منذ الأيام الأولى التي شهدتها أحداث البحرين المؤسفة، لم تتأخر جمهورية باكستان من اتخاذ موقف صارم وواضح من الأزمة في البحرين، وأبدت وجهة نظرها الصريحة حول موقفها الداعم لحكومة البحرين ووقوفها إلى جانب الاستقرار والسلام للمملكة.
منذ ذلك الحين أشاد رئيس جمهورية باكستان الإسلامية بالإجراءات التي اتخذتها البحرين للمحافظة على الأمن والاستقرار والحفاظ على مكتسباتها، متمنياً لمملكة البحرين وشعبها دوام الأمن والتقدم والرخاء، ومن ذلك الحين أيضاً، فقد شدد رئيس الوزراء الباكستاني على وقوف بلاده إلى جانب مملكة البحرين في هذه الظروف التي تمر بها مؤكداً دعم بلاده لكافة الإجراءات والخطوات التي اتخذتها مملكة البحرين في التصدي لكل ما يمس أمنها واستقراها مؤكداً على مبدأ عدم تدخل أي دولة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين. ومن جانبه، أشاد رئيس هيئة الأركان بالإجراءات التي اتخذتها مملكة البحرين للحفاظ على أمنها واستقرارها وكذلك دور قوات درع الجزيرة الداعم لهذه الإجراءات، كما شددت وزيرة الدولة للشؤون الخارجية الباكستانية على ضرورة عودة الأمن والاستقرار لمملكة البحرين، وأكدت على مبدأ عدم تدخل أي دولة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين. وأشادت بالسياسة الحكيمة لمملكة البحرين وما حققته من إنجازات في جميع المجالات وقالت إن باكستان تعلق أهمية كبيرة على علاقاتها مع مملكة البحرين وهي ترغب في مزيد من تدعيم العلاقات في مختلف المجالات، كما أشادت بالرعاية والاهتمام الذي تلقاه الجالية الباكستانية العاملة في مملكة البحرين من الدولة وأجهزتها المختلفة.
هذا الاهتمام من الطرف الباكستاني بالأمن والاستقرار في البحرين هو امتداد لاهتمامها بأمن واستقرار دول الخليج العربي، ولو أخذنا لمحة خاطفة عن سبب هذا الاهتمام، لوجدنا أن “بين باكستان والخليج تداخل جغرافي وعرقي واسع ومتجذر، وجالية باكستانية تضم بضعة ملايين في أقل تقدير، وخطوط ملاحة استراتيجية مشتركة، وتفاعلاً يوميًّا على جميع الصعد وفي كـل شــيء. وبمعيار التوصيف الجيوسياسي، تعد باكستان دولة مجاورة للخليج العربي، بل يصعب فصل حالة الأمن في هرمز عن الظروف السائدة في إقليمي السند وبلوشستان، وهذا، على الأقل، ما أثبتته خاصة أحداث العقدين السابع والثامن من القرن العشرين. وثمة ترابط وثيق على مستوى الممرات البحرية بين الخليج وبحر العرب، حيث تقع كل من صلالة العمانية وكراتشي الباكستانية وبومباي الهندية على ذات الامتداد، وهذا فضلاً على هرمز نفسه. ورغم ذلك فإن تحليل العلاقة بين حالة الأمن في باكستان وأمن الممرات المائية، واستتباعًا أمن الطاقة النفطية، يقتضي تعريفًا أوسع مدى لخطوط الملاحة الحيوية، أو لنقل للمرات الاستراتيجية، بين هرمز وملقا، أو بتعبير آخر شرق المحيط الهندي”.
بهذه المقاييس وبالعمق الجغرافي والتاريخي والروحي الذي يربط باكستـــان بــدول الخليـــج العربـي، لا يمكن في ظل الأحداث التي تشهدها البحرين أن تتخذ إسلام آباد موقف المتفرج، ومن هنا فإن موقفها من الأمن والاستقرار في البحرين، يعتبر من الثوابت الواضحة في السياسية الباكستانية، وهي وعلى الرغم مـــن الوتيرة المتسارعة وتغيير بعض من الحلفاء لمواقفهم من البحرين، إلا أن باكستان، ظلت وفية لمبادئها السياسية تجاه الخليج، والبحرين بشكل خاص، ولذلك فإن المنامة ستظل حريصة على تعزيز عرى الصداقة بينها وبين إسلام آباد، حيث لا يمكن لأي منهما التفريط في علاقتهما ببعضهما البعض، وفقاً للرؤى والمصالح المشتركة منذ الأمس وحتى اليوم، وربما المستقبل البعيد كذلك.