باكستان، ليست عنصراً غريباً أو طارئاً في عالمنا العربي، بل هي من أهم الدول التي تشكل مع العرب محوراً هاماً في كافة القضايا المشتركة، بل يجب الاعتراف أن جمهورية باكستان الإسلامية، هي من أول الدول التي ناصرت القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
لم تتخذ باكستان الحديثة ومنذ أن تأسست موقفاً عدائياً أو حتى سلبياً من القضايا العربية، بل وقفت موقفاً صلباً وصريحا من العرب، فانحازت إليهم في قضاياهم المشتركة، ولو لا عامل اللغة، لكانت باكستان دولة عربية بامتياز.
إن مشكلة الدول المجاورة لباكستان، والخلاف التاريخي بينها وبين جاراتها، خصوصاً الهند وأفغانستان، جعلها تفتش عن جهات أكثر ثقة وصداقة من جيرانها، ومنذ البداية لم تحتر باكستان في خياراتها الاستراتيجية، ولهذا اختارت العرب والدول العربية حلفاء لها منذ التأسيس، وعليه ظلت العلاقات العربية الباكستانية، وعلى الخصوص العلاقات الخليجية منها راسخة كرسوخ الجبال، فظلت مناصرة للقضايا العربية عامة، والخليجية خاصة، وتحديداً مملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية.
ولعل هذا ما تجلى بأبهى صورة لهذا الفهم العربي الباكستاني، هو في الموقف الباكستاني من رفض السعودية قبولها عضوية مجلس الأمن الدولي مؤخراً، حيث «أعربت باكستان عن دعمها الكامل وتأييدها لموقف المملكة العربية السعودية المتمثل في اعتذارها عن قبول عضوية مجلس الأمن الدولي، وأوضح بيان صادر عن الخارجية الباكستانية في إسلام آباد أن باكستان تتفهم تماماً الأسباب التي دفعت المملكة إلى الاعتذار عن قبول عضوية مجلس الأمن الدولي، وأنها تساند الموقف السعودي الداعي إلى ضرورة إصلاح المجلس وتفعيله ليكون قادراً على إحراز التقدم إزاء جميع القضايا الإقليمية والدولية بما في ذلك الأزمة السورية والقضايا العالقة منذ عقود لاسيما القضية الفلسطينية، وأكد البيان أن باكستان التي تتمتع بعلاقات أخوية ووثيقة مع المملكة العربية السعودية تساند موقف المملكة في الدعوة إلى إصلاح مجلس الأمن، وتدعم الجهود التي تبذلها المملكة لضمان تسوية النزاعات بالوسائل السلمية وتثمن الدور الريادي الذي تؤيده المملكة لتحقيق الأمن والسلام الإقليمي والدولي، من جانبه نوه المندوب الباكستاني الدائم لدى الأمم المتحدة السفير مسعود خان بمكانة المملكة ودورها الريادي في المجتمع الدولي بحكم الثقل السياسي والمكانة الخاصة التي تحظى بها في منطقة الشرق الأوسط ومبادراتها الحكيمة إزاء القضايا التي تواجهها المنطقة».
هذا الموقف الصريح من دولة إسلامية صديقة للعرب، يبين مدى إيمان باكستان بالمصير المشترك بينها وبين الدول العربية والإسلامية، وأنها لم تقف يوماً في المكان الخاطئ من القضايا العربية، بل قدمت ما لم تقدمه العديد من دول العالم.
أما بخصوص القضية الفلسطينية فقد” اتخذت باكستان - منذ قيامها - موقفاً إيجابياً من جميع القضايا العربية، وخاصةً القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية إسلامية عادلة، ويبدو ذلك واضحاً عندما قام وزير خارجية باكستان في تلك الفترة بمساندة المجموعة العربية ضد قرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين ثاني 1947، كما إن باكستان وقفت ضد دعوة إسرائيل إلى المؤتمر الأفريقي - الأسيوي عام 1954 وكذلك مؤتمر باندونج عام 1955، وقد استمر الموقف الباكستاني على دعمه للقضية الفلسطينية”.
أما بالنسبة لعلاقاتها بالدول العربية والخليجية تحديداً فقد «نسجت» باكستان علاقات استراتيجية مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر كذلك، عادت عليها بمساعدات وعوائد من تصدير عمالتها إليها، وبحركة اقتصادية واجتماعية كبيرة للغاية، وصلت إلى مستوى المصاهرة.
هذه هي باكستان التي لو لا نطقها اللغة «الأردية»، لقلنا عنها إنها من أهم وأبرز الدول العربية، وليس فقط لدعمها تلك الدول، بل لمجموعة من المشتركات التي تجمع بينها وبين العرب، كما يقول التاريخ بذلك، ويشهد الواقع المعاصر عليه بقوة الفعل.