كتب إبراهيم الزياني:
أنهى مجلس الشورى أمس مناقشة قانون حماية الأسرة من العنف، فيما وافق على طلب أعضاء بإعادة مداولة المادة الأولى، بعد أن اقترح أعضاء إضافة «العنف الاقتصادي» إلى القانون، وقرر المجالس إعادة المادة مدة أسبوعين للدراسة.
ووافق المجلس على المادة التاسعة، الناصة على التزام النيابة العامة ومراكز الشرطة، بضمان حماية المبلغ عن واقعة العنف الأسري، بعدم الإفصاح عن اسمه وهويته، إلا إذا تطلبت الإجراءات القضائية غير ذلك. والاستماع إلى الأطراف والشهود، بما في ذلك الأطفال في غرف منفصلة ملائمة، وإتاحة الفرصة لكل منهم للإدلاء بأقوالهم بحرية وسرية، إضافة إلى الحفاظ على السرية في جميع الاتصالات والمراسلات والإجراءات المتعلقة بقضايا العنف الأسري.
وعدل المجلس على المادة 10، الناصة قبل التعديل على أنه «يجب على النيابة العامة أو مراكز الشرطة قبول البلاغات والشكاوى المتعلقة بالعنف الأسري وعليهم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة»، إذ اعترض أعضاء على كلمة «قبول»، وتساءلوا «هل النيابة لا تقبل البلاغات والشكاوى المقدمة لها؟»، واقترحوا استبدالها بكلمة «تلقي»، ووافق المجلس على ذلك.
ومرر المجلس المادة 18، التي تنص على حبس كل من ارتكب فعلاً أدى إلى إيذاء نفسي لأحد أفراد الأسرة، مدة لا تزيد على ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن مئة دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، فيما تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات، وغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل من ارتكب إيذاءً جسدياً أو جنسياً.
وطلب وزير شؤون المجلسين عبدالعزيز الفاضل، تفسير الإيذاء النفسي «هل مثلاً من يعاقب ابنته حال تأخرت مساءً، يحق لها أن تذهب وتشتكي عليه؟».
وردت دلال الزايد «كلام الوزير في محله، ونحن في بداية مناقشة القانون كنا نخشى كيف سيكون تطبيقه» وأردفت «لدينا نص في قانون العقوبات، يرد على التخوف، والذي يجب أن يثبت في مضبطة الجلسة، حتى يعرف عند تنفيذ القانون، قصد المشرع».
وتابعت «قانون العقوبات نص على أنه (لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون أو العرف)، هل العرف أهل البحرين أن تدخل البنت في وقت متأخر؟ نحن نعرف العرف والسلوك الذي سار عليه المجتمع»، مشيرة إلى أن «المثال الذي ضربه الوزير أخذناه بعين الاعتبار عند دراسة القانون، العرف أخذ محل الاعتبار أيضاً، بحيث يكون من الأسباب المانعة من المسائلة الجنائية».
ومرر المجلس المادة 13، بعد تعديل عبارة «المحكمة الصغرى الجنائية» بدلاً من «..المدنية»، لتنص على أنه «يجوز للنيابة العامة أن تصدر قراراً مؤقتاً مسبباً بنقل المعتدى عليه خارج أسرته لحمايته ، على أن يتم عرض المعتدى عليه على المحكمة الصغرى المدنية إذا كان قاصراً أو عديم الأهلية ، خلال أسبوعين لتحديد الشخص الذي سوف يتولى رعايته سواء بشكل مؤقت أو دائم».
ووافق المجلس على إعادة فتح باب المناقشة في المادة الأولى التي أقرها الجلسة الماضية، حسب طلب عدد من الأعضاء، والمتضمن اقتراح بتضمين العنف الاقتصادي في المادة، إذ قرر إحالة الاقتراح إلى اللجنة لدراسته مدة أسبوعين.
واعترضت د. عائشة المبارك، إحدى مقترحات التعديل، على عدم تضمين المقترح في تقرير لجنة المرأة والطفل بشأن المشروع «تقدمت بمقترح التعديل مكتوباً، وأرفقته بملف متكامل عن العنف الاقتصادي، وفوجئت أن تقرير اللجنة لم يشر للمقترح، من حقي أن يضمن في التقرير التكميلي أسوة بمن استأنست برأيهم اللجنة، كما تقوم به باقي اللجان، ولم اعرف لماذا استبعدت كل هذا الجهد».
وقالت إن العنف الاقتصادي أحد الأسباب الرئيسة التي تهدد استمرار واستقرار الحياة الأسرية، وأوردت إحصائيات عربية وعالمية تبين ذلك، لافتة إلى أنه «للأسف لا توجد أي دراسة حول العنف الاقتصادي في المملكة».
واستعرضت المبارك بعض صور العنف الاقتصادي في الأسر «على سبيل المثال، هناك استغلال سلبي من الرجال لمفهوم القوامة على النساء لحرمانهم من حقوقهم المالية، أو سيطرة الأب أو الزوج أو الأخ أو أحد من أفراد الأسرة على دخل الزوجات أو القريبات، إضافة إلى استيلائهم على مهور النساء دون أذن، أو عدم النفقة على الزوجة والأبناء وتلبية احتياجاتهم مع القدرة»، مشيرة إلى أن لجنة المرأة والطفل ضمنت في قانون الطفل تعريف العنف الاقتصادي، فيما غفلت عنه في المشروع المنظور.
وعلق رئيس المجلس علي الصالح على مقترح المبارك ممازحاً «يجب أن تأخذي بعين الاعتبار، عندما تبدد المرأة راتب الرجل في المعنى وغير المعنى، المرأة ستكون خاسرة في هذا التعديل الحالة»، قبل أن ترد المبارك «العنف الاقتصادي لا يقصد به المرأة، بل كل الأسرة».
وردت رئيسة اللجنة رباب العريض «وردنا مقترح التعديل، إلى أنه كان يحتاج وقت طويل لمناقشته، والتقرير اللجنة كان جاهز حينها، علاوة على أننا رأينا أن العنف الاقتصادي تشمله مواد القانون، كما أننا راجعنا تعريفات الموجودة في اتفاقيات العنف ضد المرأة، ووجدنا أنها حددت 3 أنواع من العنف: الجسماني، الجنسي والنفسي».
وذكرت «إذا وضعنا نص خاص للعنف الاقتصادي، سنطالب بوضع أيضاً نص للعنف السياسي وأخرى بأشكال متنوعة، لذلك رأينا أن مفهوم العنف الاقتصادي متضمن في النص». وعن سبب عدم تضمين المقترح في تقرير اللجنة، قالت «لم نرفق المقترح لأنه لم يجري العرف على إضافة آراء حال رفضها».
وعلقت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري «نتمنى من المشرع أن يقوي قلبه، ويتعاط مع القانون على أنه يحد من المشاكل مستقبلاً».
وأضافت «اشكر د.عائشة على طرح قضية العنف الاقتصادي، نتمنى أن يستوعب القانون شيء من هذا النوع، ويفترض أن يتعاط قانون الأحكام الأسرية والقوانين الأخرى مع الموضوع، وإذا دخلنا في مسألة تبديد المرأة لزوجها فهذا من حقها.. كيفها» قبل أن تستدرك «هذه نوع من النكتة».
وذكرت الأنصاري أن «القانون يضفي الحماية القانونية على الفئات المعنفة في محيط الأسرة، ويضمن عدم إفلات المعتدي من العقاب»، مؤكدة أن «المملكة بحاجة للتشريع، خاصة بعد صدور الملاحظات الختامية من لجنة السيداو على التقرير الثالث، وتوصيتها بإصدار قانون في هذا الشأن».
من جهة أخرى، وافق مجلس الشورى أمس مواد مشروع قانون تعديل بعض أحكام القانون البحري، باستثناء المادة الثانية التي أعادها للجنة لمزيد من الدراسة، بطلب من ممثل وزارة المواصلات.
واعترض ممثل وزارة المواصلات عيسى يتيم على الفقرة الرابعة من المادة الثانية، الناصة على أنه «واستثناء ًيجوز للوزير المختص بالنقل البحري والملاحة البحرية بعد موافقة مجلس الوزراء منح الجنسية البحرينية للسفينة الأجنبية المسجلة في أحد الموانئ البحرينية».
وقال يتيم «التعديل الذي طرأ على المادة الثانية غير صحيح تماماً»، واستغرب مقرر لجنة الخدمات من مداخلة سابقة، إذ بين أن «ممثل الوزارة في اجتماعات اللجنة كان كلامه مختلف، ونحن لن نقر المادة إلى بعد مشاورته»، فيما رد يتيم عليه «من حضر الاجتماع كان يريد أن يفهمهم أن النص غير صحيح، وأخبرنا بعد الاجتماع باللجنة أنه حاول يفهمهم ذلك»، قبل أن يقرر المجلس إعادة المادة إلى اللجنة لمزيد من الدراسة.
وفي نهاية الجلسة، قرر المجلس إرجاء اقتراح بقانون يهدف إلى تجريم زنا المحارم، الذي يضيف مادة إلى قانون العقوبات، تنص على السجن مدة لا تقل على خمس سنوات ولا تجاوز سبع، كل ذكر أو أنثى واقع أحد محارمه، وكان يعلم أو لديه ما يحمل على الاعتقاد بأنه أحد محارمه.
وأتى قرار المجلس بإعادة القانون إلى اللجنة، لأخذ رأي الجهات المعنية في تطبيق القانون، ولما رآه أعضاء أن الاقتراح بحاجة إلى تعديل على بنوده.