عواصم - (وكالات): وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس معاهدة تاريخية ألحقت القرم بروسيا، على أن تدخل على الفور حيز التنفيذ، متحدياً العقوبات الغربية التي أعلنت أمس الأول ضد موسكو، في حين سارعت كييف والدول الغربية إلى التنديد بتوقيع المعاهدة، بينما أكد رئيس وزراء أوكرانيا ارسيني ياتسينيوك المدعوم من الغرب أن النزاع بين بلاده وروسيا يدخل «مرحلة عسكرية» في أعقاب إعلان كييف عن مقتل أحد ضباط الجيش الأوكراني بعد إطلاق النار عليه في منطقة القرم. وأعلنت الولايات المتحدة انها ستفرض عقوبات جديدة على روسيا بعد ساعات من إعلان موسكو «ضم» القرم.
وأكد رئيسا المفوضية الأوروربية ومجلس أوروبا جوزيه مانويل باروزو وهرمان فان رومبوي في بيان مشترك أن الاتحاد الأوروبي «لا ولن يعترف بضم القرم وسيباستوبول» من قبل روسيا. وبعد خطاب في قصر الكرملين، وقع بوتين مع قادة القرم الجدد الموالين لروسيا اتفاقاً يؤيد انضمام منطقتين جديدتين إلى روسيا الاتحادية هما القرم ومدينة سيباستوبول التي تتمتع بوضع خاص في شبه الجزيرة.
وأوضح الكرملين أن الوثيقة تدخل حيز التنفيذ ابتداء من اليوم حتى لو أنه ما زال يتعين على البرلمان الروسي التصديق على قانون في هذا الشأن، وهو ما يعتبر إجراء بسيطاً. وسارع الرئيس الانتقالي في أوكرانيا اولكسندر تورتشينوف إلى الإعلان بأن أوكرانيا لن تعترف أبداً بـ «ضم» القرم إلى روسيا، مضيفاً «هذا قرار خطير غير قانوني على الإطلاق. إنه استفزاز خطير لأوروبا والعالم».
وذهب رئيس وزراء أوكرانيا ارسيني ياتسينيوك إلى أبعد من ذلك عندما دق ناقوس الخطر معلناً بأن النزاع بين بلاده وروسيا يدخل «مرحلة عسكرية» في أعقاب إعلان كييف عن مقتل أحد ضباط الجيش الأوكراني بعد إطلاق النار عليه في منطقة القرم.
وطالب حزب بطل الملاكمة السابق والمرشح إلى الانتخابات الرئاسية في 25 مايو المقبل، فيتالي كليتشكو بقطع العلاقات الدبلوماسية مع روسيا.
ووصف نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن تحركات روسيا في القرم بأنها «استيلاء على الأراضي»، محذراً من فرض مزيد من العقوبات على موسكو. وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن العلاقات بين روسيا والغرب يمكن أن تتغير في الأعوام المقبلة، معلناً أن لندن علقت جميع أشكال تعاونها العسكري مع موسكو ووقف صادرات الأسلحة إليها. وقال هيغ إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اختار «طريق العزلة» بتوقيعه على مرسوم بضم شبه جزيرة القرم. ومع أن النزعة الوطنية غلبت على خطابه الذي تضمن انتقادات شديدة للغرب، فإنه أكد أن روسيا لا تريد تقسيم أوكرانيا، بعد يومين على استفتاء في القرم وافق على إلحاق المنطقة بروسيا. وقال «في قلوب وعقول الناس، القرم كانت وتبقى جزءاً لا يتجزأ من روسيا»، مؤكداً أن روسيا «تخون» سكان شبه الجزيرة لو لم تستجب نداءاتهم لحمايتهم من الاحتجاجات في كييف التي أدت إلى إقالة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش.
من جانب آخر اعتبر الرئيس الروسي أن الغربيين «تجاوزوا الخط الأحمر» في الأزمة الأوكرانية.
ووقع بوتين مرسوماً اعترف بموجبه باستقلال شبه جزيرة القرم، متجاهلاً العقوبات التي أعلنها الأوروبيون والأمريكيون. وتشمل العقوبات الأوروبية والأمريكية التي تعد رمزية، عدداً محدوداً من كبار المسؤولين الروس والأوكرانيين الموالين لروسيا. وتستثني بوتين، لكنها تستهدف المقربين من الرئيس الروسي.
وتستهدف العقوبات 11 شخصاً كما أعلن البيت الأبيض، هم 7 من الروس و4 أشخاص متهمين بالتواطؤ مع روسيا في أوكرانيا، منهم الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش ومستشار ومسؤولان انفصاليان في القرم هما سيرغي اكسيونوف وفولوديمير كونستانتينوف.
ومن الروس الذين جمدت أرصدتهم في الولايات المتحدة، نائب رئيس الوزراء ديمتري روغوزين ورئيسة مجلس الاتحاد «البرلمان» فالنتينا ماتفينكو، ومستشاران مقربان من بوتين هما فلاديسلاف سوركوف وسيرغي غلازييف، ونائبان في الدوما.
وفي الوقت نفسه، اتخذ وزراء الخارجية الأوروبيون عقوبات -قيود على التأشيرات وتجميد أرصدة- ضد 21 مسؤولاً أوكرانياً وروسياً. وضمت اللائحة الرسمية التي نشرها الاتحاد الأوروبي اكسيونوف وكونستانتينوف وعسكريين روساً في القرم. والخيار العسكري مستبعد، ويعول الغربيون على النجاح بفرض عزلة دولية متزايدة على روسيا. وتحتفظ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذان يعدان من الشركاء الثلاثة البارزين لموسكو بإمكانية فرض عقوبات اقتصادية وتجارية. وأعلن وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس الذي ألغى زيارة مقررة إلى موسكو مع وزير الدفاع جان ايف لو دريان، أن باريس يمكن أن تعلق بيع سفينتي ميسترال بموجب عقد موقع في 2011.