بيروت - (وكالات): نالت الحكومة اللبنانية الجديدة التي أطلق عليها اسم «حكومة المصلحة الوطنية» الثقة بغالبية كبيرة، ما يفتح الباب أمامها لبدء مهامها رسمياً في مرحلة تتسم بالعديد من التحديات السياسية والأمنية.
ونقلت عملية التصويت مباشرة على شاشات التلفزة اللبنانية، ونالت الحكومة التي تضم غالبية الأطراف اللبنانيين من انتماءات سياسية متناقضة 96 صوتاً من بين 101 نائب حضروا الجلسة من أصل 128 نائباً يتألف منهم البرلمان. وحجب الثقة 4 نواب، وامتنع نائب واحد.
وتقدمت الحكومة بطلب الثقة من مجلس النواب ببيان وزاري استغرق شهراً كاملاً من النقاش بين أعضائها وتمحور حول دور «حزب الله» الشيعي اللبناني، العسكري وسلاحه في مواجهة إسرائيل. وانتهى الأمر بتسوية على عبارة تحتمل تفسيرات مختلفة اعتبر كل من الأطراف نفسه رابحاً من خلالها.
ونص البيان الوزاري بحسب الاتفاق التسوية على أنه «استناداً إلى مسؤولية الدولة في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه وسلامة أبنائه، تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأرض المحتلة».
وولدت الحكومة في 15 فبراير الماضي بعد أكثر من 7 أشهر على استقالة الحكومة السابقة وأزمة حادة على خلفية النزاع السوري. وتألفت من 24 وزيراً يتوزعون على الشكل التالي: 8 وزراء لقوى 14 آذار المناهضة لدمشق، و8 وزراء لحزب الله وحلفائه المقربين من دمشق، و8 وزراء للوسطيين والحياديين. وأطلق عليها اسم «حكومة المصلحة الوطنية» كونها جاءت، باعتراف الأطراف، نتيجة تسوية لا اتفاق سياسي، وذلك في محاولة من السياسيين لتخفيف حدة التوتر القائم في البلاد بسبب تداعيات الأزمة في سوريا المجاورة.
وكان الفريق المناهض لحزب الله يصر على إسقاط عبارة «حق لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته» في الدفاع عن نفسه في مواجهة إسرائيل، وهي عبارة درجت كل الحكومات السابقة منذ 2005 على إدراجها في بياناتها الوزارية، إلا أن قوى 14 آذار تعتبرها تشريعاً لسلاح حزب الله. وتعتبر أن الحزب يتذرع للاحتفاظ بسلاحه بأنه من أجل قتال إسرائيل، بينما في الواقع يستخدمه لفرض إرادته على الحياة السياسية اللبنانية.
وأسقطت العبارة من البيان، لكن لم يتم تكريس عبارة «مرجعية الدولة» في كل ما يتعلق بمقاومة إسرائيل كما طالبت قوى 14 آذار، بينما اعتبر فريق حزب الله أن «حق المواطنين» في المقاومة يشمله، كونه جزءاً من المواطنين. في المقابل، لم تتمكن قوى 14 آذار والفريق الوسطي من فرض فكرة «تحييد لبنان» عن النزاع السوري الذي كان يراد من إدراجه في البيان الضغط على «حزب الله» لسحب قواته من سوريا ووقف القتال إلى جانب قوات النظام السوري.
ويرى الفريق المناهض لحزب الله أن مشاركة الحزب الشيعي العسكرية في سوريا تجلب النزاع إلى لبنان، بدليل تصعيد عمليات سقوط الصواريخ والقصف الجوي من سوريا، والتفجيرات في مناطق مختلفة من البلاد منذ الكشف عن تورط حزب الله العسكري.
إلا أن الحزب يؤكد أنه سيواصل نشاطه في سوريا، معتبراً أنه يقوم به كعملية وقائية لمنع التطرف من الوصول إلى لبنان. ومبدئياً، يفترض أن تنتهي ولاية الحكومة الحالية كحد أقصى في 25 مايو المقبل، الموعد النهائي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.