حوار - عايدة البلوشي:
الشاعر والإعلامي محسن الحمري يؤمن أن لا مدينة فاضلة في عالم الشعر، لا يقطف النصوص قبل نضجها وهذا سر تميزه ونجاحه، وهو يرى مشكلة الشعر في البحرين بعدم وجود جهة رسمية توثق تجارب الشعراء وخاصة الشباب منهم، إذ «أغلب المؤسسات والشركات تجد في الشعر مادة دعائية ربحية».
العلاقة الملتبسة بين الشعراء وجمعية الشعر الشعبي يلخصها الحمري بالقول «البعض ينظر للجمعية على أنها مصباح علاء الدين»، وهو ينظر لبرنامج «نبض وأحاسيس نظرة مختلفة «بالبرنامج لا تلزمنا عقول تنظر للنقد من جانب واحد».
الحمري يشارك بشاعر المليون لأول مرة، وهو يطمح للكثير، ويجد في المشاركة بحد ذاتها تجربة تستحق المغامرة «شاعر المليون يصل بالشعراء لأماكن لن يصلوا إليها بأقدامهم».

على مدى 10 سنوات من العطاء في ساحة الشعر الشعبي، كيف تقيم الساحة الشعرية البحرينية؟ وماذا ينقصها كساحة شعر حقيقية؟
ساحة الشعر في البحرين أصبحت أقوى من السابق، واحتلت لنفسها مكاناً مرموقاً بين الساحات الخليجية، بفضل جيل من الشعراء الشباب المبدعين، تألقوا في المحافل والمسابقات الشعرية، وتركوا انطباعاً جميلاً لدى القائمين على الشعر في الخارج، وغيروا النظرة السلبية للشاعر البحريني في الماضي، وأصبح للشاعر البحريني مقعد محجوز باسمه في المحافل الشعرية الخليجية والعربية.
الشاعر البحريني اليوم عامل مهم لنجاح أي فعالية شعرية خليجية، أما بالنسبة لما ينقص الساحة البحرينية فهو كثير، على سبيل المثال مهرجان شعري خاص على غرار مهرجانات الخليج الشعرية الرسمية، ودعم مادي ومعنوي كبير، وطباعة الدواوين الشعرية للشعراء لحفظ تجاربهم وتشجيعهم على الإبداع، ومسابقة كبرى تخص شعراء البحرين، وبرامج تلفزيونية مختصة ومتقدمة وبعيدة عن التقليدية، وغيرها من خدمات ترتقي بالشعر وتشجع الشاعر.

باعتبارك عضو مجلس إدارة جمعية الشعر، ألا تستطيع الجمعية أداء هذا الدور لخدمة الشاعر؟
جمعية الشعر الشعبي إمكاناتها محدودة، فهي تلم شمل الشعراء وصقل مواهبهم وإيصالهم للجمهور، بإقامة الأمسيات والندوات والمحاضرات والمسابقات وغيرها من الخدمات تكون النواة الشعرية الحقيقية للشاعر وتضيء الطريق أمامه، ولكنها لا تستطيع إيصاله إلى النجومية.
صناعة النجوم تحتاج لتكاتف ودعم وإسهامات من الجميع مؤسسات ثقافية وجمعيات أهلية وشركات تجارية ورعاة ومنظمين وتعاون من الشعراء أنفسهم.

ترشحت لمجلس الإدارة مع مجموعة من الشباب ونجحتم، وكان لديكم طموح كبير برؤية وأهداف جديدة هل حققتم أهدافكم؟ وما الصعوبات التي واجهتكم؟
نعم كانت لدينا الكثير من الأهداف المدروسة والخطط الجديدة لمشاريع كبيرة تهم وتفيد الشاعر البحريني، حققنا بعض أهدافنا مثل نقل مهرجان صيف المشاعر للاحترافيه بشكل أوسع، ونقلنا الفعاليات إلى الجامعات والمدارس بحكم وجود الجماهير وضمان نجاح الفعالية، وغرس حب الشعر عند الشباب، وأخذنا السبق في بعض المشاريع مثل المهرجان الرمضاني الأول والثاني والذي تضمن لأول مرة مسابقة الارتجال الشعري، ومسابقة المجاراة والمسابقة الرمضانية.
وشاركنا في معرض الكتاب لأول مرة، ومهرجان التعاون الأول مع الجمعيات الأهلية الثقافية والاجتماعية، وحاولنا التواصل مع تلك الجمعيات والمؤسسات والأندية ولكن لم يكن التجاوب حسب التطلعات.
الصعوبات كانت كثيرة أولها عدم تعاون الشعراء أنفسهم مع الجمعية، وعدم حضور بعضهم للقاء الأسبوعي المخصص منذ تأسيس الجمعية، وعدم تجاوب أغلب الشركات والمؤسسات لرعاية فعاليات الجمعية، وغياب وجود الراعي الرسمي والداعم الحقيقي.

مع اقتراب نهاية عضوية مجلس الإدارة الحالي، هل تود الترشح لمجلس الإدارة الجديد؟
لا أفكر مطلقاً بالترشح لمجلس الإدارة في هذه الفترة حتى تتغير طريقة تفكير الشاعر البحريني بالتعامل مع الجمعية، ونظرة الشركات والمؤسسات للشعر.
لدي الكثير من الانشغالات أهمها التركيز على تجربتي كشاعر، والتفرغ لخدمة الشاعر البحريني في مجال آخر، وهو إعداد البرامج الإذاعية عبر إذاعة البحرين.

ما طريقة تفكير الشاعر البحريني بالتعامل مع جمعية الشعر الشعبي؟
الشاعر البحريني للأسف يتعامل مع جمعية الشعر الشعبي على أنها مصباح علا الدين الذي يحقق أحلامه الشعرية، كل ما أتمناه أن يفكر أنها كيان يحتضن الجميع بحميمية، ينمي ويثقف ويوطد علاقة الشاعر بالشعر والمتلقي.

ماذا لنظرة الشركات للشعر؟
تنظر الشركات إلى الشعر على أنه سلعة دعائية تحقق لها أرباحاً عندما يكون الراعي الرسمي للفعالية صاحب منصب كبير يحتفي به الإعلام، وبالتالي يعود عليهم بالربح.
وعندما تطلب منهم دعم فعالية بدون راع لا يتجاوبون، ولو من باب احترام الموروث والحفاظ عليه، أتمنى أن تبادر الشركات لرعاية ودعم الشعر من أجل الشعر ورفع راية البحرين بحفظ موروثاتها الشعبية.

ذكرت في أكثر من مناسبة أنك تريد تعاوناً من الشعراء أنفسهم قبل المؤسسات، ما التعاون المطلوب من الشعراء؟
التعاون من خلال الحضور لبيت الشعر «جمعية الشعر الشعبي» بانتظام، وترك الأنانية والعمل بمبدأ الإيثار ومساندة زملائهم المشاركين في الفعاليات وعدم التذمر من لا شيء، وكأن البعض منهم يبحث عن الغراب الأبيض في أي فعالية تكون فيها الجمعية أو أحد أعضائها طرفاً مشاركاً أو منظماً، فالمدينة الفاضلة غير موجودة في عالم الشعر!

بالحديث عن شعراء البحرين، كيف تقيم تجاربهم الشعرية بالوقت الراهن، وماذا ينقصهم؟
البحرين كعادتها ولادة، تزخر بالمبدعين، وتجارب شعرائها جميلة وغنية ولا تقل إبداعاً وجمالاً عن نظرائهم في الساحات الأخرى، ولا ينقص البعض منهم إلا الثقة والجرأة في طرح تجاربهم والافتخار بشعرهم.
ما الجديد في برنامج نبض وأحاسيس؟ وبماذا يختلف عن غيره؟
الجديد في «نبض وأحاسيس» هو التنوع والسبق في الفقرات، نقدم الشاعر بصور فريدة من نوعها، مبتكرة وغير تقليدية، نراعي من خلالها مكانة الشاعر وشاعريته واحترام عقلية المتلقي بعيداً عن التكرار والتقليد.
نقدم في البرنامج الشعر والمعلومة والتحدي، بقالب جديد وسريع مع بعض التشويق والإثارة والحيادية في طرح القضايا ونقاشها، وبالتالي لا يشعر المتلقي بالرتابة والملل، وبفضل هذه السياسة حقق البرنامج أصداء كبيرة وانتشاراً واسعاً على مستوى الخليج، حتى أصبح وجهة للأصالة والجزالة.

ما سر نجاح برنامج نبض وأحاسيس؟
هناك أسرار لنجاح البرنامج أهمها القائمون على إذاعة البحرين وبمقدمتهم مدير الإذاعة يونس سلمان، الذي يقدم للشعر الكثير من خلال منصبه في الإذاعة، وكشاعر يثري الساحة بجمال ما يطرح، إضافة إلى طاقم البرنامج المخرج القدير خالد المرباطي، ومقدم البرنامج الإعلامي يونس العيد، والمراسل يحيى العمري، والمصمم مصعب هاشم، والقائم على صفحة جماهير نبض وأحاسيس ثامر بن عبدالله المويس.

تناقش من خلال «نبض وأحاسيس» قضايا أدبية وشعرية حساسة لم يتطرق إليها أحد من قبل بكل جرأة وحيادية، ألا تخشى كمعد من ردة فعل الشعراء والإعلاميين والجمهور، وبالتالي يخسر البرنامج وجود بعض الأطراف المتعرضة للنقد؟
بالعكس، نراعي من خلال طرحنا لبعض القضايا الأدبية والثقافية، الصالح العام، ولا نبيت النية لأحد ولا نسدد حساباتنا بهذه الطريقة، نحن نضع يدينا على الجرح، نبحث عن حلول، نناقش ونحاور بحيادية بعيداً عن الأسماء، ولا تلزمنا عقول تتناول النقد من جانب واحد، طالما نبحث عن ساحة شعر نقية من الشوائب الشعرية.
نعود لتجربتك كشاعر، بالنظر لمسيرتك الشعرية نراك متألقاً خلال الـ10 سنوات الماضية دون هبوط في مستواك الشعري كما ذكر مؤخراً الكاتب يوسف شويطر في أحد أعداد صحيفة الوطن ما السر في ذلك؟
التوفيق من الله ثم التريث في النشر والظهور الإعلامي، لا أقطف النصوص قبل نضجها، أستمتع بكتابة مشاعري ومعايشتها قبل نشرها.

نتاجك الشعري على مدى عقد من الزمن لم توثقه في ديوان مقروء، ما الأسباب؟
الإنتاج الشعري يكفي لإصدار ديوانين أو أكثر ولكن التوقيت هو الأهم، وبالتأكيد التأخير من الأسباب هي نفسها التي منعت كثيراً من شعراء البحرين بعدم إصدار دواوين شعرية خاصة بتجاربهم، وأهمها غياب الجهة الداعمة لطباعة دواوين الشعراء وحفظ إنتاجهم الأدبي.

مشاركتك في شاعر المليون جاءت متأخرة جداً بالنظر لتجربتك، بعد 5 مواسم من المسابقة تشارك هذا الموسم، وكان من المتوقع مشاركتك في الموسم الأول أو الثاني، ما السبب في تأخر مشاركتك ولماذا هذا الموسم بالذات، وإلى أي مدى تتوقع الوصول؟
نعم جاءت متأخرة وكل تأخيرة فيها خيرة، ربما الظروف كانت تمنعني من المشاركة في المواسم السابقة، رغم التفكير بالمشاركة في كل موسم ولكن في هذا الموسم تهيأت الظروف وشاركت، ووصلت لقائمة الـ100، وبالنسبة للطموح فهو كبير ولكن لكل حادث حديث.

في حال عدم الوصول إلى شاطئ الراحة، ألا تعتقد أن هذا الأمر يؤثر على شاعريتك؟ خصوصاً أنك صاحب مسيرة رائعة في الساحة الشعرية اتسمت بالإبداع؟
بالعكس، لا أرى ما يعيب أو يؤثر على مسيرتي كشاعر سواء بوصولي أو عدمه، هذه المشاركة ستبقى مشاركة كغيرها الكثير، لا أنكر أن المشاركة في شاعر المليون تعطي الشاعر جناحين للتحليق في آفاق رحبة، وتصل به إلى أماكن لا يصل إليها بإقدامه، ولكن لن تكون نهاية المشوار عند الشاعر الحقيقي، وأنا كذلك.

كلمة أخيرة نختم فيها اللقاء..
أختم بقول الإمام الشافعي رحمه الله «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»، كل الشكر لصحيفة الوطن، وأتمنى أن تعود صفحة الشعر في جريدتكم الغراء تحت إدارة الإعلامي محمد الخلف لخدمة الشعر والشعراء في البحرين.