كتابة - روجر ديكنز:
ترجمة - أمين صالح:

يمكن للأفلام الترفيهية أيضاً أن تجعلك تفكر
لا أعتقد أن هناك أي خطأ أو عيب في الترفيه، لكن يمكن أن تصبح الأفلام أكثر إثارة للاهتمام عندما تكون محرّضة وتجعلك تفكر في أشياء ليست خيالية وهروبية على نحو صرف.
أحب أن أذهب إلى السينما وأشعر بأنني أنظر إلى عالم آخر، كما الحال عندما أتأمل لوحة. أحببت فيلم The Wild Bunch (للمخرج سام بكنباه) وأفلاماً أخرى أنتجت في الستينات والسبعينات ذات تنوّع وسعة في أفق التفكير. كنا نخرج من الصالة مستمتعين، وفي الوقت نفسه نفكر في قضايا مهمة.
-5 اجعل المتفرج يشعر بما تشعر به الشخصية
فيلم Jarhead كان مبنياً على يوميات كتبها جندي من المارينز. كان انعكاساً لتجاربه خلال عاصفة الصحراء بعد غزو الكويت في العام 1990. في أول جلسة نقاش، قال سام منديز (المخرج) إنه يريد من المتفرج أن يدخل في رأس الشخصية الرئيسة، وأن نعطيه الإحساس بما تشعر به الشخصية بشأن ما يحدث من حوله في البيئة الصحراوية، الجرداء، المكشوفة والكئيبة. لذلك فإن استخدام الشاشة العريضة كان خياراً مناسباً. كما قررنا أن نغطي بعض المشاهد بالكاميرا المحمولة باليد لإبراز المشاعر الحميمة مع الإحساس العميق بمباشرية اللحظة.
-6 اصبغ صورك بالألوان.
الأخوان جويل وإيثان (كوين) تحدثا إليّ عن فيلم يريدان تصويره في الجنوب، وذلك قبل قراءتي سيناريو الفيلم O Brother, Where Art Thou?.. المشاهد الخارجية النهارية تستغرق نصف الفيلم تقريباً. هما تخيلا بيئة جافة، مغبرّة، وحارة جداً. المواقع كانت في المسيسبي، حيث عملت خلال الصيف، بالتالي كنت أعرف أن المنطقة ستكون رطبة وأوراق النبتات ستكون ذات تدرجات متعددة من اللون الأخضر المورق. كان عليّ أن أجد طريقة لأخفف من درجات الأخضر وأعطي الصور مظهراً شبيهاً بالبطاقات البريدية القديمة، الملوّنة باليد. كنا من أوائل الذين استخدموا التقنية الوسيطة الرقمية. الفيلم يبدأ بمظهر مخفف، غير مشبع، لكن على مهل تنسل الألوان إلى الصور. الأخضر يتعرّض إلى الطمس، والمناظر الطبيعية تكتسى باللون البني وتدرجات الأصفر، في حين تظل درجات لون البشرة كما هي دون تغيير.
-7 يمكن للرقة أن تمارس تأثيراً قوياً
أثناء محادثاتي الأولى مع (المخرج) رون هوارد بشأن فيلم A Beautiful Mind نحن اتفقنا أن نخلق رقة في المظهر الذي يعكس الفترة الزمنية والحالة الذهنية للشخصية الرئيسية معاً.
روسل كرو أدى دور عالم الرياضيات اللامع الذي يصاب بالجنون. المشاهد الأولى كانت تدور في منتصف الأربعينيات وحتى نهايتها. أنا أضأت الفيلم مقدماً بإضاءة مرجانية اللون، معطياً إياها درجة من البرتقالي الذهبي للمساعدة في نقل الجمهور رجوعاً إلى ذلك الزمن والمكان. عندما يعاني عالم الرياضيات من هلوساته الأسوأ، الصور تصبح متباينة ومتغايرة أكثر. الجمهور سوف يتفاجؤون عندما تكشف لهم القصة أن الشخصيات التي تظهر له، ويتفاعل معها، هي في الحقيقة غير موجودة إلا في خياله أو لاوعيه. عندما يشفى ويعود إلى عمله، يعود العالم والمظهر إلى الحالة الطبيعية.
-8 للقصة أهمية أكبر
أنا أحب أن أجرّب مع التقنية الجديدة. أنت في هذه الحالة تشبه المستكشف الذي يحاول أن يرى إلى أي مدى يستطيع الذهاب. لكنها مجرد وسيلة لغاية ما.
إنك تحاول أن تروي قصة بالصور والتي تساعد البشر في مختلف بقاع العالم على أن يشاطروك التجربة. القصة هي التي لها الأهمية. أنا لا أفكر بوعي في المسؤولية التي تنسجم مع عملك كصانع فيلم، لكنها تكون دائماً هناك في ذهني.
-9 للطبيعة الأم عقلها الخاص
أثناء تصويرنا لفيلم True Grit كانت الفترة المحددة لتنفيذ العمل ضيقة جداً، ولم يكن بإمكاننا انتظار الإضاءة الطبيعية المثالية للمشاهد الخارجية. إحدى حسنات رسم قصة الفيلم storyboarding)) أنك تستطيع أن تبني النهار وفقاً للطريقة التي بها تتنقل الشمس عبر السماء. لكن ليس بإمكانك التحكم في الطقس. حتى عندما يكون الطقس حسناً ومناسباً، من الصعب أن تتنبأ متى يمكن للسماء أن تكون غائمة. بناءً على ذلك، نضطر أحياناً أن نصور أجزاء مختلفة من المشهد نفسه في طقس غائم وطقس مشمس معاً. التقنية تتيح لنا أن ندمج تلك العناصر من المشاهد بإجراء تعديل طفيف في صفاء اللون والتباين.
-10 تحتاج أن تجد طريقتك الخاصة
عندما يطلب مني السينمائيون الشباب أن أوجه لهم النصيحة، وهذا ما يفعلونه طوال الوقت، أقول لهم يجب أن تتشبثوا بما تشعرون أنه صحيح، وأن تجدوا طريقتكم الخاصة في تنفيذ الأشياء. الأكثر أهمية هو أن تعرف ما تريد تحقيقه، وليس فقط التقنيات التي يمكن توظيفها للوصول هناك. في النهاية، هذا يرجع إلى استعدادك وقدرتك على التعاون مع المخرج، الممثلين، الفنيين، وأي عنصر آخر.. مع ضرورة أن تتذكر دائماً أن لكل فرد شخصيته الخاصة.
أقول لهم: لا تقلدوا أحداً. ينبغي أن تشاهدوا الأفلام القديمة وتعشقوا الأفلام. لكن لا تحاكوا طريقة أحد، عليكم أن تجدوا أسلوبكم الخاص، وطريقتكم الخاصة في رؤية الأشياء.
-11 لكل لون إضاءته
إضاءة الأفلام المصورة بالألوان تختلف عن تلك المصورة بالأسود والأبيض. في حالة الأسود والأبيض، تكون واعياً تماماً لتكوين الكادر، وعمق الكادر، وطريقة تسليط الإضاءة في الكادر. أعتقد أن الأسود والأبيض يجعلك تركز أكثر على موضوع الكادر.
المصدر: Movie Maker, Winter 2011