قالت مشاركات في ندوة «معوقات المشاركة الانتخابية للمرأة» إن مشاركة المرأة السياسية مرتبطة بالمساواة وتكافؤ الفرص، حيث أوضحت المحامية عضو مجلس الشورى لولوة العوضي أن إخفاق المرشحات في انتخابات 2006 يرجع إلى التوجه الديني من قبل القيادات الدينية التي تمارس من سلطة روحية واجتماعية على الناخبين وتحتكر التأثير عليهم، إضافة إلى نفوذ الجمعيات السياسية. فيما أكدت أستاذة القانون الخاص والمدني عضو مجلس النواب الأردني د.ريم أبو دلبوح من المملكة الأردنية الهاشمية أن النظرة المغلوطة تجاه الدين حول مشاركة المرأة ساهمت في الاعتقاد أن الدين لا يعزز مشاركة المرأة سياسياً، مما أدى إلى عدم سعي بعض فئات المجتمع لدعم المرأة في المشاركة السياسية. ونّظم معهد البحرين للتنمية السياسية مساء الأربعاء الماضي، وبالتعاون مع المجلس الأعلى للمرأة، ندوة بعنوان «معوقات المشاركة الانتخابية للمرأة»، في قاعة المؤتمرات بفندق كراون بلازا، حيث أكد المدير التنفيذي للمعهد د.ياسر العلوي أن المعهد وفي إطار قيامه بواجباته الرئيسة من نشر وتنمية الوعي السياسي بين المواطنين ودعم التجربة البرلمانية وإعداد مؤهلين للانخراط في العمل السياسي، يأتي دعم المعهد للمرأة البحرينية في الحياة السياسية، موضحاً أن هذا الدعم ينطلق من ثقة المعهد في قدرة المرأة البحرينية على القيام بدور متميز في المشاركة السياسية.
وهدفت الندوة، والتي أقيمت بمناسبة يوم المرأة العالمي، إلى بيان دور المرأة في المشاركة الانتخابية وكيفية مواجهة التحديات، حيث تناولت محاورها المعوقات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية أمام المشاركة السياسية للمرأة الخليجية والعربية، وآليات التغلب على هذه المعوقات التي حدّت من الدور الفعّال الذي يمكن أن تقوم به المرأة. وأشارت د.ريم أبودلبوح إلى إقرار المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف الدساتير، وفي كافة الميادين للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، موضحة أنه على الرغم من هذا الإقرار إلا أنه لايزال هناك تمثيل محدود في البرلمان على مستوى العالم في الدول المتقدمة أو النامية.
وأرجعت أبو دلبوح ظاهرة محدودية المشاركة السياسية للمرأة إلى عوامل متداخلة على الصعيد المجتمعي سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، مشيرة إلى اشتراك غالبية الدول النامية والمجتمعات العربية في هذه العوامل والتي تتضمن الأسباب القانونية، حيث يضمن القانون للمرأة حق الترشيح والانتخاب ومع ذلك تظل هذه النصوص معطلة بصفة كلية أو جزئية!
وأكدت أن العقبات الاجتماعية تتجسد في الموروث الاجتماعي والنظرة النمطية للمرأة التي ساهم فيها الإعلام مساهمة كبيرة، حيث عزز الصورة النمطية لدور المرأة في المجتمع، مشيرة إلى أن الإعلام عملية اجتماعية تربوية تقوم بتوجيه رسائل سياسية واجتماعية مكثفة للمساهمة في تغيير مفاهيم المجتمع، والتأكيد على الأدوار الحقيقية لشرائح المجتمع بما في ذلك دور المرأة في المشاركة السياسية، وأن جميع هذه العوامل ساهمت في الحد من مشاركة المرأة السياسية.
وتطرقت د.أبودلبوح إلى العقبات الاقتصادية التي تواجه المرأة العربية، مشيرة إلى أن للأوضاع الاقتصادية السائدة في البلدان النامية تتحمل المرأة عبئها بشكل أكبر في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المترتبة عليها، إضافة إلى أن عدم استقلالية المرأة مادياً عن الأسرة، وكلفة الحملات الانتخابية مما يؤدي إلى عدم ترشح بعض النساء، مشيرة إلى أن كل هذه الأسباب وراء ضعف مشاركة المرأة السياسية.
وأكدت أن النظرة المغلوطة تجاه الدين حول مشاركة المرأة ساهمت في الاعتقاد أن الدين لا يعزز مشاركة المرأة سياسياً، مما أدى إلى عدم سعي بعض فئات المجتمع لدعم المرأة في المشاركة السياسية.
وأشارت إلى أن التاريخ الإسلامي أكد مشاركة النساء في السابق في الحياة السياسية، مؤكدة دور رجال الدين في التوعية بدعم الدين للمرأة في المشاركة السياسية، ومتطرقة إلى دور المناهج التربوية وخاصة مناهج الأطفال في تغيير الصورة النمطية للدور الذي تلعبه المرأة في المجتمع، وضرورة تغيير المناهج التربوية، فيما يتعلق بدور المرأة، وبما يتناسب مع التنشئة السياسية للطلاب، والتأكيد على المشاركة السياسية للمرأة.
وأشارت إلى ضرورة إجراء التعديلات اللازمة على القوانين التي تجعل السبل مهيأة لمشاركة المرأة في العمل السياسي، ومن ذلك بإدراج مقاعد مخصصة للنساء (الكوتا) كمرحلة انتقالية تمكِّنها من الوصول إلى المجالس النيابية بالتنافس المباشر، ومن خلال تعديل قانون الأحوال الشخصية والعمل والتقاعد والضمان الاجتماعي.
ومن جانب آخر، أكدت المحامية وعضو مجلس الشورى لولوة العوضي أن معظم الدراسات المتعلقة بالمشاركة السياسية للمرأة البحرينية منذ إطلاق المشروع الإصلاحي وحتى اليوم تطرقت إلى دراسة المعوقات التي تؤثر في مشاركة المرأة السياسية في البحرين، والتي هي مرتبطة بالثقافة المجتمعية، والآليات الوطنية، والنصوص القانونية والتدابير.
وأشارت العوضي إلى تقييم تجربة المرأة في الانتخابات النيابية والبلدية في البحرين منذ عام 2002 وحتى الانتخابات التكميلية لهذه الدورة، والمعوقات التي صادفتها في تلك الفترة من خلال الدراسات التي تمت على المستوى الوطني أو الإقليمي، وبصفة خاصة الدراسة التي أعدها المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والتي شخّصَت الحالة واستشرفت المستقبل حتى عام 2010، مؤكدة أن مشاركة المرأة السياسية مرتبطة ارتباطا وثيقاً بالتحديات التي تواجه تطبيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليهما في الدستور البحريني. وأوضحت العوضي أن هذا المبدأ يواجه ثلاثة تحديات في التطبيق، مشيرة إلى أن التحدي الأول يعد أحادية التفكير في التنمية الاقتصادية، أما التحدي الثاني فهو كيفية الدمج بين التنمية السياسية مع التنمية الاجتماعية، باشتراط وجوب إجراءات حمائية في التنمية الاقتصادية، بينما يكمن التحدي الثالث في كيفية الاستفادة من التجارب والمكاسب التي تحققت للدول وترجمتها لممارسات تعزز مبدأ المشاركة السياسية وحقوق المرأة في العالم كله، مؤكدة أن هذه المكاسب تواجه تحدياً آخر وهو الحشد لظهور تكتلات عرقية ودينية وهذا موروث بقوة من خلال الانتخابات النيابية والبلدية، مشيرة إلى ضرورة العمل على سد الفجوة بين النصوص والتطبيق. وقالت إن المرشحات لانتخابات 2006 رتبن الأسباب التي أدت لإخفاقهن الانتخابي إلى عدة أسباب منها التوجه الديني من قبل القيادات الدينية التي تمارس من سلطة روحية واجتماعية على الناخبين وتحتكر التأثير عليهم، إضافة إلى نفوذ الجمعيات السياسية ومعوقات العملية الانتخابية، كما تطرقت إلى أن سوء إدارة الحملة الانتخابية، وضعف دور الإعلام، وضعف الدعم المالي للمرأة، كلها أسباب ساهمت في إخفاق المرشحات في الانتخابات.
وأشارت لولوة العوضي إلى أن المرشحات طرحن مقترحات لمواجهة تحديات المشاركة السياسية، ومنها حصولهن على الدعم المالي لتمويل حملاتهن الانتخابية، والحصول على التأهيل السياسي والتدريب اللازمين لإدارة الحملة والدخول في الانتخابات عبر بوابة الجمعيات السياسية، كما طالبن بمساندة المجتمع المدني لهن في الدعاية لبرامجهن الانتخابية.