الكويت - (وكالات): أثار إبقاء مقعد دمشق شاغراً في القمة العربية الـ25 التي تعقد في الكويت، بعد سنة من منحه للمعارضة في قمة الدوحة، استياء كل من السعودية والائتلاف الوطني السوري المعارض، فيما اتهم ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود المجتمع الدولي بـ «خداع» المعارضة السورية، خلال افتتاح القمة، بينما دعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في افتتاح القمة إلى نبذ الخلافات المتزايدة بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية. في الوقت ذاته، شدد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على علاقة «الإخوة» مع «الشقيقة الكبـــرى» مصر، داعياً إلى حوار وطني فيها. كما حمل أمير قطر بشدة في كلمته على الحكومة العراقية التي اتهمها بوصم طوائف كاملة بالإرهاب، كما اتهمها بالتغطية على «فشلها» في الحفاظ على الوحدة الوطنية.
من جهته، حمل رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا في كلمة أمام الزعماء العرب بقوة على إبقاء مقعد سوريا شاغراً وقال إن ذلك «يبعث برسالة بالغة الوضوح إلى الرئيس بشار الأسد التي سيترجمها على قاعدة: اقتل اقتل والمقعد ينتظرك بعدما تحسم حربك». وانطلقت في الكويت، على مدار يومين، أعمال القمة العربية الـ25، بمشاركة 13 من قادة ورؤساء الدول العربية. ودعا أمير الكويت إلى نبذ الخلافات المتزايدة بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية. وقال الشيخ صباح في كلمته الافتتاحية للقمة التي وضعت تحت عنوان «التضامن»، «يجب علينا أن نتحدث حول أمر محزن، ألا وهو الخلافات التي اتسع نطاقها في الأمة العربية وباتت تقضي على آمالنا وتطلعاتنا، إننا مطالبون بنبذ هذه الخلافات والسعي الجاد لوحدة الصف وتوحيد الكلمة، فالأخطار كثيرة حولنا، مساحة الاتفاق بيننا أكثر من مساحة الاختلاف».
وشدد أمير الكويت على أهمية الملف السوري في القمة مؤكداً أن ما يحصل في سوريا «كارثة هي الأكبر في تاريخنا المعاصر».
من جانبه، اتهم ولي عهد السعودية المجتمع الدولي بـ «خداع» المعارضة السورية، خلال افتتاح القمة.
وقال إن التحديات في سوريا تواجهها «مقاومة مشروعة خدعها المجتمع الدولي وتركها فريسة سائغة لقوى غاشمة حالت دون تحقيق طموحات شعب سوريا».
وندد الأمير سلمان بتحول سوريا إلى «مأساة مفتوحة تمارس فيها كل أنواع القتل والتدمير على أيدي النظام الجائر، تساهم في ذلك أطراف خارجية وجماعات إرهابية مسلحة من كل حدب وصوب». ورأى أن «الخروج من المأزق السوري يتطلب تحقيق تغيير ميزان القوى على الأرض وتقديم للمعارضة ما تستحقه من دعم باعتبارها الممثل الشرعي للشعب السوري».
لكنه أكد «إننا نستغرب كيف لا نرى وفد الائتلاف يحتل مكانه الطبيعي في مقعد سوريا» بعد أن منح «هذا الحق» في القمة السابقة التي عقدت في الدوحة العام الماضي.
ودعــا إلى «تصحيح هذا الوضع» عبر اتخاذ قرار من شأنه توجيه «رسالة قوية إلى المجتمع الدولي ليغير من تعامله مع الأزمة السورية».
وقال إن الجهود المبذولة «على صعيد التخفيف من المعاناة الإنسانية للسوريين يمكن أن تحقق شيئاً من ذلك».
وأشار إلى أنه لابد من تضافر الجهود لتجاوز الصعوبات التي تمر بها الأمة العربية، وشدد في كلمته على أن القضية الفلسطينية في صلب اهتمامات المملكة، مشيراً إلى أن «الممارسات الإسرائيلية تقوض كل الجهود للتوصل إلى السلام». كما تطرق الأمير سلمان إلى الإرهاب داعياً إلى «أخذ الحيطة والتدابير اللازمة لمكافحته واستئصال جذوره».
ودان «بروز بعض المنظمات والمجموعات المتطرفة وما تدعيه بطلاناً باسم الإسلام والمسلمين، مما ينخدع به بكل أسف البعض».
وأكد أن ظاهرة الإرهاب أصبحت «مصدراً خطيراً وكبيراً على أمن واستقرار بلداننا وشعوبنا بل ووسيلة لزرع الفوضى والتفرقة والفتنة الأمر الذي يستوجب معه بذل الجهد الجماعي واتخاذ موقف موحد ومشترك للتصدي لهذا الخطر المحدق بنا جميعاً».
وختم قائلاً إن السعودية ستواصل «التصدي لهذه الآفة المقيتة، من خلال إصدار الأنظمة والإجراءات المجرمة للإرهاب وأصحاب الفكر الضال والتنظيمات التي تقف خلفه».
وفي الرياض، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية أن ولي عهد السعودية غادر الكويت عائداً إلى المملكة. من ناحية أخرى، أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في افتتاح القمة على علاقة «الأخوة» مع «الشقيقة الكبرى» مصر بالرغم من الخلاف الشديد بين البلدين، داعياً إلى حوار وطني فيها.
وقال الشيخ تميم في كلمة تسليم رئاسة القمة إلى الكويت «نحن نؤكد على علاقة الأخوة التي تجمعنا بمصر الشقيقة الكبرى التي نتمنى لها الأمن والاستقرار السياسي وكل الخير في الطريق الذي يختاره شعبها الذي ضرب أمثلة مشهودة في التعبير عن تطلعاته». وأضاف «نتمنى أن يتحقق ذلك عن طريق الحوار المجتمعي الشامل».
إلى ذلك، حمل أمير قطر بشدة في كلمته على الحكومة العراقية التي اتهمها بوصم طوائف كاملة بالإرهاب في إشارة إلى الطائفة السنية بسبب الاختلاف في السياسة، كما اتهمها بالتغطية على «فشلها» في الحفاظ على الوحدة الوطنية باتهام السعودية وقطر بدعم الإرهاب في العراق. وقال الشيخ تميم «لا يجوز أن ندمغ بالإرهاب طوائف كاملة وأن نلصقه بكل من يختلف معنا سياسياً فشأن ذلك أن يعمم الإرهاب بدلاً من أن يعزله». وأضاف «كما لا يليق أن يتهم كل من لا ينجح في الحفاظ على الوحدة الوطنية دولاً عربية أخرى بدعم الإرهاب في بلده». واعتبر الشيخ تميم أنه «آن الأوان أن يخرج العراق الشقيق من دوامة الشقاق والعنف ولا يتحقق ذلك بإقصاء قطاعات اجتماعية أصيلة أو اتهامها بالإرهاب إذا طالبت بالمساواة والمشاركة». كما طالب أمير قطر بالعمل على فتح المعابر وفك الحصار عن قطاع غزة. وخلص إلى القول «نحن هنا جميعاً ندين الإرهاب ولا خلاف في هذا الموضوع، وللإرهاب مفهوم محدد وهو استهداف المدنيين بالقتل والترويع وضرب المنشآت المدنية لأغراض سياسية». من ناحيته، دعا رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا العرب إلى تسليم مقعد سوريا في جامعة الدول العربية وسفاراتها في العواصم العربية للائتلاف المعارض. وقال الجربا إن السوريين يتساءلون إذا كان «الغرب تقاعس عن نصرتنا بالسلاح الحاسم فما الذي يمنع أشقاءنا عن حسم أمرهم حول مقعدنا بينهم». كما دعا الجربا إلى الضغط على المجتمع الدولي لتقديم أسلحة نوعية للمقاتلين المعارضين، فضلاً عن تكثيف الدعم الإنساني ومساعدة اللاجئين السوريين. وحمل الجربا بشدة على إيران و»حزب الله»، وقد غادر وزير المالية اللبناني الشيعي علي حسن خليل القاعة خلال كلمة الجربا بحسب وسائل إعلام محلية. وترفض دول عربية مؤيدة لسوريا منها العراق والجزائر ولبنان دعم مقاتلي المعارضة وتقول إن الإسلاميين ومنهم جماعات ذات صلة بتنظيم القاعدة هم الفصيل الأقوى في المعارضة المسلحة. من جانبه، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية د. نبيل العربي إلى الوقوف على الأسباب الحقيقية للخلافات العربية العربية والتعامل معها بشفافية ووضع حلول ناجعة لها من أجل تحقيق التضامن العربي. وجدد دعم الجامعة العربية لموقف دولة الإمارات العربية المتحدة لإيجاد حل سلمي لقضية جزرها المحتلة من قبل إيران من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. وقال إنه يتوجب وقف الاستيطان الذي تقوم به إسرائيل، كما دعا إلى تكثيف الدعم الفلسطيني اقتصادياً. وأضاف أنه لا بد من وجود حل سياسي يحقق للشعب السوري تطلعاته، مشيراً إلى أن تداعيات الأزمة السورية تهدد الأمن القومي للمنطقة العربية. كما دعا العربي إلى اجتثاث الإرهاب من جذوره من المنطقة العربية.
وفي الملف الفلسطيني، يتجه الزعماء العرب إلى إصدار قرار يؤكدون فيه رفض مبدأ يهودية دولة إسرائيل الذي تبنته واشنطن في جهودها للتوصل إلى حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بحسب مشروع قرار رفع إلى القمة.
وأكد مشروع قرار عربي صادق عليه وزراء الخارجية العرب ورفع إلى القمة «الرفض المطلق والقطاع للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية». ويتضمن مشروع القرار الخاص بفلسطين أيضاً منح الفلسطينيين شبكة أمان مالية بمائة مليون دولار شهرياً.
وقبيل افتتاح القمة وقف أمير الكويت وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة وهو يتوسط ولي عهد السعودية وأمير قطر وأمسك بيد كل منهما في مسعى لإبراز روح التضامن والمصالحة. وصرح مسؤول كويتي أن جدول أعمال القمة العربية لن يتضمن الخلافات الخليجية.