أكد عدد من خبراء بنك كريدي أجريكول للخدمات المصرفية الخاصة، في تصريحات أدلوا بها خلال مشاركتهم في المؤتمر الصحافي اليوم، أن أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي مرشحة للاستفادة من تحسن مناخ الاقتصاد الكلي المدعوم لعدد من العوامل التي تعزز النمو الاقتصادي.
وفي سياق تعليقها على هذه التوقعات، قالت كبيرة المحللين الاقتصاديين في بنك كريدي أجريكول للخدمات المصرفية الخاصة، د.ماري أوينز تومسِن: «لقد ورثنا عن الكساد الاقتصادي الكبير، ارتفاع مستويات المديونية والبطالة وانخفاض معدلات النمو. وتم استخدام السياسات المالية والنقدية إلى أقصى الحدود لتخفيف آثار الكساد الاقتصادي الكبير وتحقيق زيادة معدلات النمو الاقتصادي. ورغم أن العواقب كانت سوف تكون أسوأ بكثير فيما لو لم يتم بذل تلك الجهود، ومن الواضح أنه يجب بذل المزيد من الجهود إذا ما أردنا تحقيق زيادة معدلات النمو. ويمكننا القول مع ذلك، إنه نظراً لقوة العوامل الأساسية لاقتصادها الكلي، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر من النجوم الصاعدة في اقتصادنا المعولم».
وأضافت: «يعتبر الإصلاح الهيكلي الطريقة الوحيدة التي لم يتم استخدامها بالشكل الكافي، علماً بأن جميع الدول بدءاً من ذوات الاقتصادات الناضجة وصولاً إلى ذوات الاقتصادات الصاعدة تحتاج إلى إصلاحات هيكلية لاقتصاداتها. وقد تكون نتائج الإصلاحات الهيكلية سريعة ومدهشة.
ورغم أن الصين تعتبر أفضل مثال على ذلك، إلا أن صعود نجم المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة بصفتها مراكز أعمال إقليمية رئيسة في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، يشكل تطوراً جديراً بالاهتمام.
وارتفع تصنيف الإمارات ثلاثة مراتب إلى المرتبة 23 في تصنيف البنك الدولي حول «أكثر الدول تيسيراً لممارسة الأعمال» لعام 2014. كما إن أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك فرصاً أكبر للصعود بدلاً من التراجع، نظراً لكونها مدعومة بآفاق إيجابية للاقتصاد الكلي ووفرة في السيولة وقاعدة محلية قوية من المستثمرين. ويصح هذا التقييم بصفة خاصة بالنسبة للشركات والمؤسسات الحكومية في دبي.
وقالت مدير دائرة استمارات الدخل الثابت في منطقة مينا، والمدير في مكتب دبي في بنك كريدي أجريكول للخدمات المصرفية الخاصة، كريستيان نصر: «يمكننا القول إن أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي أشبه بأسواق ثنائية القطبية. ويتمثل الجانب الإيجابي الواعد لهذه الأسواق في قوة العناصر الأساسية للاقتصاد الكلي لدول المنطقة مدعومة بإنفاق حكومي سخي وأسعار نفط مقبولة وتحسن التصنيفات الائتمانية للشركات المحلية، الأمر الذي يدفع باتجاه تضييق هوامش المخاطر الائتمانية بشكل أكبر عن المستويات الراهنة. إلا أن أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي تنطوي من ناحية أخرى على نسبة مخاطر أعلى رغم ذلك، بسبب عامل استفساري «ماذا لو؟» الناجم عن المخاطر الجيوسياسية ومخاطر تصاعد النزاعات».
يذكر أن أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي شهدت أداء متميزاً العام الماضي مقارنة مع أداء نظيراتها من الأسواق الصاعدة الأخرى. وعلى صعيد الأداء، سجلت سندات أسواق المنطقة من فئة السندات مرتفعة العائدات بقيادة شركات دبي، عائداً ناهز 7% عام 2013، في أداء تفوق بشكل كبير على أداء سندات سائر الأسواق الصاعدة التي سجلت أداء سلبياً في نفس العام، للمرة الأولى منذ عام 2008.
يذكر أن الزخم الإيجابي لأداء سندات شركات دول مجلس التعاون الخليجي استمر حتى الآن في عام 2014. وناهز عائد تلك السندات 2% حتى الآن لهذا العام، أي ضعف عائد سندات سائر شركات الأسواق الصاعدة الأخرى. وفي الوقت الذي أدت فيه الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية إلى تذبذب في بعض الأسواق عالية النمو أمثال أوكرانيا وتركيا وفنزويلا، صمدت أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي لتؤكد دورها كملاذ دفاعي للمستثمرين.
وأضافت: «تقف العديد من العوامل وراء تفوق أداء أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي على أداء السندات في سائر الأسواق الصاعدة. ويتحسن أداء التصنيفات الائتمانية لشركات المنطقة بالتزامن مع انعكاس مؤشرات قوتها الأساسية في سلامة سيولتها النقدية وانخفاض مديونياتها إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2009. من ناحية أخرى، تشهد البنوك انتعاشاً في نمو ائتماناتها وقروضها بشكل لا يؤثر في جودة أصولها، كما يتجلى ذلك في تراجع معدلات قروضها الهالكة. إضافة إلى ذلك، تستفيد الصناديق السيادية من وفرة سيولتها النقدية واحتياطياتها من العملات الأجنبية وانخفاض مستويات مديونياتها.
ويؤدي هذا الزخم الإيجابي إلى تحسن تصنيفات الجدارة الائتمانية في جميع أسواق المنطقة. وكانت شركة إعمار العقارية قد حصلت في وقت سابق من العام الحالي على تصنيف «تصنيف مقبول استثمارياً» للمرة الأولى منذ عام 2009. وعلى هذا السياق عموماً، يمكننا أن نتوقع ترقية الشركات والصناديق السيادية».