كتبت - عايدة البلوشي:
دشنت جمعية البحرين النسائية أمس بمركز كن حراً بالزنج، مشروع «الأمومة، المشروع الرائد للإنسانية»، بالتزامن مع الاحتفال بيوم الأسرة، بهدف الخروج بالأمومة من نطاق البيت إلى العالم، ونشر الوعي بفضيلة (الأمومة) كقوة داخلية أودعها الله في المرأة، وتمكين المرأة من فهم وإدراك طاقاتها وقواها الداخلية خصوصاً عاطفة الأمومة، وبيان دور المعرفة في تمكين المرأة من امتلاك خياراتها وتحديد أولوياتها، وتأسيس واقع ثقافي جديد يكشف الدور الجوهري للمرأة في نهضة الأمم.
وقالت مديرة المشروع فريال الصيرفي إن المرأة اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تكون أمومتها محصورة بين جدران بيتها، وإما أن تطلق عنانها فينعكس صدى تأثيرها على العالم برمته فتلتقي مع المصلحين والأنبياء نحو غاية واحدة، وهذا كله رهن اختيارها وما تقرره هي بنفسها، ولن تستطيع ذلك إلا حين تملك خياراتها المسلوبة وتعرف أولوياتها حق المعرفة.
وأوضحت الصيرفي أن المشروع يشتمل على مراحل أربع هي: الأمومة فضيلة ملكوتية، والأمومة والدور المشترك مع المصلحين، والمحور الثالث الأمومة ونور المعرفة، وتمثل المحور الأخير في الأمومة والمشروع الرائد للإنسانية.
وأضافت أن الأمومة ميزة خصت بها المرأة ومنحة إلهية معنوية وهبت لها كما وهبت لها منحة الحمل والإرضاع، والأمومة تحمل أقوى فضيلة وهي المحبة، وأبرر وأقوى ما تمتلكه المرأة قواها الداخلية (وهي فضيلة الأمومة)، وأيضاً أن استعداد المرأة فطرياً للتعامل وتفعيل فضائل الأمومة أسرع وأقوى من الرجل (حيث تجدها في جميع المواقف الإنسانية لأن حساباتها وأولوياتها واهتماماتها تصب باتجاه البعد الإنساني وليس الماديات أو المصلحة الشخصية).
وأكدت الصيرفي أن مشاعر الأمومة مدعومة بقيم إنسانية عليا أوجدها الله في طبيعة الأم، لتبدأ دورها الأمومي مع نفسها وأبنائها في الأسرة والمجتمع، وتوجد بصورة أكبر وأوسع في الأنبياء والصالحين كما أخبرنا القرآن الكريم عن نبي الله إبراهيم عليه السلام ليتعاملوا بها مع أقوامهم، وأوجدها كأمومة كونية في النظام الكوني والقوانين الحافظة للحياة على هذا الكوكب كأمومة التربية للبذرة، مردفة أن الله تعالى يقول (إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين) صدق الله العظيم، فهي لفتة قرآنية خص إبراهيم عليه السلام بها عن سائر الأنبياء بقلب الأمة والرسل والأنبياء كانوا أمة بطريقة أو بأخرى في أقوامهم، فلعل دعوة نبي الله إبراهيم كان ميزانها القيم الإنسانية والفضائل الخلقية مثيلها مشاعر الأمومة الصادقة.
وأوضحت الصيرفي أن المعرفة هي معيار الرقي الإنساني وهي مجمل الأفكار والخبرات التي يكونها الإنسان نتيجة التعليم الأكاديمي وخبرات العمل المهني والأنشطة التي يمارسها إلخ.. فالمعرفة هبة نور ذاتي يشتد وهجه بالممارسة والتوظيف ويزيح العقبات الفكرية ويعمر القلوب بالألفة والمحبة ويقوي العزائم، والمرأة بشكل خاص تحتاج إلى أن تسعى وتتحرك من وإلى الموقع الذي فرض عليها من مكانها لتخرج من دائرة الجهل بحقوقها التي وضعت فيها إلى المعرفة المحفزة لها على العمل والبحث والتغيير، وذلك التغيير الذي لن يتم بمجهودها الخاص تساندها الأمومة بوابة قواها الداخلية ومخزون فضائلها من القدرة على التحمل والتضحية والعطاء.
وأشارت إلى أن الأمومة هي أعظم شعور لدى المرأة الأم والميزة التي خصت بها ومنحت إياها كما منحت منحة الحمل والإرضاع، فالأمومة ليست عاطفة ضعيفة، بل مشاعر غنية بالقيم والفضائل الأخلاقية التي حصرت وقيدت في نطاق تربية الأم للأبناء ودائرة البيت الصغير، في حين أريد لها أن تحاكي دور الأنبياء والمصلحين في تطوير وإصلاح المجتمعات، حيث إن هذا المشروع يسعى إلى فضيلة الأمومة وفق معناها الواسع والأصيل، لتصبح مشروعاً رائداً ومرجعية أخلاقية لعمل المصلحين وكل دعاة التغيير الإيجابي في العالم.
ولفتت الصيرفي إلى أن الصورة المفروضة على المرأة اليوم تنأى بها بعيداً عن إنسانيتها، فهي لم تخلق من أجله بل سجينة لواقع يجعلها أسيرة للأشياء والآلات ولإشباع الرغبات وأن تكون جزءاً من الأطماع والجشع وكل شيء يبعدها عن إنسانيتها. وقد أجهضت المرأة كمشروع رائد لقيادة ركب نهضة الأمم، وأبعدت أشواطاً عن ميدان العمل «الأممي»، فجردت من طاقاتها وقدراتها التي حباها الله بها لتكون «أمة» في مجتمتعها كما كان إبراهيم عليه السلام أمة، واختزلت القوى الداخلية التي تمتلكها في محيط مجتمعها الصغير لتكون أشبه بجرم صغير في فضاء واسع، في حين أنها خلقت لريادة العالم الأكبر ولسبر أغوار الكون الأوسع، مما أحدث شرخاً عميقاً في مسيرة نهضة الإنسانية بأكملها ولا سبيل لتحقيق نهضة إنسانية شاملة تعيد للمرأة الأم مكانتها وللأمة عودتها إلا بتحسر الفجوة الراهنة للانتقال من الصورة الحالية للمرأة وصولاً إلى المرأة «الأمة».
وبينت الصيرفي أن أهمية هذا الموضوع ودراسته يكمن في الكشف عن طاقة الأمومة المغيبة في وعي المرأة والمجتمع على حد سواء، والتي إذا ما وعت المرأة والمجتمع بمضمونها وتم توظيفها كما أريد لها أن تكون، فإنها ستفضي إلى تبوؤ المرأة دوراً محورياً في نهضة الإنسانية وبناء الأمم وإلى تأسيس المجتمع الفاضل، وأيضاً توجيه الوعي المجتمعي حول «الأمومة» القوة الداخلية لكل من المرأة والرجل، واتصال تلك القوة بقوة القيم والأخلاق منهاج الأنبياء والمصلحين.