزوجها المعوق ولا تتخلى عنه.. يعجز اللسان عما جسدتموه من عطاء وحب». وقالت للفنانين المشاركين بنسيم «إيمانكم بهذه القضية وتطوعكم بفنكم وبوقتكم وبجهدكم هو شيء نبيل، بفنكم الراقي أدخلتم السرور والفرحة لقلوب لفئة تستحق كل الاحترام ولقلوب ذويهم، أنتم تبثون الأمل وتبعثون رسائل تلامس القلوب وتحاكي العقول، ولمتطوعي فرق نسيم الأخرى، شكر من القلب على جهودكم الجبارة لتنظيم وإخراج المعرض». وأردفت «نفخر أن تكون البحرين من ضمن الدول الموقعة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المعتمدة في ديسمبر 2006 بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، ويشرفنا أيضاً أن نرى مجموعة من البرامج والتسهيلات الخاصة المقدمة لهؤلاء من قبل البحرين، لتمكينهم من المشاركة الفاعلة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين».
ونقلت الفردان أبرز الهموم ومشكلات هذه الفئة رغم التسهيلات المقدمة، منها الحصول على وظيفة لائقة، وقالت «رغم وجود مركز خدمات المعوقين (لست وحدك) وإسهامه في توفير فرص عمل لذوي الإعاقات، إلا أن حملة الشهادات العليا من البكالوريوس والماجستير بالتحديد، لازالوا يعانون من عدم إيجاد وظيفة تتناسب مع مؤهلاتهم، ومن هنا نناشد وزارتي التنمية والعمل للتعاون مع أصحاب الشركات والمؤسسات بالنظر لهذه المشكلة وطرح حلول عملية لها».
وثمنت جهود رعاية المشروعات الاقتصادية لذوي الإعاقة مثل برنامج «دانات» الذي يساعد ذوي الإعاقة على فتح أكشاك للبيع، مستدركة «إلا أن هناك مجموعة من ذوي الإعاقة بحاجة ماسة إلى برامج أخرى لتأسيس مشروعاتهم الصغيرة المختلفة، عبر توفير قروض بشروط ميسرة جداً دون أي معوقات أو إجراءات طويلة، والحصول على الرعاية الطبية اللازمة، إذ يعاني بعض ذوي الإعاقات الحركية وخاصة المصابين بشلل نصفي أو رباعي، من عدم الحصول على الأدوات الصحية الاستهلاكية اللازمة من المراكز والمستشفيات الحكومية بشكل كاف وبالجودة المطلوبة». وقالت إن هؤلاء يضطرون لشراء هذه المستلزمات من الصيدليات، ما يشكل ضغطاً مادياً عليهم نظراً لغلاء هذه الأدوات، أو انتظار الحصول على تبرعات من الدخل أو الخارج أحياناً، متمنية على وزارة التنمية التنسيق مع وزارة الصحة لتوفير هذه الأدوات مجاناً أو بأسعار رمزية. وأردفت «هناك العديد من ذوي الإعاقة تعقدت حالتهم بسبب أخطاء طبية حصلت في بلادهم، يكتشفوها عندما يسافرون للعلاج بالخارج، وفي أحيان أخرى، الأخطاء الطبية هي المسبب للإعاقة».
ودعت أعضاء مجلسي الشورى والنواب إلى سن قوانين واضحة وصارمة يتم فيها محاسبة من تسبب بالأخطاء الطبية كي لا تتكرر المسألة، وقالت «رغم أن البحرين تقدم معونات شهرية للمعوقين، إلا أن الدعم لا يكون كافياً دائماً خاصة للأسر الفقيرة، فمثلاً بعض الحالات لا يستطيع الشخص من ذوي الإعاقة تلقي العلاج الطبيعي باعتباره مكلفاً جداً، والعلاج في المراكز والمستشفيات الحكومية محدود وأقل تطوراً وفاعلية». ودعت الفردان، وزارة التنمية بالتعاون مع وزارة الصحة إلى النظر في مشروع التعاون مع مراكز العلاج الطبيعي المتخصصة لإعطاء أسعار مخفضة جداً لذوي الإعاقات الحركية، خاصة وأن العلاج الطبيعي لهذه الفئة يستمر لشهور وسنين. وأثنت على جهود وزارة التنمية لمنحها بطاقة تخفيض لذوي الإعاقات، متمنية توسعة المشروع ليشمل أكبر عدد ممكن من المحلات التجارية والخدمات المختلفة. واختتمت برسالة شكر لرعاة مبادرة نسيم، السفارة الأمريكية وكتلة تضامن، لإيمانهم بالمبادرة، وتوجهت بالشكر الخاص لوزيرة التنمية الاجتماعية لرعايتها الحفل ومساعيها في خدمة فئة ذوي الإعاقة.
وتضمن الحفل الافتتاحي لمعرض «نقطة تحول»، عرضاً لمختلف الأعمال الفنية من فيلم قصير تحت اسم «عبور» بمشاركة الفنانة مريم زيمان والفنان يوسف بوهلول، ولوحات رسم وصور فوتوغرافية وخطوط عربية وكاريكاتير وغيرها على يد فريق متطوع من الفنانين البحرينيين.