كتابة - روجر ديكنز «ترجمة - أمين صالح»:
روجر ديكنز واحد من كبار مديري التصوير السينمائي في العالم، صوّر أكثر من ثلاثين فيلماً، متعاوناً مع مخرجين مهمين مثل: مارتن سكورسيزي (Kundun) رون هوارد (A Beautiful Mind) سام مينديز (Revolutionary Road).. لكن تعاونه الأكبر والأهم والأكثر خصوبة ووفرة، هو مع الأخوين جويل وإيثان كوين، اللذين عمل معهما منذ عقدين تقريباً، منذ فيلم Barton Fink، ومعهما حقق 11 فيلماً، ولاتزال العلاقة قوية ومستمرة.
يقول ديكنز (Venice Magazine، عدد فبراير 2002): «العمل مع جويل وإيثان رائع ومثمر حقاً. هما ليسا مخرجين ممتازين فحسب، بل شخصين رائعين أيضاً، لذلك فالعمل معهما أشبه بالتعاون ضمن العائلة الواحدة، خصوصاً وأننا عملنا معاً منذ أعوام. التعاون مريح جداً. ومعهما يمكنك أن تغامر وتجازف وتجرّب وتتحرك إلى مسافة أبعد قليلاً. من بين الأسباب التي تجعلني أحب العمل معهما أن مظهر أفلامهم يتغير باستمرار حسب الموضوعات. كل نص لهما مختلف جداً عن الآخر. ليس هناك أسوأ من قراءة السيناريو، ثم الاجتماع بالمخرج ليقول لك: أريد لهذا الفيلم مظهراً شبيهاً بذاك الفيلم الذي صورته. كل قصة يكتبها الأخوان كوين مختلفة عن الأخرى، ومن ناحية التصوير، أريد أنا أيضاً أن أقدم شيئاً مختلفاً».
ولد روجر ديكنز، في العام 1949، ونشأ في توركوي، وهي بلدة صغيرة على الساحل الإنجليزي، حيث صيد السمك والإبحار من الأمور المألوفة والتي تمارسها الغالبية.
أظهر ديكنز ميلاً مبكراً للرسم والتصوير الفوتوغرافي، وفي شبابه كان من المدمنين على مشاهدة الأفلام. التحق بكلية الفنون حيــث عشــــق التصويـــــر الفوتوغرافــــي، وسرعان ما شعر بولع بتصوير الأفلام السينمائية.
بعد تخرجه من معهد الفيلم الوطنــي في لندن، بدأ مسيرته الفنية خلف الكاميرا مصوراً أعمالاً وثائقية.
يقـول ديكنز: «كان لفيلم بيتر واتكنز (لعبة الحرب) تأثير كبير عليّ. لم يخطــر لي أبداً، في ذلــك الحين، أن أعمل في صناعة السينما، إذ لم يكن هناك أي اتصال لي بهذه الصناعــــة. كنت أحب الرسم، لذلــك التحقت بكلية الفنون. عندما تولعت بالتصوير الفوتوغرافـــي أدركــت أن بإمكاني دخول مجال صنع الأفلام السينمائية، وكانت البداية مع الفيلم الوثائقي».
ثم انتقل إلى الأفلام الدرامية في الثمانينات، وكان أول فيلم صوره هو 1984 مع المخرج مايكل رادفورد (وكان زميله في معهد السينما). من أفلامه الأخرى:,The Shawshank Redemption Dead Man Walking..
رشح لأوسكار أفضل مدير تصوير ثمان مرات، وفي العام 2011 تلقى من الجمعية الأمريكية للمصورين جائزة الإنجــاز عن مجمل أعماله.
هنا يقدم روجر ديكنز مجموعة من الدروس التــــي تعلمهـــا خــلال سنوات من عمله خلف الكاميرا.
-1ليس ثمة أي قانون.
أنـا أشاهـــد الأفـــلام الكلاسيكيـــــة مــــن أجــــل الاستلهــــــام والاستيحــــاء، لكـــن ليس هناك أي قانون يتصــــــل بأشيــــاء مثل: أي نـــوع مــن العدسات ينبغي أن تستخـدم، إلــى أي حد يمكن للكاميرا أن تتحــــــرك أو لا تتحــــرك، إلــى أي مـــدى يمكـــن للكاميرا أن تقترب من الشيء، أو مدى ارتفاع أو انخفاض زاوية الكاميرا. كل فيلم يحدد مظهره الخاص.
أحياناً القصة تستدعي استخدام اللقطـــة القريبة لوجه الشخصيــة.. إذ يمكن لعينيه أو تعابير وجهه أن تعبر بفصاحة أكثر من الكلمات. في مرات أخرى تكون الأهمية لاستجابات الشخصيات الأخرى وردود أفعالها ضمن الكادر، وكيف أن البيئة أو المحيط يثري القصة.
-2 كل شيء يبدأ بفهم القصة.
لا أظن أنك تستطيع، فقط من خلال الجلوس مع المخرج، أن تدخل فـــي ذهنه ثم تخرج من ذلك اللقاء وأنت تعرف جيداً الشكل أو المظهر الذي يريده لفيلمه.
عندما أقرأ السيناريو للمرة الأولى، لا أفكر في عملية التصوير أو الطريقة التي ينبغي بها أن يتشكل مظهر الفيلم. أكون مهتماً أكثر بما تريد القصة أن تقوله، وكيف أحقق علاقة مع الشخصيات. ما إن أمتلك ذلك الإحساس والارتباط بالقصــة والشخصيات، حتى أشرع في قراءة السيناريو مرة أخرى، وأفكر في الطريقــــة التي بها يمكن للبصـــري أن يساعد في سحب الجمهور داخل القصة. بعدئذ، وعبر المناقشات مع المخرج، إضافة إلى استكشاف المواقع مع المخرج ومصمم المناظر، أبني تدريجياً صورة للقصة في ذهني. إنها عملية عضوية تماماً، والتي تستمر حتى اليوم الذي نبدأ فيه بالتصوير.
-3 يمكن للأفلام أن تؤثر في الواقع.
تأثرت بالأفلام التي تصور مادتها بأسلوب وثائقي، مثــل فيلـــم «كاثي عودي إلى البيت» الذي أخرجه كين لــوش وصوره توني إيمي لصالـــح محطة بي بي سي التلفزيونية. هــذا الفيلم مارس تأثيراً هائلاً على النظام الاجتماعي في انجلترا. ليس أي فيلم قادر أن يمارس مثل ذلك التأثير، لكن ذلك كان هدفي. أردت أن أحقق أعمالاً وثائقية كتلك التي أنتجها فريدريك وايزمان، ريكي ليكوك، كين لوش. تصوير الأفلام الوثائقية يعلمك كيف تعمـــل على نحو غريزي، وعلى نحـــو سريع وبسيط تماماً. إنك في هذه الحالة تركز على العناصر الأساسية لأنه غير متاح لك أبداً أن تعيد تصوير اللقطات.