عواصم - (وكالات): يدخل النزاع في سوريا الذي حصد نحو 150 ألف قتيل وتسبب في تشريد ولجوء الملايين، عامه الرابع، دون أي بارقة أمل بقرب انتهائه، فالرئيس بشار الأسد لايزال في السلطة فيما المعارضة منقسمة على نفسها وتخسر المزيد من المواقع. وفي مؤشر على أن النظام ليس مستعداً للمصالحة، أقر مجلس الشعب السوري مشروع قانون يمهد الطريق أمام إعادة انتخاب الأسد لولاية جديدة ويقصي معارضيه المقيمين في المنفى من حق الترشح. وستجري الانتخابات في بلد مزقته حرب أهلية ويعاني من أزمة إنسانية غير مسبوقة واقتصاده منهار. ومع استخدام النظام الحديد والنار لقمع التظاهرات السلمية قبل 3 سنوات، بدأ المحتجون يحملون السلاح اعتباراً من صيف 2011، إلى أن تحول النزاع في فبراير 2012 إلى حرب شاملة مع قصف حمص وسط البلاد. وفي غضون السنوات الثلاث الماضية قتل أكثر من 146 ألف شخص، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهجر أكثر من 9 ملايين من بيوتهم، ليشكلوا أكبر تجمع للاجئين والنازحين في العالم. وهناك أكثر من مليون طفل محرومين من المساعدات الإنسانية، وأكثر من 250 ألف سوري محاصرين، وهؤلاء مخيرون «بين المجاعة أو الاستسلام». ومنذ ربيع 2013، استعاد النظام زمام المبادرة وأخذت قواته، مدعومة بمقاتلي «حزب الله» الشيعي اللبناني ومقاتلين شيعة عراقيين جندتهم قوات النخبة الإيرانية، تشن الهجوم تلو الآخر لاستعادة المدن من أيدي المعارضة. وتسيطر المعارضة على مساحة من الأراضي أكبر من التي يسيطر عليها النظام، إلا أن الفارق أن المناطق الخاضعة للنظام الأكثر اكتظاظاً بالسكان. لكن يبدو أن أياً من الطرفين، لا النظام المدعوم من روسيا وإيران، ولا المعارضة المسلحة المدعومة من دول عربية، قادر على أن يحسم المعركة عسكرياً. وعلى الصعيد الدبلوماسي فإن الأزمة وصلت أيضاً إلى طريق مسدود. فقد بدد فشل مفاوضات جنيف في يناير الماضي التي جمعت للمرة الأولى ممثلين عن النظام السوري والمعارضة، الآمال الدبلوماسية بالتوصل إلى حل سياسي للنزاع رغم نفي العواصم الغربية ذلك. من جانبه، طالب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد الجربا «العالم الحر» بتزويد السوريين «الوسائل لمحاربة نظام بشار الأسد والجهاديين والانتصار». وأضاف الجربا «آن الأوان للعالم الحر لمساعدة السوريين في الخروج من عزلتهم. عليه أن يؤمن لهم الوسائل لمحاربة بشار الأسد والجهاديين. يجب أن يؤمن لهم الوسائل للانتصار نهائياً على الأسد وعلى الجهاديين». وفيما اعتبر مؤشراً على إصرار النظام السوري على عدم التوصل إلى حل سياسي تشارك فيه المعارضة، أقر مجلس الشعب السوري مشروع قانون يمهد الطريق أمام إعادة انتخاب الرئيس بشار الأسد لولاية جديدة ويقصي عملياً معارضيه في الخارج من حق الترشح. واعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس احتمال إعادة انتخاب الأسد أمراً «يثير السخرية» وقال في رسالة تضامن مع الشعب السوري إن «النظام السوري يتحمل كامل المسؤولية عن مأساة إنسانية هي الأسوأ في القرن الحادي والعشرين، مع نحو 150 ألف قتيل وملايين اللاجئين».
وتابع الوزير الفرنسي «حيال هذه الجرائم، ستواصل فرنسا العمل من أجل انتقال سياسي. إن المهمة التي حددتها الأمم المتحدة تجعل احتمال إعادة انتخاب بشار الأسد رئيساً أمراً لاغياً وكأنه لم يكن».
وحذر المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي من إجراء انتخابات رئاسية في سوريا، مؤكداً أن حصولها سينسف مفاوضات السلام الرامية لوضع حد للنزاع في هذا البلد. واعتبرت دمشق أن الإبراهيمي «تجاوز مهمته» بالحديث عن الانتخابات الرئاسية السورية.
وبعد 14 عاماً على توليه السلطة، لم يعلن الأسد رسمياً عزمه الترشح لولاية جديدة في الانتخابات المقرر إجراؤها قبل يوليو المقبل، إلا أنه سبق أن قال إن هناك «فرصاً كبيرة» لترشحه للرئاسة. من جهته، أعرب السفير البابوي في سوريا ماريو زيناري عن «تخوفه من نسيان» هذا البلد حيث تسمم «الأحقاد» النفوس «في ما يتجاوز الأضرار المرئية»، داعياً المجموعة الدولية إلى «إحياء الحوار بأشكال أخرى». في الوقت ذاته، تدور معارك طاحنة داخل مدينة يبرود أحد أبرز معاقل المعارضة المسلحة في ريف دمشق.
وقال مصدر عسكري إن «معارك عنيفة تدور داخل الأحياء الشرقية ليبرود».
وأضاف أن «القادة الـ 13 لمقاتلي المعارضة الذين كانوا يقودون العمليات قتلوا»، متحدثاً عن «عدد كبير من القتلى» في صفوف مقاتلي المعارضة. من جانبه، بث التلفزيون الرسمي السوري مشاهد من تلة تشرف على يبرود، مؤكداً أن «الجيش السوري يتقدم في المدينة ويوسع سيطرته على غالبية المناطق التي تربط سوريا بلبنان». وذكر المرصد السوري أن «القيادي في جبهة النصرة أبوعزام الكويتي لقي مصرعه خلال قصف واشتباكات مع القوات النظامية وحزب الله وقوات الدفاع الوطني على أطراف مدينة يبرود، ويعد أبوعزام الشخصية الثانية في جبهة النصرة بالقلمون».
وفي لبنان، قتل شخص وأصيب 3 بسقوط صواريخ مصدرها الأراضي السورية على قرى شرق لبنان تعتبر معاقل لـ «حزب الله». كما قتل 9 أشخاص وأصيب 50 في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة مع اندلاع موجة جديدة من أعمال العنف الطائفية في طرابلس شمال لبنان الذي يقوض استقرارها التوتر الناجم عن النزاع السوري.