لم يعد تعزيز العلاقات الخليجية الباكستانية ضرباً من اللهو والترف، بل بات ذلك حاجة ملحة للغاية، خصوصاً في ظل التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة والخطيرة، إضافة لتنامي الدور الباكستاني في الإقليم، والتخوف المشروع من الغدر الغربي للدول الخليجية.
يكفي أن تتولى القيادات الخليجية أهمية قصوى وخاصة، لتطوير العلاقات مع جمهورية باكستان الإسلامية، فزيارات بعض ولاة العهد الخليجيين إلى باكستان لتعزيز أطر الصداقة بين دول الخليج وإسلام آباد، والتي تم عبرها التوقيع على عدد من الاتفاقات الثنائية ذات الاهتمام المشترك، والحرص الشديد على أن يزور بعض قادة مجلس التعاون الخليجي لباكستان في قادم الأيام، كما شمل ذلك بعض الزيارات المهمة التي قام بها مسؤولون خليجيون لإسلام آباد يدعون من خلالها الجانب الباكستاني لزيارة المسؤولين فيها دول الخليج العربي.
إن من أكثر الدول الخليجية انفتاحاً على جمهورية باكستان الإسلامية، هي كل من مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، وإذا انتقلنا إلى الجولة الآسيوية للأمير «سلمان بن عبدالعزيز» فسنجد أن زيارته لباكستان (التي تربطها بالمملكة علاقات تجارية قوية، جاءت لتؤكد تطابق وجهات النظر السعودية - الباكستانية، تجاه جملة من القضايا العربية والإسلامية والدولية، فالمحادثات بين الجانبين أفرزت مجموعة من الرؤى السياسية التي رسمت آفاق التفاهم والتعاون العميقين بين القيادتين، لتحقيق المزيد من المصالح والمنافع المتبادلة بين البلدين. كما إن القيادتين السعودية والباكستانية حرصتا دائمًا في كثير من المناسبات على تعزيز أوجه التعاون في مختلف المجالات؛ لدعم قضايا الأمة الإسلامية والحرص الشديد على تعزيز السلم والأمن الدوليين؛ وهو ما تجلى من جديد في أثناء زيارة ولي العهد لإسلام آباد، مع وجود فرص متاحة للتعاون بين البلدين في مجالات عديدة وخاصة التجارية والاستثمارية، حسب مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية.
ويرى بعضهم أن»العلاقات الباكستانية الخليجية لها أبعاد مختلفة اقتصادية وسياسية وعسكرية. فمن جهة، تقدر طاقة العمل الباكستانية في الخليج بأربعة ملايين عامل، وعلى الصعيد العسكري هناك تعاون متعدد الأوجه مع كافة دول الخليج. وأن من أبرز الإيجابيات في العلاقة بين الباكستانيين والهنود هو عملهم جنباً إلى جنب في دول الخليج والتي خلقت نوعاً من التقارب والتفاهم، لم يكن موجوداً طيلة عقود من الزمن.
من جهة أخرى يؤكد آخرون أن أهمية اهتمام دول الخليج العربي بباكستان بالنسبة لدول الخليج العربي، «يكمن في كونها قوة نووية في المنطقة، ولاعباً فاعلاً في دعم الأمن والسلام العالمي، لا سيما في ظل تجاورها مع بعض الدول التي تعتبر مصدراً للتوتر في الشرق الأوسط والمجتمع الدولي بصفة عامة، مع ضرورة وأهمية تعميق فهم دول الخليج بالرؤية الباكستانية والمنظور الباكستاني للمتغيرات الحساسة في المنطقة خاصة ما يتعلق منها بالأمن، وأن هناك عوامل متعددة في العلاقات البحرينية الباكستانية، فثمة تشابه ثقافي، ودعم سياسي متبادل، وعلاقات تاريخية وكانت باكستان من الداعمين لقرار الأمم المتحدة بشأن استقلال البحرين في 1971، إضافة إلى مساهمة قوة العمل الباكستانية في البحرين ودول الخليج كافةً».
إن حرص قيادات دول الخليج العربي على فتح آفاق متطورة مع باكستان، سيدخل المنطقة مرحلة جديدة من الحراك السياسي والتجاري والثقافي، وهو ليس بجديد هنا، ولكنه امتداد لحقبة تاريخية زاهية من التعاون والتلاقي، وستظل باكستان، دولة إقليمية ودولية إسلامية مرحباً بها، خاصة مع تخلي بعض الأصدقاء الغربيين عن الدول الخليجية في فترات الصخب السياسي والأوضاع الراهنة الساخنة، مما يفتح المجال على مصراعيه لتقوية العلاقات مع إسلام آباد ونيودلهي وبكين وبقية نمور آسيا، تأميناً صريحاً لمستقبل دول باتت تبحث عن مستقبلها بصورة جادة هذه المرة.