أكد البروفيسور عبدالله يوسف الحواج رئيس الجامعة الأهلية على أهمية مواكبة الجامعات والمراكز البحثية العربية لمختلف الاكتشافات العلمية العالمية، لافتاً أن قطار الاكتشافات العلمية والاختراعات الجديدة في تسارع مستمر لا يعيقه من تخلف عنه، ولا يقيده من لحق به. ونوه البروفيسور الحواج باكتشاف المركز الأوربي للأبحاث النووية بجنيف جسيم «هيجز»، بوصفه أحد أسرار نشأة الكون، والذي من المؤمل أن يؤثر إيجاباً على مسيرة البحث العلمي العالمي في مجالات عدة، لاسيما الفضاء والفيزياء والطب والهندسة.
جاء ذلك على هامش محاضرة «اكتشاف جسيم هيجز - أهم الإنجازات العلمية والهندسية في تاريخ البشرية» التي نظمتها الجامعة الأهلية بالتعاون مع جمعية المهندسين البحرينية مساء الأربعاء الماضي الموافق 12 مارس 2014 بمقر الجمعية في الجفير، والتي قدمها البروفيسور ألبرت دو روك عضو المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية ( CERN ) باعتباره رئيس إحدى الفرق البحثية التي توصلت لهذا الاكتشاف العلمي العظيم، والذي حاز على جائزة نوبل للفيزياء مؤخراً.
وأوضح البروفيسور ألبرت دو روك خلال المحاضرة بأن العالم البريطاني بيتر هيجز طرح نظريته حول تشكل الكون فيما يعرف بـ»الانفجار العظيم» قبل 50 عاماً، وهي إحدى النظريات المرتبطة بمحاولات تفسير البدايات الأولى للخلق وتكون مادته، من بين كم من النظريات والتفسيرات الفيزيائية المشتغلة بفك اللغز المحير في الجسيم المسؤول عن التحام المكونات الأولية للمادة، واكتسابها تماسكها وكتلتها.
ونوه إلى أن نظرية هيجز برعت في تقديم رؤية تتمحور حول فرضية احتواء الفضاء الكوني على حقل من الطاقة يضم جسيمات دون الذرية منعدم الكتلة أو ذات كتلة شبه منعدمة، أدى تفاعلها وسط هذا الحقل من الطاقة، والذي سمي حقل هيجز لاحقاً إلى اكتساب الجسيمات كتلتها حسب حجمها، لتتشكل بهذه الفرضية حلقة الجسم المفقود، العامل المؤدي إلى تحرك الجسيمات، ومنحها صفة الكتلة.
وأضاف: بعد نصف قرن من الزمن قضاها العلماء والباحثون بحثاً عن هذا الجسيم المسؤول عن نشأة الكون، أعلن علماء المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) أخيراً رصدهم له، بعد أن توصلوا إلى جسيم له خصائص مشابهة لما يعرف بجسيم هيجز، المسؤول نظرياً عن اكتساب المادة كتلتها، وشكل نشأة الكون، وهي الاكتشاف الذي تقرر على إثره منح جائزة نوبل لعام 2013 في الفيزياء للعالمين البلجيكي فرنسوا إنغليرت والبريطاني بيتر هيجز تقديرا لأعمالهما التي أدت إلى «الاكتشاف النظري لآلية تساهم في فهمنا لأصل كتلة الجسيمات دون الذرية والذي تم تأكيده في التجارب التي أجريت في معامل سيرن في سويسرا».
ونوه إلى أن علماء المنظمة وبهدف محاكاة الظروف التي أعقبت الانفجار العظيم لتشكل الكون، أجروا سلسلة من التجارب في مصادم للهيدرونات في مدينة سيرن، تضمنت ضخ موجة من الجسيمات ذات الطاقة من معجل المشروع البحثي التابع لـ»سيرن» قرب جنيف في سويسرا إلى أنبوب المصادم لمسافة 27 كيلومتراً ليمر به سيل من جسيمات البروتونات التي يجري تحويل مسارها عكساً تجاه عقارب الساعة لمسافة تقترب من الثلاثة كيلومترات، لتصطدم الجسيمات بعضها ببعض بكم طاقة هائل، يصل إلى 3.5 تريليون إلكترون فولت، مصدرة شرارة شديدة الصغر وشديدة الكثافة، ما يمثل أنموذجاً بأقصى درجات الشدة في الصغر للانفجار الكبير الذي شكل بداية حدوث الكون، لينهتج عن ذلك 600 مليون تصادم بين الجزيئات في الثانية الواحدة، ويؤدي كل واحد من هذه التصادمات إلى انشطار آلاف الأجزاء من الجزيئات، التي يتم تسجيلها ورصدها تمهيدا للتعرف على كيفية تحول الطاقة إلى كتلة واكتشاف الآلية التي يتم بها اكتساب الأجسام لكتلها، وهنا تم رصد جسيم هيجز وتحديد بياناته التي تؤكد وجوده.
وفي ختام المحاضرة قدم البروفيسور عبدالله يوسف الحواج رئيس الجامعة الأهلية والمهندس عبدالمجيد القصاب رئيس جمعية المهندسين البحرينية درعاً تذكارية للبروفيسور ألبرت دو روك، شاكرين له قبوله دعوة الجامعة والجمعية وتقديمه هذه المحاضرة المهمة، فيما حظيت المحاضرة بحضور لافت من منتسبي الجامعة وأعضاء جمعية المهندسين وعدد واسع من الأساتذة الجامعيين والأكاديميين وعموم جمهور المواطنين والمقيمين، وخصوصاً المتخصصين في علوم الفلك والفيزياء والهندسة.