أكد علماء وشيوخ دين أن «قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وترويع الآمنين، وقطع الطرق، وحرق الإطارات، وتعطيل مصالح البشر، واستخدام العنف عبر القنابل الحارقة، وزجاجات المولوتوف ضد المدنيين ورجال الأمن، من كبائر الذنوب التي أجمع عليها فقهاء المسلمين»، مشددين على أن «الذين يقتلون ويفسدون في الأرض القصاص منهم واجب، طبقاً لحد الحرابة، ولا يحكم به ولا يقيمه آحاد الناس، بل ولاة الأمر».
وأوضح العلماء أن «للفتنة رؤوساً تسجر نارها، والمحرضون على القتل جرمهم ربما يكون أكبرمن جهل الجاهلين وإفساد القاتلين، فليس ثمة فرق بين مثير العنف والقابل بالفعل بل قد يتحمل الأخير وزر الفاعل وأكثر»، لافتين إلى أن «شريعة الإسلام عبرت عن ذلك في قوله الله تعالى في كتابه الكريم: «إنما جزاء الذينَ يحاربونَ الله وَرَسولهُ وَيسعونَ في الأرْض فساداً أَن يقتلوا أَوْ يصلبوا أَوْ تقطع أَيديهمْ وأَرْجلهم منْ خلافٍ أَوْ ينفوْا منَ الأرْضِ ذلكَ لهمْ خزْيٌ في الدنيا ولهمْ في الآخرة عذاب عظيم»، وعبر الفقهاء عن هذا الباب بالتسمية بباب «الحرابة»».
ونوهوا «بضرورة دعوة الشباب المغرر بهم إلى التوبة والرجوع عن تلك الأفعال، فإن أصروا على أعمالهم فلا رحمة معهم»، مضيفين أن «الإسلام قدم الرفق على الشدة والمغفرةَ على العذاب والرحمةَ على الغضب».
من جانبه، قال الشيخ خالد السعدون إن «في القصاص من القتلة حياة وليس موت، قال الله تعالى في كتابه الكريم: «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون»، فمن وقف عند هذه الآية وجد عندها حياةً للقلوب، فضلاً عن حياة الأبدان والشعوب، ذلك بأن الله تعالى ذكر الحياة هنا نكرةً في سياق الامتنان والتفضل على عباده، والنكرة في العربية تكون بحسب سياقها، فإن كانت في سياق التقبيح والتحقير أفادته، وإن كانت في سياق التعظيم فكذلك تُفيده، فمثلاً في شأن اليهود والمشركين قال تعالى: «وَلتجدَنهمْ أَحرصَ الناسِ على حياةٍ» فحياتهم التي عليها يحرصون ذكرها ربنا منكراً لها في سياق الذمِّ، فعلم أنهم متعلقون بأيِّ حياة ولو كانت ذلةً وهواناً، وأما الحياة التي رتبها ربنا على القصاص فهي حياة العزِّ والرِّفعة والعدل والأمن، لأن الله امتنَّ بها على عباده، وهو لا يمتنُّ إلا بكريم رفيع، لا هينٍ ولا وضيع، وهذه الحياةُ معلقة بوقوع القصاص فإن وقع وقعت، وإلا ارتفعت، إذِ الحياة الكريمة لا تكون إلا بالقصاص، وهذا الفهم منطوقٌ، وهو أنَّ الله تعالى رتب حياة الشعوب وأمنها على القصاص، وأما مفهومُ الآية الذي دلت عليه تلميحاً لا تصريحاً، فهو أن ترك القصاص يأتي بالموت والشرور، وهذا ما يبغيه أهل الفجور». وأضاف الشيخ السعدون أن «القصاص لا يحكمُ به ولا يقيمه آحاد الناس بل ولاة الأمر هم الذي عليه يسعون، وبه إن شاء الله يعدلون، ثم ليعلمْ أنَّ للفتنة رؤوساً تسجر نارها، وهؤلاء لعلَّ جرمهم أكبرُ من جهل الجاهلين وإفساد القاتلين، قال تعالى: «والفتنة أشد من القتل»، وقال تعالى: «والفتنة أكبر من القتل»، فهؤلاء يفتنون الجاهلين بفتاوى التكفير والتنفير، ويزينون لهم قتل الأبرياء، ومن ثم فلا عجب أنْ يقتدي بهم الصغار سناً أو عقلاً من السفهاء، وأما التذكير: فالفتنة إذا وقعت فالعصمةُ منها ليست بالحماس ولا بالصياح، بل بالوقوف عند أمرِ الشرع، وأمرُ الشرع قد حكم به رسول الله فقال حين وقوع الفتنة: «أوصيكمْ بتقوَى اللهِ، وَالسمع وَالطاعةِ، وَإِنْ كانَ عبداً حبشياً، فإنهُ منْ يعشْ منكمْ بعدي فسيرَى اختلافاً كثيراً، فعليكمْ بسنتي وَسنةِ الخلفاءِ الرَّاشدِينَ المهدِيينَ من بعدي، تمسكوا بها، وَعضوا عليها بِالنواجذِ، وَإِياكمْ وَمحدَثاتِ الأمور، فإِنَّ كلَّ محدَثةٍ بدْعة وَكلَّ بدْعةٍ ضلالة».
وأوضح الشيخ السعدون «حين الفتنة ثمة عواصم، منها، تجريد التوحيد لربِّ العبيد، والتمسك بالسنة، وهذا يستلزم محاربة البدعة، والتواصي بالحق والصبر، وطاعة ولاة الأمر، والاجتماع عليهم، والحرص على النصيحة لا الفضيحة، فالدين النصيحة، ومن طاعة ولاة الأمر ألا ننصب أنفسنا حكاماً وقضاةً، وألا نستعجل ما نظنه خيراً، ولو رأينا ما نظنه شرَّاً، فالخيرُ في بلادنا كثير، والناصحون الغيارى كثيرون».
وفي هذا الصدد يرى العلماء أن «التعدي على الآخرين مهلكةٌ وممحقةٌ للرزق، ومضيعةٌ للأمن والإيمان، ومن يقوم بتلك الأعمال هو محارب لله وللرسول ولجماعة المسلمين، وفي تلك الحالة فإن الدولة تتكفل بردعه، وبالتالي لابد من عدم التهاون مع الرافضين للتوبة والمستكبرين والمصرين على التحريض والعنف».
من جانبه، قال الشيخ الدكتور زغلول النجار إن «من يقوم بقطع الطرق محارب لله ولرسوله ولجماعة المسلمين‏، سواء كان فرداً أو جماعة‏، ‏مسلحاً أو غير مسلح، ما دام مكلفاً ملزماً، وثبتت عليه الجريمة ثبوتاً لا يرقى إليه شك وكل من يعين هذا المحارب بأي شكل من الأشكال من مثل التحريض‏ أو الاتفاق‏ أو الرصد أو الإيواء أو غير ذلك من صور العون يعتبر عند كثير من الفقهاء شريكاً له في الجريمة‏، ويحمل وزرها».
من جهته، قال الداعية الشيخ محمد حسان إنه «بتطبيق حد الحرابة يعود الأمن والاستقرار للبلاد، فذلك يقطع دابر الفساد»، لكنه شدد على ضرورة «تهيئة العقول والقلوب لتطبيق حد الحرابة»، مؤكداً أن «الله ما شرع ذلك الحد إلا ليسعد الناس في الدنيا قبل الآخرة، فلو أقيم هذا الحد على أفراد وقلة من الخارجين على القانون، سوف ينصلح حال المجتمع كله، ولابد من اللجوء إلى قوة القانون، للقضاء على قانون القوة».