بقلم - الشيخ زياد السعدون:
كلنا يريد السعادة، وكلنا يبحث عنها، لا إشكال في ذلك، بل هذه فطرة فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها، لكن الإشكال فيمن يتوهم أن سعادته سوف تتحقق إن فعل هذا الأمر، أو سلك ذاك الطريق، فتجد تاجراً سعادته في أن تربح تجارته، وتكبر شركته، ويذكر في السوق اسمه، ولكي يحقق ذلك فإنه يلجأ إلى الغش والتلاعب والتحايل، وهو يظن أن هذا يحقق له السعادة التي يريدها، فكيف ينعم بالسعادة وهو يعمل هذه الأعمال التي تغضب الله، يقول الله عز وجل «ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً»، وذاك الذي تزوجها من أجل جمالها، وهو يظن أن السعادة ستتحقق له لأنه تزوج تلك الجميلة الفاتنة، وإذا بحياته تتحول إلى جحيم لا يطفئه جمال تلك المرأة، بل كلما مر عليه يوم تمنى أن يأتي غداً، وهي ليست معه. وكذلك من كانت تظن أن السعادة لا تكون إلا بالمال «والجيب المليان»، فلو تقدم لها صاحب مال، وقيل لها لا يصلح لك لأن أخلاقه كذا وكذا، وعندما تتزوجه وهي تتوهم أن السعادة ستكون بالمال وحده، فما تلبث أن تكتشف الحقيقة، وهي أن السعادة ليست بالمال وحده، ولكن بعد فوات الأوان، وحالها كما قال الشاعر:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس
إن السعادة الحقيقية هي التي يكون لله فيها رضا، وكذا التي لا يعود من ورائها الضرر، ولنعلم أن كل ما يعود بالضرر على الإنسان في المال، وإن جلب له سعادة في الحال، فإن هذه السعادة موهومة مزيفة، كالذي لا يكف بصره عن النظر إلى النساء، وهو يظن أن هذا يجلب له السعادة والمتعة، قال الشاعر:
يسر مقلته ما ضر مهجته
لا مرحباً بسرور عاد بالضرر
فإذا شعرت بأنك تعمل في رضا الله، وشعرت بالرضا عن نفسك وشعرت برضا من حولك عنك، فاعلم أن تلك هي السعادة الحقيقية.