كتب - حسن الستري:
بعد سجالات ومشاحنات دامت زهاء ساعة، وافق المجلس النيابي بأغلبية 20 نائباً مقابل 14، على تقديم طلب مشترك بين الحكومة و«النواب» إلى هيئة التشريع والإفتاء القانوني، لتفسير نص المادتين (80) من الدستور و(42) من اللائحة الداخلية للمجلس بشأن استجواب وزير المالية.
وبينما رأى النواب الرافضين للإحالة، أن الإحالة مقبرة للاستجواب، وتزلف للمسؤولين، ودفاع عن الفساد وهدر المال العام، قال الموافقون إن هناك نواباً يستعرضون عضلاتهم على أبواب الانتخابات.
وأكد وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل في جلسة الأمس، أن الحكومة حريصة على التعاون مع المجلس طبقاً للدستور الناص على الفصل بين السلطات مع التعاون بينها، لافتاً إلى أن النواب حريصون على توافق قراراتهم مع الدستور واللائحة الداخلية.
وقال إن لجنة فحص جدية استجواب وزير المالية، لفتت في تقريرها إلى عدم جدتيه.
وبشأن اعتراض الحكومة على نتيجة التصويت باعتباره مخالفة للدستور واللائحة، أوضح الفاضل أن مبدأ الخلاف القانوني بين السلطتين أمر وارد، والمشرع توقع ذلك وأوجد آلية للفصل، عبر هيئة الإفتاء والتشريع ومنحها صلاحية التفسير بموجب مرسوم بقانون أقره «النواب»، لافتاً إلى أن الحكومة طلبت الاحتكام لهيئة التشريع لأنها لا تستطيع الموافقة على أمر مخالف للدستور والقانون.
من جهتها قالت النائب د.سمية الجودر، إن التصويت تم بالإجماع على توصيات اللجنة المالية بشأن تقرير ديوان الرقابة المالية، وكان استجواب وزير المالية أحد هذه التوصيات ولم يتحفظ عليها أحد.
وأعربت عن أسفها أن يطعن تقرير لجنة الجدية في مصداقية مجلس النواب وتقرير ديوان الرقابة المالية، مضيفاً «اليوم تأتي الحكومة لتطعن في قرار مجلس النواب بتحويله لهيئة الإفتاء والتشريع، نريد زيادة الصلاحيات لا تقويضها».
بدوره أوضح النائب عيسى القاضي أن استجواب وزير المالية جاء بالنظر لتكرار المخالفات وكثرتها، وتوصية اللجنة المالية التي وافق عليها المجلس بالإجماع.
وأضاف «أن الاستجواب لم يكن كيدياً، وإنما بني على حقائق وأرقام، فالدين العام وصل لمرحلة خطيرة»، داعياً إلى رفض رسالة الحكومة ودعم الاستجواب للمصلحة العامة لأن مستشار المجلس أكد صحة التصويت.
وقال النائب عدنان المالكي «الاستجواب حقنا ولا نطعن بأي شخص، المجلس هو الحكم الأول، لنجعل هيبة للمجلس، ليكون مجلسنا قوياً كبقية المجالس».
وسانده النائب علي العطيش «المجلس مقتنع بصحة التصويت طبقاً للمادة 80، وإذا كانت الحكومة تريد أن نحتكم، فالجهة الفصل هي المحكمة الدستورية، كما إن المفترض أن يدرج الاستجواب على جدول أعمال الجلسة لمرور أسبوعين على موافقة المجلس عليه».
وعاد الفاضل ليؤكد أن الحكومة لا تسحب حق كفله الدستور للنواب ومنها الاستجواب، والموضوع خلاف قانوني على التصويت لا يلغي الاستجواب، مضيفاً «متى قالت الهيئة الاستجواب كان غير صحيحاً يعاد التصويت، وإذا أقرت بصحته يسير الاستجواب، إذ لا يمكن الموافقة على مسألة مع وجود شبهة قانونية ودستورية».
ورد النائب علي زايد «يجب احترام قرار المجلس وكفانا تدخلات، لدينا مستشارون، لا نحتاج إفتاءً من أحد، ولابد لنا من استخدام الأدوات الدستورية، ونرى أن الإحالة للهيئة مقبرة للاستجواب».
وأكد عراب الاستجواب النائب أحمد قراطة، أن الاستجواب قدم التزاماً بالقسم الدستوري وليس لهم أي مصلحة شخصية، ووضعوا أمامهم مصلحة البحرين، مضيفاً «النواب الآن أمام مسؤولية تاريخية، أمام فساد مستشر والأدلة لدى المستجوبين خير شاهد».
وقال «أنتم تضعون العصي في عجلة المشروع الإصلاحي بموافقتكم على الإحالة، وقلوبنا تعتصر ألماً بوجود من يدافع عن الفساد في المجلس»، واستشهد بالمثل القائل «إذا جاء الوجع من بطنك فمن أين تأتيك العافية؟».
وأردف قراطة «الوزير يحظى باحترام، لا يهمني شخصه تهمني وظيفته، هناك هدر للمال العام، ودين عام وصل إلى 6 مليارات، أبرئ نفسي أمام جلالة الملك والقيادة والشعب إذا أُحيل الاستجواب للهيئة».
وتساءل «كيف نحول الموضوع لهيئة أُنشئت بقانون، الموضوع يجب أن يحال للمحكمة الدستورية»، طالباً من النواب رفض رسالة الحكومة.
وأبدى النائب عبدالحكيم الشمري استغرابه من طلب وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب، إحالة الاستجواب لهيئة الإفتاء والتشريع للتحقق من صحة قرار المجلس بعد أسبوعين.
وقال «لو كان هناك جدية لتحققوا بأنفسهم، لماذا نتجاهل مطالب شعب البحرين خلال حوار التوافق الوطني بزيادة صلاحيات المجلس؟ لماذا لا نجعل المجلس محترماً أمام الناس؟»، مضيفاً «علينا التجرد من المصالح، لن ينفعكم التزلف لأي مسؤول».
واستغرب النائب سمير خادم «كيف تطالبنا الحكومة والرئاسة باستخدام أدواتنا الدستورية، وحين نريد استخدامها تمنعنا، نسأل عن أمر ويأتي الجواب حول موضوع آخر، ما نطالب به يؤكد ديمقراطيتنا، هناك هجمة على البلد تنال منه، ويقولون مجلسنا مسير، علينا أن نثبت خلاف ذلك، لا يصح التنازل عن حقوقنا، فالوزراء لن يحترموننا بعد ذلك».
من جهته قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالله الدوسري «أقف معجباً أمام حماس النواب، ومبعثه حرصهم على مصلحة الوطن، ولكن الحكومة ترى أن هناك لبساً، فما المانع من إجابتها لطلبها، لنقلب المعادلة، ماذا لو كان مجلس النواب من يريد الرأي، سنطلب الأمر ذاته، ليس هناك محاولة لإسقاط الاستجواب ووأده، كلنا وطنيون ونريد تفعيل الجانب الرقابي ومنها الاستجواب».
وسانده النائب عبدالله بن حويل «أستغرب رفض إحالة الأمر للهيئة، ما دام هناك اختلاف، ما المانع من اللجوء للهيئة، ما دوافع صراخ بعض النواب، فالانتخابات على الأبواب، أنت لديك أمانة ونحن لدينا أمانة، الرجل المحترم نحترمه، يجب احترام الآراء المختلفة لكن لا يصح توجيه النواب، والمزايدة عليهم، نحن لا ندافع عن الوزير».
ورد على نواب قاطعوه «لو لم تزايدوا علينا لما قلنا لكم أنكم تستعرضون عضلاتكم لأجل الانتخابات».
وقبيل التصويت قال الفاضل «هذا ليس أول استجواب، جرت استجوابات سابقة وتعاونت الحكومة مع المجلس واحترمت قراره، كلنا أقسمنا على احترام الدستور والقانون، ولكن نرى وجود شبهة، وهناك آلية لحل الاختلاف، وهذا ليس له علاقة بإسقاط الاستجواب».
970x90
970x90