اهتمت جمهورية باكستان الإسلامية في بناء قدراتها العسكرية منذ استقلالها في عام 1947، وعزز تلك الرغبة دخولها في حروب وتنافس مع جارتها الهند، فضلاً عن وصول العسكر لأكثر من مرة إلى سدة الحكم، لتكون المحصلة النهائية امتلاكها لأحد أكبر الجيوش على الصعيد العالمي.
بناء القدرات العسكرية الباكستانية اهتم من اللحظات الأولى في عملية تصنيع الأسلحة والاعتماد الذاتي على إيجاد منظومة واسعة من المعدات والأسلحة المحلية، حيث بدأت في بداية الأمر عبر صناعة الأسلحة الخفيفة وسراعاً ما دخلت إلى مجال صناعة الأسلحة الثقيلة والبدء بشكل سري في مشروع التسلح النووي الذي تعد باكستان الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلكه بشكل رسمي.
واستعانت باكستان في بناء منظومة أسلحتها بعدة من الدول أبرمت معها اتفاقات منذ سبعينات القرن الماضي ومنها إيران وتركيا والصين.
بعد حرب عام 1971 قررت إسلام آباد -وفقاً لصحيفة عكاظ السعودية التي زارت بعض من المصانع العسكرية- الشروع في برنامج أكبر نسبياً بالاعتماد على الذات عسكرياً، حيث تم إنشاء قسم الإنتاج الدفاعي عام 1972. ومنح التفويض لوضع سياسة لصياغة الخطط والتنسيق بين المشتريات وتسريع وتيرة التطور التكنولوجي العسكري من خلال توطينها. وفي عام 2004 أنشئت وزارة الإنتاج الدفاعي، حيث نجحت الوزارة في الوصول لمرحلة الاعتماد على الذات في كافة المجالات الدفاعية وليس في القوات المسلحة فقط وأصبحت لديها طاقة لتصدير معدات الدفاع إلى بعض الدول الصديقة.
ووفقاً لتقارير، فإن القدرات العسكرية الباكستانية تطورت أيضاً بفضل حاجة الولايات المتحدة الأمريكية لحليف استراتيجي في الثمانينات القرن الماضي للتصدي للاجتياح السوفيتي لأفغانستان، وهو الأمر الذي نتج عنه إبرام اتفاق مع واشنطن بـ3.2 مليار دولار (ارتفع بع ذلك إلى 4 مليار)، وذلك بعد أن حظرت الولايات المتحدة على باكستان شراء المعدات العسكرية منها نظراً لإصرارها على المضي قدماً في برامجها النووي.
وساهم اتفاق واشنطن مع إسلام آباد على تطوير الاستراتيجية الدفاعية للأخيرة، فاستطاعت باكستان من الحصول على آخر واحدث المقاتلات الجوية من ف 16 وطائرات الاواكس، وتحديث القوة البحرية بمشاركة الولايات المتحدة وبريطانيا.
التعاون العسكري بين باكستان والدول الغربية وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية لم يتوقف عند مدى معين، خصوصاً مع التطورات المتصاعدة والمتعددة التي تشهدها الساحة الأفغانية.
واستطاعات إسلام آباد بفضل ما تمتلك من جهود بشرية واتفاقات تعاون عسكرية واسعة، أن تصنع العديد من الأسلحة، وتطورت الصناعات الباكستانية بشكل مثير من صناعة صغيرة متخلفة تلبي بعض الاحتياجات إلى صناعة بدأت في إنتاج المقاتلات وتنتج سلسلة ضخمة من الصواريخ الباليستية.
واليوم، يشهد الإنتاج الباكستاني القوي والحيوي في مجال الدفاع تقدماً كبيراً في مجال تطوير القدرات المحلية لإنتاج منظومات ومعدات الأسلحة المتطورة، حتى أصبحت قادرة على تصدير منتجاتها بمستوياتها كافة، بدءاً من الأسلحة الصغيرة وحتى المقاتلات النفاثة.
وبإلقاء الضوء على جانب بسيط من الصناعة العسكرية الباكستانية، فإن دبابة «خالد» تمتلك من الميزات ما يضاهي ميزات أفضل الدبابات في العالم، من حيث استهداف العدو ليلاً وتتبع المركبات ودبابات العدو، كما إنها تمتلك مدرعات سعد.
وعلى صعيد الطائرات، فإن باكستان تطرح العديد من الطائرات ومنها الطائرة المقاتلة الرعد JF-17 في مقدمة الإنتاج الحربي الذي يمكن للدول الحصول عليها.
وعلى صعيد البحري، فإن الإنتاج الحربي لإسلام آباد يمتلك العديد من الخيرات من الغواصات والسفن الحربية المصنعة محلياً، ومنها جورات والسفينة المزودة بالأسلحة «شاه جهان»، والتي يتم تعديلها وفقاً لمتطلبات الدولة الراغبة في الحصول عليها.
وأما في ما يتعلق بالصواريخ الباليستية، فإن باكستان استطاعات صناعة أكثر من نموذج يصل مداها إلى آلاف الكيلومترات بحسب بعض التقديرات.
ووصلت باكستان للاكتفاء الذاتي رغم ضعف الموارد المادية والإمكانات المالية في إنتاج دباباتها الخاصة ومقاتلاتها وغواصاتها المحلية والفرقاطات بالاعتماد على الذات بصفة أساسية وتطورت تلك المنظومات من بسيطة التقنية إلى إضافة كل مستحدث عليها، ولعل هذه النقلة النوعية في صناعة السلاح الباكستاني كانت لها مقدمات طويلة في هذه القارة المضطربة أمنياً، ناهيك عن طبيعة العلاقة المتوترة مع الجوار، ومن هنا دأبت باكستان على تطوير الإمكانات العسكرية.
لقد أصبحت باكستان من المصنعين العالميين في الصناعة العسكرية، حيث قدمت مجموعة واسعة من المنتجات التي تفي بجميع الاحتياجات المتعلقة بالدفاع تقريباً من القوات البرية والجوية والبحرية. ويبدو أن فرض العقوبات على باكستان ساهم في تصميم الوزارة على استمرار التصنيع تلبية لطلب الجيش والوصول لمرحلة الاكتفاء الذاتي.