عواصم - (وكالات): أكد محللون وخبراء أن «دول مجلس التعاون التي سحبت سفراءها من الدوحة تريد أن تضع حداً لمشاغبة قطر، إذ تتهمها بدعم منظمات معادية لتلك الدول في الداخل والخارج، خاصة مجموعات شيعية شيرازية متهمة بالإرهاب في البحرين، إضافة إلى جماعة «الإخوان المسلمين»»، مشيرين إلى أن «علاقة الدوحة بإيران و»حزب الله» الشيعي اللبناني سوف يخرجها من منظومة دول مجلس التعاون». ورأى المحللون أن انفجار الخلاف الخليجي والخطوة غير المسبوقة التي اتخذتها السعودية والإمارات والبحرين بحق قطر أتى بعد مسار طويل من الخلافات والوساطات التي باءت بالفشل، موضحين أن «قرار سحب السفراء يشكل مقدمة لإخراج قطر من مجلس التعاون الخليجي». وأكدت الدول الثلاث أن قطر لم تلتزم باتفاق توصلت إليه الدول الخليجية في نوفمبر الماضي ينص خصوصاً على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء وعدم دعم الإعلام المعادي لأي دولة في مجلس التعاون. وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي السعودي ورئيس مركز الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن صقر أن «الخلاف يكمن في موقف قطر من بعض الجماعات التي تعتبرها الدول الخليجية إرهابية» مؤكداً أن «دول الخليج لن تقبل باستمرار سياسة قطر كما هي».
وعن هذه الجماعات، أشار بن صقر إلى الإخوان المسلمين في الدرجة الأولى، فقطر وجدت في دعم الإسلام السياسي في أعقاب الربيع العربي فرصة لتوسيع دورها ونفوذها. كما أشار أيضاً إلى مجموعات أخرى لم تنفذ قطر اتفاقات خليجية لمواجهتها، ومنها «حزب الله» الشيعي اللبناني و»مجموعات شيعية شيرازية في البحرين» متهمة بممارسة الإرهاب، إضافة إلى «الحوثيين» في اليمن. أما في الداخل، فتعتبر الدول الثلاث أن قطر تحتضن معارضين و»تقوم بتجنيس أشخاص غير مرغوب بهم» في دول الخليج. واستدعت الإمارات مؤخراً سفير قطر احتجاجاً على تصريحات للداعية المصري القطري يوسف القرضاوي المقيم في قطر والذي يعد من أبرز المرشدين الروحيين لتنظيم الإخوان المسلمين. وفي نفس الوقت، تستمر قناة الجزيرة بتقديم منبر للإخوان المسلمين ولمعارضي الإدارة المصرية الجديدة التي يتزعمها المشير عبدالفتاح السيسي. وبعد أن أوشكت العلاقات الخليجية على الانفجار قبل أشهر، تدخل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وتوسط لعقد قمة سعودية قطرية كويتية في الرياض في نوفمبر الماضي وقع خلالها أمير قطر على الاتفاق الذي يؤكد عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء. وفي 17 فبراير الماضي، عقد أمير قطر اجتماعاً مع أمير الكويت في الكويت بحضور وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، وتم الاتفاق على وضع آلية لتنفيذ اتفاق الرياض. إلا أن المسار وصل إلى حائط مسدود الثلاثاء الماضي وفي اليوم التالي أعلنت السعودية والإمارات والبحرين سحب السفراء من الدوحة.
وذكرت صحيفة الخليج الإماراتية أنه طلب من قطر «عدم احتضان المعارضات الخليجية» و»عدم دعم الإخوان المسلمين» و»عدم دعم الحوثيين في اليمن»، وقد وعدت قطر بتطبيق هذه الطلبات إلا أنها «أخلت» بوعدها.
وفيما أكدت قطر أنها لن تسحب سفراءها من الدول الثلاث نافية الاتهامات التي وجهتها إليها هذه الدول، اعتبرت المحللة السياسية الإماراتية ابتسام الكتبي أن هذا الرد يدل على أن الدوحة «لا تأخذ على محمل الجد» الخطوة الخليجية. ويمكن أن تتجه الأمور نحو التهدئة إذا ما عاد أمير الكويت على خط الوساطة، إلا أن الأمير متواجد في الولايات المتحدة لتلقي العلاج بعد خضوعه لعملية جراحية. ولكن التصعيد وارد أيضاً بحسب الكتبي وبن صقر.
وقالت الكتبي إن «سحب السفراء هو خطوة أولى وستنتظر الدول الثلاث تطور السياسة القطرية». وبشأن مستقبل مجلس التعاون الخليجي، قالت الكتبي إن «الخلافات كانت موجودة في الماضي ومجلس التعاون الخليجي سيستمر». أما بن صقر فاعتبر أن «مجلس التعاون قد يتغير شكله ويقل عدد أعضائه، لكنه سيستمر». ورأى الخبراء أن «دعم الدوحة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس وسوريا إضافة إلى العلاقات والتقارب مع تركيا كان السبب في إشعال الأزمة على الرغم من أن الدوحة تدرك أن دول مجلس التعاون لا تؤيد الإخوان ومشاريعهم السياسية في المنطقة العربية والإقليم عمومًا».
واعتبر الخبراء أن «عودة الدوحة في مد خطوط التواصل مع «حزب الله» الشيعي في لبنان في الوقت الذي يزداد حجم مشاركته في الحرب السورية إلى جانب النظام، شكل أزمة أخرى، حيث تتصرف قطر عكس مصالح دول الخليج، وتبدو قطر وكأنها تغرد خارج السرب الخليجي، وتبدو في موقع المعارض أو المعاكس لدول مجلس التعاون وتصورها لحل الأزمة السورية وبقية الأزمات الإقليمية».
من جهة أخرى، رأى محللون وخبراء اقتصاديون أن الأزمة الخليجية الأخيرة ربما تؤدي إلى تعطيل استثمارات بمليارات الدولارات في المنطقة ويبطئ مساعي لتحسين كفاءة اقتصاداتها من خلال إصلاحات في قطاعي التجارة والنقل. وتعافت بورصة قطر وقادت مكاسب معظم أسواق الأسهم في المنطقة بعدما أبدت الحكومة القطرية نزعة تصالحية في النزاع الدبلوماسي مع الدول الثلاث.
في المقابل، قالت مصادر مقربة من الحكومة إن قطر لن ترضخ لمطالب دول الخليج الثلاث لتغيير سياستها الخارجية. وقد ردت الصحافة القطرية التي تعكس عموماً الرأي الرسمي، بقوة على الخطوة التي اتخذتها الدول الثلاث بسحب سفرائها من الدوحة، مشددة على سيادة قطر وحقها بأن يكون لها سياسة مختلفة. من جانبها، قالت مصر إن سفيرها في قطر الذي استدعي إلى القاهرة الشهر الماضي لن يعود إلى الدوحة في الوقت الراهن.
وفي اليمن، دعا الوجيه القبلي والبرلماني، الشيخ محمد الشايف، رئيس بلاده، عبد ربه منصور هادي إلى مقاطعة قطر، وسحب السفير اليمني في الدوحة على غرار ما قامت به بعض دول الخليج، معتبراً أن قطر وراء التحالف مع الجماعات الإرهابية ونشر الفوضى في اليمن.