عواصم - (وكالات): أعلنت مصادر سورية معارضة «مقتل وإصابة 100 من اللاجئين السوريين في قصف لقوات الرئيس بشار الأسد أثناء فرارهم من بلدة «الحصن» وعبورهم إلى لبنان بمحاذاة النهر الكبير»، في الوقت الذي حققت فيه قوات الأسد نصراً جديداً بدخولها قلعة الحصن الأثرية بريف حمص وسط البلاد التي كان يسيطر عليها مقاتلو المعارضة منذ أكثر من سنتين، ما يشكل خطوة إضافية نحو تعزيز سيطرته على الحدود مع لبنان التي استمر منها تدفق النازحين، خاصة جرحى المعارك والقصف. ويأتي الهجوم على بلدة الحصن، آخر معقل لمقاتلي المعارضة في ريف حمص الغربي، بعد أيام من سيطرة القوات النظامية على مدينة يبرود، آخر أكبر معاقل المعارضة في القلمون شمال دمشق الحدودية مع لبنان أيضاً. ومن شأن سيطرة القوات النظامية على بلدة الحصن أنها باتت عملياً تتحكم بريف تلكلخ وريف حمص الغربي، وأقفلت الطريق إلى الحدود مع لبنان في تلك المنطقة. وبينما لايزال مقاتلون من مجموعات المعارضة المسلحة منتشرين في المنطقة الجبلية من القلمون في ريف دمشق، لكنهم شبه مطوقين، وتسعى القوات النظامية مدعومة من «حزب الله» اللبناني تأمين المنطقة الحدودية التي تقول السلطات السورية إنها ممر للسلاح والإمدادات والمسلحين. وأعلن الإعلام الرسمي السوري أن «الجيش السوري رفع علم الوطن على قلعة الحصن بعد القضاء على المسلحين الذين كانوا متحصنين فيها». وبث تلفزيون «الميادين» الذي يتخذ من بيروت مقراً صوراً مباشرة بدا فيها عدد من الرجال باللباس العسكري داخل القلعة وهم يرفعون العلم السوري ويلوحون به على سطحها، بينما تسمع أصوات رشقات رشاشة غزيرة.
وقال عقيد في الجيش السوري «تم تحرير قلعة الحصن والأرياف والقرى المجاورة، معقل المسلحين في ريف تلكلخ ومنطقة وادي حمص». وأضاف «استراتيجياً، هذا يعني أن خط الإمداد الذي كان يبدأ من وادي خالد في لبنان في اتجاه تلكلخ ثم حمص انقطع». وذكر العقيد أن «بعض فلول المسلحين يحاولون الهروب إلى الأراضي اللبنانية، ومجموعات من الجيش والدفاع الوطني تقوم بملاحقتهم». وأعلن مصدر عسكري سوري مقتل 11 مقاتلاً معارضاً في كمين نصبته لهم القوات النظامية خلال فرارهم من بلدة الحصن في اتجاه الأراضي اللبنانية.
وأكد مصدر أمني لبناني تعرض نازحين من سوريا لقصف خلال عبورهم معابر غير قانونية متفرقة على مجرى النهر الكبير الفاصل بين البلدين، ووقوع عشرات الإصابات. كما أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى «عشرات القتلى والجرحى» نتيجة استهدافهم بالقصف من القوات النظامية بين الحصن والحدود اللبنانية. وبين القتلى لبناني قيادي في مجموعة «جند الشام» التي كانت تقاتل في قلعة الحصن يدعى خالد المحمود، وهو معروف أيضاً بخالد الدندشي وأبو سليمان. وقد نعاه أهله في مدينة طرابلس شمال لبنان.
وقال المصدر الأمني اللبناني إنه تم نقل «60 جريحاً» ممن أصيبوا في القصف خلال محاولتهم دخول لبنان إلى مستشفيات الشمال، مشيراً إلى أن القصف طال منطقة وادي خالد اللبنانية وأصاب منزلاً بأضرار. وقال خالد حسين الذي شارك في نقل الجرحى والنازحين في منطقة وادي خالد إن «عملية النزوح من الحصن إلى وادي خالد بدأت قبل 3 أيام»، مشيراً إلى دخول 70 شخصاً إلى لبنان غير المصابين.
وأشار إلى وجود «جثث في مجرى النهر الكبير». وقال «إن هناك عدداً كبيراً من المقاتلين اللبنانيين السنة في الحصن مع مقاتلي المعارضة، وعدداً كبيراً منهم من الشمال». وفي منطقة أخرى من الحدود، نفذ الطيران السوري سلسلة غارات على بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع ريف دمشق.
وعرسال ذات غالبية سنية وهي تتعاطف إجمالاً مع المعارضة السورية وتستضيف عشرات آلاف النازحين السوريين. ورجح مصدر أمني لبناني أن يكون الطيران استهدف مقاتلين فارين من منطقة القلمون.
وإلى جانب المنطقة الجبلية المحاذية لعرسال التي يتواجد فيها مقاتلو المعارضة في القلمون، تسعى قوات النظام السوري إلى استعادة بلدة رنكوس جنوب يبرود. ورأى تشارلز ليستر من مركز «بروكينغز» للدراسات في الدوحة أن «الحدود اللبنانية ذات أهمية ضئيلة نسبياً فيما يتعلق بإمدادات السلاح إلى المعارضة المسلحة. إلا أن أهميتها تكمن في أنها على الصعيد اللوجستي العام، تشكل واحة لإجراء الاتصالات وتوجد فيها مخابئ صغيرة آمنة».
وأشار إلى أن حركة العبور عبر الحدود كانت تتم بشكل رئيسي عبر يبرود والقرى المجاورة لها، إلا أنه لم يستبعد استمرار عمليات التهريب عبر استخدام طرق فرعية صغيرة في منطقة رنكوس وفي محيط قلعة الحصن. وتوقع ليستر أن تحقق قوات النظام السوري «خلال الأشهر القادمة انتصارات استراتيجية أخرى في ريف دمشق وريف حمص»، إلا أن «طول الحدود وطبيعتها ستجعل أمر إقفالها نهائياً في وجه المعارضة أمراً شبه مستحيل».