ستشهد مملكة البحرين تحسناً في مستويات المعيشة مع ارتفاع معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد بنسبة 12% خلال السنوات الخمس المقبلة، وذلك وفقاً لما جاء في تقرير جديد أصدره «معهد المحاسبين القانونيين» (ICAEW).
وفي آخر تقاريره الفصلية حول الآفاق الاقتصادية، يشدد المعهد المتخصّص في مجالات المحاسبة والتمويل على أنه لا بد لحكومة البحرين أن تكرّس جهودها لتنويع اقتصادها، بعيداً عن دائرة الاعتماد على المنتجات الهيدروكربونية، لا سيما وأن ارتفاع إمدادات النفط يدفع بالأسعار إلى الهبوط.
وفيما يخص الشرق الأوسط قال التقرير «إن نمو الناتج المحلي الإجمالي في بلدان المنطقة هو أعلى من المتوسط العالمي، فضلاً عن التوقعات التي تبين أنه سيظل مستقراً على المدى القصير، من المرجح أن تنخفض أسعار النفط نظراً لارتفاع الإمدادات العالمية. إن التطور الهائل في إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة، واحتمالية عودة إيران إلى الأسواق الدولية بعد رفع العقوبات، سيضيف من دون أدنى شك زخماً آخراً للإمدادات النفطية في السوق العالمية. وإذا أدى ذلك إلى انخفاض أسعار النفط، فربما يعرض الدول الأخرى المنتجة للنفط في المنطقة لصعوبات مالية.
واستفادت دول الخليج العربية من بعض أقوى معدلات النمو في العالم منذ اندلاع الأزمة المالية في العام 2008، حيث نما فيها الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 24% خلال السنوات الخمس إلى العام 2013. ومع ذلك، فرض النمو الهائل والسريع لأعداد السكان في دول الخليج العربية ضرورة مواصلة نموها الاقتصادي، من أجل الحفاظ على مستويات المعيشة فيها.
وفي الفترة ما بين العامين 2008 و2013، ازداد عدد السكان في مملكة البحرين بحوالي 19%، أي أسرع بست مرات من معدل النمو في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة (2.9% و 2.7% على التوالي). ويعني ذلك أنه على الرغم من الزخم الاقتصادي القوي، واجهت الأوضاع المعيشية (قياساً بالناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد) صعوبات لمواكبة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي في المملكة.
وقال المدير الإقليمي في معهد المحاسبين القانونيين الشرق الأوسط ICAEW، بيتر بينون: «لطالما كانت سياسة التنويع الاقتصادي بمثابة أولوية قصوى لحكومة البحرين طوال العقد الماضي، لكن ارتفاع معدل المواليد في المملكة، فضلاً عن ازدياد هجرة السكان إليها، يقضي بضرورة تعزيز الوضع الاقتصادي بشكل أكبر، إذا ما رغبت في الحفاظ على مستوى معيشة يواكب النمو الذي يحققه الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وما دامت الاستثمارات مستمرة في تطوير شبكات النقل والمواصلات، وتحسين التعليم، والارتقاء بقطاع الصناعات الرئيسة والتحويلية، ستتمكن البحرين لا محالة من تجاوز أسوأ العواقب نتيجة أي انخفاض حاد في أسعار النفط على المستوى الدولي».
وتابع «ولحسن الحظ، تتمتع البحرين بأعلى معدلات الادخار القومي الإجمالي على مستوى العالم. ووفقاً لصندوق النقد الدولي (IMF)، ادخرت مملكة البحرين 39% من عوائدها الوطنية خلال العام 2013. ونتيجة لحركة التصدير القوية والفوائض المستمرة في الحسابات الجارية، يمكن تسخير معدلات الادخار العالية لتمويل الاستثمارات، مما يمنح اقتصاد البحرين زخماً إضافياً لتعزيز سياسة التنويع، وبالتالي رفع معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد».
ومع ذلك، ستشعر العديد من العائلات في البحرين بوطأة ارتفاع التضخم. فبعد سنوات عديدة كانت فيها الحكومة تقدّم دعماً ضخماً للاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والطاقة، ستدفع الضغوطات المالية بالمملكة حالياً للتفكير ملياً تجاه تقنين النفقات التي تخصصها لدعم الاستهلاك المنزلي. وسيظهر هذا التأثير بشكل فوري في زيادة أسعار تلك السلع، مما يرفع من معدل التضخم.
من جهته، قال كبير الاقتصاديين ورئيس مجلس الإدارة التنفيذي لمركز أبحاث الاقتصاد والأعمال، دوغلاس ماك ويليامز: «تظهر التوقعات أن أسعار النفط تنخفض بوتيرة طفيفة من حيث القيمة النقدية. ومع ارتفاع تكاليف المعيشة، يضع ذلك ضغوطات على اقتصادات الشرق الأوسط من ناحية التنوع. وقد تكون هذه العملية قوية نوعاً ما في حال التوصل إلى اتفاقية لإنهاء العقوبات على إيران، والتي من شأنها أن تدفع بأسعار النفط إلى الهبوط أكثر (حتى بعد السماح بقطع الإمدادات من مصادر أخرى). ووفقاً لحساباتنا، فإن إنهاء العقوبات قد يقلل من أسعار النفط بواقع 8 دولارات للبرميل، ولو أنها مجرد تقديرات مركزية. إن هذه الظروف تجعل من تحسين التعليم والمهارات وسياسات التنويع بمثابة أولويات رئيسة بالنسبة إلى دول المنطقة».