رأى مراقبون ومحللون أن «الخطوة المشتركة للسعودية والإمارات والبحرين ضد قطر بسحب سفرائها تعبر عن نفاد صبر الدول الثلاث من الدوحة، ما يجعلها تواجه العزلة الخليجية».
وتتلخص ملاحظات الدول الثلاث لقطر في هجوم قناة «الجزيرة على الدول الخليجية من على الأراضي القطرية، بالإضافة إلى ما يتردد عن علاقة قطر بجماعة «الإخوان المسلمين»، وعودة علاقاتها مع «حزب الله» الشيعي اللبناني، ودعمها المتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن، و»جبهة النصرة» المؤيدة لتنظيم «القاعدة» في سوريا.
وملخص القصة في ما تقوله الرياض وأبوظبي والمنامة عن سلوك الدوحة المعادي لها يعود بسبب تدخل قطر المستمر في الشؤون الداخلية لدول المجلس، حيث أصبحت أراضيها ملجأ للأشخاص الذين يهاجمون نظام الحكم في السعودية والإمارات، آخرهم الدكتور يوسف القرضاوي، الأب الروحي لإخوان العالم، والذي تعدى على سيادة الإمارات، فردت قطر على استنكار الإمارات عليه، ببث خطبه على قنواتها الرسمية.
وأشار موقع الإذاعة والتلفزيون المصري إلى أن قرار السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائها من الدوحة نتيجة لدعم قطر لـ»جماعة الإخوان» وتأخرها في تنفيذ الملاحظات الخليجية لتغيير نهجها السياسي.
ومن بين ما تردد هو وجود بعض المنظمات بقطر والتي انتهجت منحى تصعيدي ضد البحرين ودول الخليج، فضلاً عن منظمة «أكاديمية التغيير» التي تعنى بالتدريب حول إثارة «الفوضى الخلاقة» وهي موجودة بالفعل في الدوحة، ويترأسها د. هشام مرسي، زوج بنت الشيخ القرضاوي.
وتتهم كل من الدول الثلاث، قطر بالعمل على تهديد الاستقرار السياسي والأمني لدول الخليج، عبر تقديم الدعم المالي واللوجستي لجماعة الحوثيين في اليمن، التي تتمركز على مشارف الحدود السعودية، إضافة إلى استقطاب ودعم الرموز الإخوانية في السعودية.
ووفق اتهام السعودية والإمارات والبحرين، فالمال القطري، هدد أمن المنطقة ككل، من خلال التقارير التي تحدثت عن دعمها لجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، ونشاطات الإخوان ضد الدولة المصرية، ما يمثل مصدر تهديد لدول الخليج.
وبلغت الاتهامات دعم الإعلام المعادي للسعودية والإمارات، بتحويل مؤسسات قطرية إلى منابر تهاجمها، خاصة في ما يخص الوضع في مصر، وأغدقت الأموال على الرموز التي تعارض نظام الحكم في هذه البلدان، كما إنها وظفت المال السياسي وشركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة والغرب للنيل من مصالح السعودية والإمارات، والعمل على دعم كل ما يضر بمصالح جيرانها، كما تشير التقارير.
وذكر خبراء أن القرار الثلاثي جاء بعد المهلة التي منحتها الدول الخليجية للدوحة لتغيير قطر لنهجها السياسي.
وقد أشارت مصادر إعلامية إلى أنه من غير المستبعد أن تكون هناك خطوات أخرى بعد سحب السفراء.
وفي هذا السياق، قال الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبدالله إن الدول الثلاث «فقدت الأمل في أي تغيير في نهج قطر ما أدى إلى كثير من الاستياء».
وقال عبدلله إن الرياض والمنامة وأبو ظبي ترى ضرورة «ممارسة ضغوطات على قطر وعزلها آملاً أن يدفع ذلك إلى تغيير نهجها الذي لم يعد مقبولاً لا عربياً ولا خليجياً».
من جانبه، اعتبر البرلماني المصري السابق عبد الله المغازي أن الموقف الخليجي ليس وليد الصدفة بل جاء انعكاساً لسياسات قطر تجاه مصر.
وقال المحلل السياسي طارق فهمي إن كافة التحذيرات والمفاوضات السرية مع الجانب القطري باءت بالفشل، ولم تفهم الدوائر في الدوحة الرسائل المباشرة الموجهة لها.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبد العزيز وحيد هاشم إن خطوة سحب السفراء من قطر ليست مستغربة، معتبراً أنها ستفرض عزلة على قطر في المنطقة.
وأضاف هاشم أن هناك الكثير من التناقضات بين المواقف القطرية ومواقف دول مجلس التعاون، وهذا ما جعل الدوحة تغرد خارج السرب الخليجي، على حد قوله.
وبعيدًا عن الخليج، يرى المراقبون إن السياسة التي انتهجتها قطر في الأزمة السورية خرجت عن الإجماع الخليجي، في تقديم كل الدعم الممكن للشعب السوري، ليتخلص من نظام بشار الأسد. فالسعودية والإمارات تتهمان قطر بتمويل المجموعات الجهادية المرتبطة بالقاعدة، لكي تكون رهن إشارتها السياسية والميدانية، تستثمرها متى تريد لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية في أي تفاوض على السلام في سوريا مستقبليًا.