يبدو أن دول الخليج العربي سوف تتوجه هذه المرة إلى فتح آفاق جديدة في العلاقات الخليجية الآسيوية، خاصة بعد أن شهدت العلاقات الخليجية الغربية فتــوراً واضحاً بسبب السياسـات الخاطئــة التي يتخذها الغرب تجاه الدول الخليجية فيما يتعلق بالقضايا الداخلية والإقليمية التي تخصها، والذي يؤثر بطريقة مباشرة على التبادل الاقتصادي والتجاري.
يبدو أن محرك الاقتصاد هذه المرة، دفع دول الخليج العربي للانفتاح على الدول الآسيوية، وعلى رأسهم جمهورية باكستان الإسلامية، والتي تمثل موقعاً استراتيجياً صلباً بين الدول الآسيوية، من شأنه أن يعزز حركة التجارة البينية بين دول الخليج وباكستان، خصوصاً أن العلاقات السياسية بينهم تتمتع بمميزات خاصة وتاريخية.
كما يبدو أن «باكستان بموقعها الجيـو - استراتيجى وعلاقاتها التاريخية القديمة مع دول مجلس التعاون تعدّ من العوامل المهمة للتقارب البيني خاصة أن قوة باكستان النووية وعلاقاتها وحدودها المشتركة مع إيران يجعلانها صاحبة دور مؤثر في البيئة الأمنية الإقليمية. ومنذ سنوات مضت تدرك كل من باكستان ودول مجلس التعاون أهمية التعاون بينهما في مجالات الحرب على الإرهــاب ومكافحة الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات».
هذا «وقد وقَّع مجلس التعاون مذكــرة تفاهم مع باكستان لتدشين آلية الحوار الاستراتيجـــي فــي عـــام 2011 بهــــدف الارتقاء بمستوى العلاقات البينية على كل الأصعدة. وتتفاوض باكستان منذ سنوات للتوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة مع دول مجلس التعاون انطلاقاً من كونها شريكاً تجارياً رئيسياً يمكنها من توسيع وتنويع تجارتها في المنطقة. وتسعى باكستان لأن تلبي احتياجات دول الخليج العربي من الغذاء والعمالة بينما تلبي الدول الخليجية احتياجاتها من الاستثمارات في قطاعات الطاقة (حيث تعد باكستان مستورداً صافياً لموارد الطاقة) والبنية الأساسية والمشروعات الزراعية. وهكــذا بدا من الواضح أن مجلس التعاون لدول الخليج العربي يسعى وبقوة إلى تأمين محيطه الإقليمي من خلال تدعيم علاقاته بالقوى الإقليمية في محيطه درءاً لأي أخطار أيديولوجية أو عسكرية يمكنها أن تهدد سلامة واستقرار دوله».
ليســت هنالــك أصــدق مــن لغــة الأرقام، وهذا يبدو جلياً في حجم التبادل التجاري بين دول الخليج العربي وباكستان، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية وباكستان 111 مليار ريال في غضون عشر سنوات فقط، والفائض لصالح المملكة في نهاية المطاف، مع وجود فرص متاحة للتعاون بين البلدين في مجالات عديدة وخاصة التجارية والاستثمارية، وهو ما تمت ترجمته في توقيع البلدين اتفاقيتين تبلغ قيمتهما المالية 685 مليوناً و500 ألف ريال، هذا إذا ما أردنا الحديث عن واقع التبادل الاقتصادي بين دولة خليجية فقط.
إن الطاقة النووية التي تمتلكها باكستان، والوفرة الخليجية في رؤوس الأموال، جعل الأهداف الاستراتيجية والاقتصادية بين دول الخليج وباكستان واضحة المعالم، وتمتلك زخماً كبيراً للمستقبل، إذ ستظل باكستان دولة إسلامية في نهاية المطاف، وعلى ما يبدو ستظل حريصة على تقوية عرى الصداقة بينها وبين دول وقفت إلى جانبها عقوداً من الزمان، حين تخلى عنها جيرانها، ولهذا من المتوقع أن تشهد المراحل القادمة، حركة تجارية واقتصادية لم يسبق لها مثيل، بين دولة إسلامية نوويــــــة، ودول تسعى لتكوين فضــاءات سياسية مريحة مع دول ثابتة المعايير والرؤى السياسية، وهذا ما ينطبق تماماً على دولة بحجم باكستان.
أخيراً لتتضح الصورة فقد أشاد سفير باكستان لدى البحرين جوهر سليم «بعلاقات الصداقة والتعاون المثمر التي تربط البحرين وباكستان، وبالدور الفعال الذي يلعبه جلالة الملك في دفع العلاقة الثنائية بين البلدين إلى آفاق أرحب». وأشار إلى التطور المطرد في حجم التبادل التجاري بين البلدين وإلى التطورات الإيجابية التي حصلت خلال السنة الجارية والمتمثلة في مشاركة وفد بحريني مكون من 27 رجل أعمال في معرض 2013 الذي أقيم بمدينة كراتشي. وأعرب عن ثقته في أن تشهد علاقات الصداقة والأخوة بين البلدين مزيداً من النمو في المستقبل لأنها تراعي مصالح الطرفين، وأن البحرين تشهد تقدماً واضحاً في كل القطاعات في عهد جلالة الملك وبفضل سياسته الحكيمة ومبادراته المتوالية أصبحت المملكــة رائــدة فــي الإصلاح الاقتصادي وتحررت من اعتمادها على النفط كمصدر وحيد للدخل وأصبحت دولة ذات مصادر دخل متنوعة في المنطقة كما نجحت في خلق بيئة جاذبة للاستثمار لتصبح مركزاً متقدماً من مراكز الاقتصاد والمال.