كتبت - عايدة البلوشي:
على الرغم من مضي أكثر من قرن على رحيل جبران خليل جبران، لا يزال إرث هذا المفكر العربي الحالم يمثل مصدر إلهام للناس حول العالم إلى يومنا هذا.
ونظرا لأهمية هذا الشاعر والكاتب، فأننا في مملكة البحرين سنعقد مسرحية وتسلط هذه المسرحية الجديدة والتي ستنعقد في الصالة الثقافية اليوم 26 مارس وتستمر حتى 28 من مارس 2014 الضوء على حس الفكاهة العربي ودفء العائلة من خلال العلاقة بين جبران وأخته مريانا وهما يحاولان التكيف مع حياتهما الجديدة في أمريكا بعد هجرتهما من لبنان، والتي نتعرف من خلال سرد وقائعها التي تتمازج فيها الكوميديا والدراما على البيئة والأشخاص الذين تركوا بصمتهم في حياة هذا الكاتب الخالد.
ويقول الكاتب والمؤلف حمد عبدالرحيم الشهابي أن الشاعر والكاتب الكبير جبران خليل جبران يعتبر من أبرز الشعراء على الساحة وممن تركوا أثراً كبيراً وهو يستحق المتابعة والقراءة وله الكثير من الإمكانيات الأدبية والشعرية فقد كتب الشعر والمقال والخ..، لذلك اسمه في مقدمة أسماء المبدعين ويعتبر مرجع حيث إن كل شاعر في إمكانيات الجبران مما لا شك يعتبر مرجعا مهماً للجميع وخاصة للأجيال القادمة، حيث إن لولا الأجيال السابقة لما كانت الأجيال الحالية.
يضيف الشهابي: إن الاطلاع على كتابات وأعمال الشعراء مثل العقاد وأحمد شوقي والجبران يصقل الفكر لدى الشباب إلا أن مشكلة شبابنا في الوقت الراهن توجههم نحو العالم الجديد والتكنولوجيا والإنترنت وصدهم عن مثل هذه الكتابات والأدب الحقيقي الذي يترك أثراً في الفكر وحتى شعراء الجاهلية والمتنبي لأنه الشعر ثقافة لا محدودة ومن أشعار هؤلاء نكشف أحداث في غاية الأهمية وتخدم العقل العربي لذلك على الشباب الاطلاع على مثل هذه الكتابات الغنية بالمعرفة والفكر. ومن جانبها تقول الدكتورة ضياء عبدالله الكعبي: يمثل جبران خليل جبران واحدا من أبرز القامات العربية الحديثة الإشكالية في تلقيها وتأويلاتها ولاسيما في علاقته بالأديان السماوية ونظرته إلى ضرورة تجسيد القيم المسكونية بين البشر من الحرية والإخاء والمساواة دون التقيد بروابط العصبيات الدينية والقومية كيفما كانت مما جعل البعض يسارع إلى إلصاق تهمة نسبته إلى الماسونية دون النظر إلى طبيعة الظرف التاريخي والسياسي للبنان وللوطن العربي أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين: إننا نتحدث عن عصر إخضاع جل الوطن العربي للكولونياليات الاستعمارية ووجود جزء آخر منها في قبضة الخلافة العثمانية المتهاوية آنذاك إلى جانب المؤثرات الفاعلة في تشكيل كيان جبران الأدبي وهو ابن المتصرفية اللبنانية المنتمي إلى طائفة الموارنة في جبل لبنان والمهاجر في شبابه إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا يعني أن جبران كانت لديه إشكالية حقيقية في الانتماء والهوية شأنه في ذلك شأن عدد كبير من الأدباء اللبنانيين آنذاك المهاجرين إلى الأمريكيتين. وهنا نستحضر الأديب اللبناني ميخائيل نعيمة الذي أسس مع جبران وآخرين الرابطة القلمية التي كانت تمثل تجديداً صارخاً في الثورة على القيم والأشكال الأدبية العربية الموروثة. إن مقروئية جبران في الغرب كانت مقروئية بارزة؛ فكتابه»النبي» هو الأكثر إقبالاً من قبل المتلقي الغربي بعد مسرحيات شكسبير كما حظيت أعماله الإبداعية التي توزعت بين الشعر والمسرحية والرواية والكتابات شبه الفلسفية بدارسات أكاديمية وونقدية غربية معمقة ومثلت بعض أعماله المسرحية على كبريات المسارح العالمية إلى جانب غناء بعض أشعاره، وكلنا يتذكر قصيدة «أعطني الناي وغني «أو «المواكب» التي غنتها السيدة فيروز بصوتها الملائكي المنسجم مع فلسفة جبران، وهذا الأمر يضفي صفة العالمية على هذا الأديب اللبناني الذي نجح بأعماله في تجاوز الحدود القطرية الضيقة للإقليميات والعصبيات. ومن الطرائف التي أذكرها أن الناقد اللبناني متري بولس -وهو تلميذ ميخائيل نعيمة- كان يصر ويؤكد على أن سلمى كرامة الواردة في أحد أعمال جبران ما هي إلا ماري هاسكل الأمريكية عشيقة جبران؛ أي أن جبران قام بقلب بعض الحروف للتحايل، ويبقى كلامه عندي مجرد طرفة لطيفة!
الجدير بالذكر بأن جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 أبريل 1931 بداء السل. ويعرف أيضا بخليل جبران وهو من أحفاد يوسف جبران الماروني البشعلاني. هاجر وهو صغير مع أمه وإخوته إلى أمريكا عام 1895 حيث درس الفن وبدأ مشواره الأدبي. اشتهر عند العالم الغربي بكتابه الذي تم نشره سنة 1923 وهو كتاب النبي (كتاب). أيضاً جبران هو الشاعر الأكثر مبيعاً، بعد شكسبير ولاوزي.
ولد جبران لعائلة مارونية. أمه كاميليا رحمة (واسمها الأصلي كاملة) كان عمرها 30 عندما ولدته وهي من عائلة محترمة ومتدينة. وأبوه خليل هو الزوج الثالث لها بعد وفاة زوجها الأول وبطلان زواجها الثاني. كان والده راعي غنم سكير وفظ. وكانت عائلته فقيرة، لذلك لم يستطع الذهاب للمدرسة، بدلاً من ذلك كان كاهن القرية، الأب جرمانوس، يأتي لمنزل جبران ويعلمه الإنجيل والعربية والسريانية مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف إلى التاريخ والعلوم والآداب. في سنة 1891 تقريباً، سجـن والده بتهمة اختلاس وصودرت أملاكه، وأطلق سراحه في 1894. في 25 يونيو 1895، قررت والدته الهجرة مع أخيها إلى أمريكا وتحديداً نيويورك مصطحبة معها كلا من جبران وأختيه، ماريانا وسلطانة، وأخيه بطرس.
سكنت عائلة جبران في بوسطن. بالخطأ تم تسجيل اسمه في المدرسة خليل جبران. هناك، بدأت أمه العمل خياطة متجولة، أما جبران فبدأ بالذهاب للمدرسة في 30 سبتمبر 1895. وضعه المسؤولون في المدرسة في فصل خاص للمهاجرين لتعلم الإنجليزية. التحق جبران أيضاً في مدرسة فنون قريبة من منزلهم. كان هناك مدرس في مدرسة الفنون يدعى فريد هولاند دي، وهو الذي شجع جبران ودعمه لما رأى محاولاته الإبداعية، وقد استخدم فريد وهو ناشر بعض رسومات جبران لأغلفة الكتب في 1898.
في عمر الخامسة عشر، عاد جبران مع عائلته إلى بيروت ودرس في مدرسة إعدادية مارونية ومعهد تعليم عال يدعى الحكمة. بدأ مجلة أدبية طلابية مع زميل دراسة وثم انتخب شاعر الكلية. بقي في بيروت سنوات عدة قبل أن يعود إلى بوسطن في 10 مايو 1902. قبل عودته بأسبوعين توفيت أخته سلطانة بالسل. بعد سنة، توفي بطرس بنفس المرض وتوفيت أمه بسبب السرطان. أما ماريانا، أخت جبران، فهي الوحيدة التي بقيت معه، واضطرت للعمل في محل خياطة.