عواصم - (وكالات): لوّحت واشنطن بعقوبات على روسيا تشمل طردها من مجموعة الثماني لـ «غزوها» أراضي أوكرانيا، فيما تصاعدت التحذيرات الغربية من تدخل عسكري روسي. وجاء التصعيد الدبلوماسي المدعوم من بريطانيا ودول أوروبية أخرى بعدما استنفرت أوكرانيا قواتها في مواجهة التحركات العسكرية الروسية بإقليم القرم الذي يخطط للانفصال. وبدت أوكرانيا «على شفير الكارثة» واتهمت روسيا بـ «إعلان الحرب» عليها مع فقدان سيطرتها سريعاً على شبه جزيرة القرم.
من جهته، دعا حلف شمال الأطلسي كييف وموسكو إلى حل سلمي للأزمة عبر الحوار ونشر مراقبين دوليين، وفقاً للأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن
كما اتهم الحلف روسيا بـ«تهديد السلم في أوروبا» داعياً موسكو إلى «وقف أنشطتها العسكرية وتهديداتها» لكييف. وانسحبت واشنطن ولندن وفرنسا من الاجتماعات التحضيرية لقمة «الثماني» والتي من المقرر أن تعقد في يونيو المقبل في منتجع سوتشي الروسي. واستدعت دول أوروبية سفراء روسيا احتجاجاً على عزمها التدخل العسكري في أوكرانيا، كما استدعت دول أخرى سفراءها من موسكو للتشاور احتجاجاً على الأمر نفسه.
وأعلن قائد سلاح البحرية الأوكرانية الأميرال دنيس بيريزوفسكي ولاءه للسلطات الموالية للروس في شبه جزيرة القرم، وذلك في مؤتمر صحافي عقده في مقر قيادة أركان الأسطول الروسي في سيباستوبول.
وقال رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك إثر توعد روسيا بالتدخل عسكرياً في أراضي بلاده «إذا أراد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يكون الرئيس الذي بدأ حرباً بين بلدين جارين وصديقين، فإنه على وشك تحقيق هدفه. نحن على شفير كارثة». وأضاف متحدثاً بالإنجليزية لإسماع ندائه بوضوح للغرب «إنه الإنذار الأحمر، هذا ليس تهديداً، إنه في الواقع إعلان حرب على بلادي». من جهته، كرر الرئيس الأوكراني الانتقالي ألكسندر تورتشينوف أن كييف تأمل في التوصل إلى حل «سلمي» للأزمة. لكن مسؤولاً كبيراً أعلن تعبئة جنود الاحتياط الأوكرانيين بهدف ضمان «أمن الأراضي وسلامتها». وفي كييف، تجمع نحو 50 ألف شخص في ساحة الميدان. وهتف هؤلاء مخاطبين روسيا «لن نستسلم»، فيما حمل بعضهم لافتات تحمل شعارات مناهضة للرئيس الروسي. وخاطب الرئيس الجورجي السابق الموالي للغرب ميخائيل ساكاشفيلي الحشد من على المنصة قائلاً «لقد تدخل بوتين في بلادكم، هذا ليس دليل قوة بل دليل احتضار».
وأثار توعد موسكو بالتدخل عسكرياً في أوكرانيا موجة رفض دولية. وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن قبل بدء اجتماع أزمة لأعضاء الحلف في بروكسل «ما تقوم به روسيا في أوكرانيا ينتهك مبادىء شرعة الأمم المتحدة. هذا الأمر يهدد السلم والأمن في أوروبا». وأضاف «على روسيا أن توقف أنشطتها العسكرية وتهديداتها». وأعلنت دول أوروبية عدة استدعاء سفرائها في روسيا فيما علقت فرنسا وبريطانيا مشاركتهما في التحضيرات لقمة مجموعة الثماني المقررة في مدينة سوتشي الروسية في يونيو المقبل. وحذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري روسيا بأنها قد تخسر عضويتها في مجموعة الدول الثماني للدول المتقدمة بسبب إرسالها قوات إلى منطقة القرم، ملوحاً بعقوبات اقتصادية بحقها. وحذر كيري بوتين من أنه قد يخسر «انعقاد قمة مجموعة الثماني في سوتشي، وقد لا يبقى حتى في مجموعة الثماني إذا استمر ذلك. وقد يجد نفسه وقد جمدت أرصدة الشركات الروسية، وقد تنسحب الشركات الأمريكية، وقد يتعرض الروبل إلى مزيد من الانخفاض». وأضاف كيري أن «الثمن سيكون غالياً، روسيا معزولة، وهذا ليس موقف قوة».
بدوره، حذر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير موسكو من أي تدخل عسكري في أوكرانيا، وحملها مسؤولية أي انقسام جديد لأوروبا الذي اعتبر أنه «لا يزال من الممكن تفاديه». ودعا رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك الغربيين إلى ممارسة «ضغط حازم» على روسيا و»التشدد» في التعاطي مع تهديداتها لأوكرانيا.
وسيصل إلى كييف وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ونظيره اليوناني ايفانغيلوس فينيزيلوس الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
وطالبت الولايات المتحدة روسيا بأن تسحب قواتها المنتشرة في شبه جزيرة القرم لئلا تتعرض لعزلة دولية.
وفي مكالمة هاتفية استمرت 90 دقيقة، أكد الرئيس باراك أوباما لنظيره الروسي فلاديمير بوتين أنه انتهك القانون الدولي عبر نشره جنوداً روساً في القرم بجنوب أوكرانيا، وحضه على التعبير في شكل سلمي أمام سلطات كييف عن قلقه حيال كيفية التعامل مع الناطقين بالروسية في البلاد، وفق ما أعلن البيت الأبيض في بيان.
وأبلغ أوباما بوتين أن التحركات العسكرية الروسية هي «انتهاك واضح لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، ما يشكل تجاوزاً للقانون الدولي وما يتضمنه من موجبات لروسيا بموجب شرعة الأمم المتحدة «، مؤكداً أن «الولايات المتحدة تدين التدخل الروسي في الأراضي الأوكرانية».
وأضاف الرئيس الأمريكي أن «الولايات المتحدة تدعو روسيا إلى خفض التوتر عبر سحب قواتها إلى داخل قواعدها في القرم والامتناع عن أي تدخل في منطقة أخرى من أوكرانيا». وأبدى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حزماً أكبر، منتقداً «الاجتياح والاحتلال» الروسي لأوكرانيا، الأمر الذي يهدد «السلام والأمن» في المنطقة.
من جهته، دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى القيام بـ «وساطة» في اأرب وقت.
ولم ترد روسيا بشكل مباشر على هذه الاتهامات، لكنها بدأت حرباً إعلامية عبر دعوات أطلقتها وسائل الإعلام العامة إلى الوحدة الوطنية في وجه «الفاشيين الذين استولوا على السلطة في كييف».
وبثت وكالات الأنباء الروسية معلومات مفادها أن عدداً كبيراً من الجنود الأوكرانيين في القرم فروا من وحداتهم التي باتت تدريجياً تحت سيطرة قوات الدفاع الذاتي الموالية لروسيا التي تعمل على توفير النظام في المنطقة. لكن هذه المعلومات غير الواضحة نفتها وزارة الدفاع الأوكرانية. ولكن بدا أن التوتر يتصاعد في القرم بين الجانبين رغم عدم تسجيل أي مواجهات. وأعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية أن نحو ألف مسلح يغلقون مدخل مقر وحدة لخفر السواحل الأوكرانيين في بيريفالني قرب سيمفيروبول، كبرى مدن القرم، وذلك بهدف إجبارهم على تسليم أسلحتهم.
وأوضح الرئيس الانتقالي تورتشينوف أن ضابطاً روسياً أمهل الجنود الأوكرانيين في القرم لتسليم الأسلحة، لكنهم رفضوا ذلك. وذكرت وسيلة إعلامية محلية أن نحو 400 عنصر من البحرية الأوكرانية كانوا محاصرين داخل قاعدتهم في ميناء فيودوسيا الذي يبعد 200 كلم من العاصمة سيمفيروبول، وذلك من جانب جنود روس طالبوهم أيضاً بالاستسلام. وفي عاصمة القرم، كانت الشوارع المؤدية إلى وسط المدينة مقطوعة فيما توارى المسلحون الذين كانوا استولوا على مبنى البرلمان الخميس الماضي، لكنهم بقوا قرب مبنى الحكومة المحلية الذي رفع عليه العلم الروسي. في المقابل، اعتقلت شرطة موسكو مئات الأشخاص أثناء مشاركتهم في تظاهرة مناوئة للتدخل العسكري في أوكرانيا، بحسب ما أفادت جماعة حقوقية.