كشف النائب العام علي البوعينين، أن العمل جارٍ لإنشاء دار لإيواء ضحايا الاتجار بالبشر من الرجال، مؤكداً الحاجة لإنابات قضائية خارجية في قضايا متشعبة الأطراف وعابرة للحدود.
وقال البوعينين في تصريح لـ«الوطن»، إن البحرين باتت في مرحلة متقدمة بمجال مكافحة الإتجار بالبشر، مضيفاً «مازال لدينا العمل الكثير في هذا المجال».
ولفت إلى أن المملكة غيرت الكثير من القوانين لتتماشى مع المعايير الدولية، ودأبت منذ فترة طويلة على الاهتمام بحقوق الإنسان بشكل عام والاتجار بالبشر خاصة، والحكومة لها جهود حثيثة من خلال اللجان المشكلة وتمثيل النيابة العامة فيها.
وذكر أن المملكة قيادة وشعباً من أولى البلدان المتنبهة لظاهرة الاتجار بالبشر، وحرصت منذ القدم على احترام حقوق العمالة الوافدة، وصارت موطناً لكل وافد يطيب له المقام على أرضها، مشيراً إلى أن البحرين لم تفرق يوماً بين مواطن ومقيم.
وأضاف أن المملكة توجت باعتبارها ثالث أفضل وجهة في استقبال العمالة الوافدة في العالم، وفي مجال محاربة جريمة الاتجار بالبشر وحفظ حقوق العمال، إذ أصدرت قانون العمل سنة 1957، لينظم العلاقة بين العامل ورب العمل، بما يحفظ حقوقهما ويحمي العامل من تعسف بعض أصحاب الأعمال، ونظم ساعات العمل والإجازات وفترات الراحة والأجور وكافة حقوق العامل.
وأضاف البوعينين أن التعديلات توالت على القانون بما يصب في مصلحة العمال وفقاً للتطورات الزمنية، وبعده صدر قانون تنظيم سوق العمل رقم 19 لسنة 2006 ونظم حقوق العمال وكفل لها الحماية اللازمة، وجرم من يستغل حاجة العامل للعمل ويتقاضى أي مبالغ أو مزية من العامل مقابل استصدار تصريح عمل بشأنه، أو مقابل استخدام العامل أو استبقائه في عمله.
وقال إن قانون العقوبات جرم كل الصور المشتبهة مع جرائم الاتجار بالأشخاص، وجرم السخرة وحجز رواتب العمال وحجز الحرية والفجور والدعارة سواء بالتحريض والإكراه والارتزاق من ممارساتهما.
وشدد على خطورة هذه الجريمة وآثارها السلبية على المجتمعات، وضرورة التصدي لها بحسم وقوة، مشيراً إلى أن أفضل طرق المواجهة تقتضي إعداد الكوادر المدربة على التصدي لها بما كفله القانون من أدوات ووسائل وعقوبات مغلظة.
ولفت إلى أن المجتمع الدولي لم يقف ساكناً أمام جريمة الاتجار بالبشر مع تنامي حدتها وتعاظم خطرها، إذ صدرت اتفاقية قمع الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير عام 1949، وكانت خطوة على الطريق تلاها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر صدور بروتوكول عام 2000، بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار في الأشخاص لاسيما النساء والأطفال الملحق باتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، ودخل حيز التنفيذ عام 2003، وانضمت إليه البحرين عام 2004.
وذكر أن صدور قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص رقم 1 لسنة 2008، عرّف الجريمة وبين صورها وأوجه إساءة الاستغلال وغلظ العقوبات على مرتكبيها، بما يتفق مع المواثيق والبروتوكولات الدولية في هذا الشأن.
وأضاف «بما أن النيابة العامة هي الأمينة على المجتمع بمواطنيه والمقيمين على أرضه بغير تفرقة بينهم، تولي جل اهتمامها للقضايا المتعلقة في هذا الشأن بالتحقيق الفوري فيها بنفسها، وتتولى تقديم المساعدة اللازمة للضحايا، حيث تودعهم بدار الأمان للإيواء وتتسع لـ126 نزيلة تتولى الدار تقديم الإقامة الكاملة لهن مع توفير الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية اللازمة.
وأوضح أنه جارٍ العمل على إنشاء دار مماثلة للضحايا من الرجال، وتتولى النيابة بنفسها الاستعلام عن الضحايا وما يعترضهم من معوقات طوال فترة إقامتهم وتوفير فرص عمل شريفة لهم.
ونبه إلى أن النيابة العامة تسعى جاهدة لسرعة التصرف حيال هذه القضايا بأسرع وقت، رغم ما تواجهه من صعوبات أحياناً تتمثل في ضرورة عمل إنابات قضائية خارجية نظراً لتشعب أطراف القضية في غالب الأحيان، ووجود أطراف خارج حدود واختصاص البحرين، فضلاً عما تتطلبه التحقيقات في هذه الجرائم من ضرورة تحقيق كافة أركانها، ما يستلزم عناية خاصة وخبرة كافية، لذا يحقق فيها أقدم أعضاء النيابة وأوفرهم خبرة لضمان استيفاء التحقيقات، وصولاً إلى صدور أحكام رادعة بحق المخالفين.
وذكر أن عدد القضايا الواردة للنيابة العامة في هذا الشأن وصلت عام 2013 إلى 25 قضية، تم الانتهاء من بعضها وإحالتها للقضاء، وصدرت بحق المتهمين أحكام مشددة بالسجن.
وقال «نجدد العزم على استمرار تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقنا في مقاومة هذه الجريمة، وملاحقة مرتكبيها وتقديمهم للمحاكمة الجنائية».