لعل "كوكب الشرق"، السيدة أم كلثوم، لم تكن تعي إلى أين سيؤول مصير سيارتها. فالعربة التي طالما اعتادت الذهاب بها إلى الحفلات والسهرات، جار عليها الدهر فتحولت إلى مكب للنفايات. القصة بدأت قبل سنوات في منطقة وسط البلد في العاصمة المصرية القاهرة. فخلف دار القضاء العالي، منظر السيارة ملفت للنظر، خاصة وأنها من طراز "كاديلاك"، لذلك حاولت "العربية.نت" استقصاء الأمر. أما المفاجأة فكانت أن السيارة أثرية وتعود فعلاً إلى السيدة أم كلثوم، ومن وضعها في هذا المكان هو تاجر أكسسوارات سيارات. ثم تولى الزمان تغيير ملامحها لتصبح مكباً للنفايات.

تبدل الأحوال وجور الزمان
على مقربة من السيارة، يجلس عامل موقف السيارات. سألناه عنها فأكد رجوع ملكيتها إلى السيدة أم كلثوم، ثم أخبرنا عن مالكها الحالي، وهو السيد خالد بطاح مالك أحد معارض إكسسوارات السيارات. والأخير أكد بدوره في بداية حديثه لـ "العربية.نت" أن السيارة بالفعل كانت تمتلكها "الست"، مثلها مثل المقهى الذي كانت تملكه في منطقة وسط البلد قبل أن تبيعه. أما عن الحال المزري الذي وصلت إليه السيارة، فأشار إلى أنه كان يستعملها قبل الثورة ويقودها، خاصة وأنها أثرية الطراز والاستخدام، وكان لها رونق خاص - بحسب تعبيره- كما أنه يركنها أمام المعرض الخاص به. لكن اعتراض سكان الحي، اضطره إلى ايقافها في ساحة دار القضاء العالي، وعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير وتبدل الأحوال لم يعد يستقلها أو يستعملها، فتحولت بالتالي إلى "مقلب للقمامة". إلا أنه أكد أنه أمر بتنظيفها، بعد أن اعتاد الأطفال على إلقاء القمامة والأوراق داخلها.

رغبة في التبرع
إلى ذلك، أعلن بطاح عبر "العربية.نت" رغبته في وضعها داخل أحد المتاحف الخاصة بالدولة، لا سيما وأنها من المقتنيات الأثرية. وأضاف أنه يرغب بمنح محبي "كوكب الشرق" فرصة مشاهدة سيارتها الأثرية، بدلاً من أن يكون مصيرها الرمي في ساحة دار القضاء. من جهة أخرى، أكد خالد بطاح أنه يمتلك أيضا سيارة الراحل عبد السلام النابلسي التي استخدمها في أحد الأفلام التي أدى بطولتها، لكنه ركنها في منطقة قصر العيني، مشيرا إلى أنه من هواة جمع الأشياء الأثرية، لكن هذه الرغبة توقفت عقب الثورة المصرية، خاصة مع ركود الأحوال على جميع المستويات.
متحف السيدة أم كلثوم

في المقابل، شدد السيد مصطفى أمين، أمين المجلس الأعلى للآثار، في تصريحاته لـ "العربية.نت" على أن المتاحف التابعة لهم لا تقبل سوى الآثار، إضافة إلى أنه لن يتعامل مع رغبة مالك السيارة، وعلى الأخير أن يتقدم بطلب فعلي، وذلك دون أن ينفي صحة أن تكون السيارة ملكاً لسيدة الطرب.
وميز أمين المجلس الأعلى للآثار بين الأثر والأشياء التي تمتلك قيمة معنوية معينة، لارتباطها بقامة فنية أو ثقافية كبيرة. وشدد على أنه حينما يعرض عليهم الطلب سيقومون بإخضاع السيارة للشروط الخاصة بهم لمعرفة إن كانت تنطبق عليها مواصفات الآثار أم لا. كما فضل أن يتوجه مالكها إلى المتاحف الإقليمية التابعة لصندوق التنمية الثقافية، كي يضع السيارة هناك، لا سيما متحف السيدة أم كلثوم.