يدشن الكاتب فواز الشروقي روايته البكر «الدفنة»، اليوم في معرض البحرين الدولي السادس عشر للكتاب. الرواية صدرت مؤخراً عن وزارة الثقافة بالتعاون مع المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وسبقها للشروقي كتاب «ثم حلقت لحيتي» العام 2008، وديوان «أبدية العينين» العام 2009.
حول الرواية وآفاقها كان لنا هذا اللقاء مع الشروقي...
* أي حكاية هي بين دفتي هذه الرواية؟
- تتحدث لرواية عن بطل اسمه سلمان يعيش في منطقة الدفنة بمدينة المحرّق. يعيش قصة حبّ قصيرة في سنين الطفولة، اعتقد بعدها أنّ ما عاشه لم يكن قصة جادّة، واعتقد أنّه نسي الفتاة التي ارتبط بها. وبعد سنين طويلة يحدث حدث ما يعيد إليه القصة من جديد ويستدعي ما في ذاكرته من ذكريات اعتقد بأنها صارت في طي النسيان، ويظل يبحث عن هذه الفتاة من جديد.
الرواية أولاً تتقاطع فيها قصتان، قصة سلمان التي ذكرتها آنفاً، وقصة هناء وهي الفتاة التي أحبها سلمان في صغره، ومرت بقصص كبيرة في حياتها. وهاتان القصتان تتقاطعان أيضاً مع كثير من الأحداث التي مرّت بالبحرين وبالمنطقة كلها، ومنها انهيار الاشتراكية وحرب الخليج الثانية وصولاً إلى انهيار برجي مركز التجارة العالمية والحربين اللتين خاضتهما أمريكا في أفغانستان والعراق.
* نحن إذن نتحدّث عن رواية ممتدّة الزمان، لكنها لم تتجاوز 276 صفحة؟
- بالفعل، زمن الرواية طويل. نحن نتحدث تقريباً عن ثلاثين سنة. تبدأ أحداث القصة تقريباً في ثمانينات القرن الماضي إلى نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة. ولكنها ليست رواية تاريخية. إنها رواية اجتماعية. ولكنها تسير بموازاة الأحداث الكبيرة التي حدثت بالمنطقة. وأتوقّع أنّ الذين عايشوا هذه الفترة بكل تفاصيلها سيجدون في الرواية توثيقاً اجتماعياً غير متكلّف لهذه الحقبة، وستذكّرهم بذكريات ربّما غابت عن ذاكرتهم. أما أولئك الذين لم يعايشوا هذه الفترة فإنها فرصة لهم للاطلاع على تفاصيلها من خلال أحداث الرواية.
* لماذا أسميتها «الدفنة»؟
- إن أحداث القصة تدور في منطقة الدفنة في مدينة المحرّق، لكن هناك سبباً آخر وهو أنّ ذكرياتنا نعتقد أحياناً أنها دُفنت وغابت ولن تخرج أبداً، ولكن ربما حدث بسيط يشعل الذكريات مرة أخرى ويعيد إليها أوارها. إضافة إلى أنّ أحداث القصة تدور في منطقة بيوت الإسكان، والرواية تقول بأنّ كثيراً من ساكني بيوت الإسكان يتركون مناطقهم القديمة ويأتون إليها لكي يدفنوا شيئاً ما. أحياناً يستطيعون وأحياناً لا يستطيعون.
* قلت في لقاء سابق أنّك لم تقرأ رواية بحرينية تدور أحداثها في مناطق بيوت الإسكان. لماذا اخترت بيوت الإسكان مكاناً للرواية؟
- بما أنّ الرواية هي رواية اجتماعية، أحببت أن تسبر أغوار بيوت الإسكان وأغوار ساكنيها. إن بيوتهم تتشابه إلى حدّ المطابقة. مستواهم الاجتماعي متقارب جدّاً. حتى مستوياتهم العلمية، مشاكلهم، اهتماماتهم تكاد تكون متشابهة. إضافة إلى أنّ هذه المناطق في مجملها هي مناطق حديثة، ليس لها ذاكرة. كل شخص منهم أتى بذاكرته الخاصة به، من منطقته القديمة. هناك اختلاف كبير في ذاكرتهم ومنابتهم ولكنهم يتشابهون في المشاكل والاهتمامات والمستوى الاجتماعي والثقافي. الرواية تدور أحداثها حول سلمان كبطل محوري وهو أحد ساكني بيوت الإسكان هذه، ولكنها تقريباً تدخل كلّ بيت في منطقته وتنسج خيوطها منها. لا أعلم إن كان هناك روايات بحرينية تدور أحداثها في منطقة بيوت الإسكان، وربما تكون روايتي هي الرواية الأولى في هذا المجال.
* ما رأيك في الرواية البحرينية بشكل عام؟
- لو سألت عن رأيي ككاتب رواية فإني أعتذر عن الإجابة لأني طارئ على هذا المجال. طول عمري كنت أكتب شعراً أو مقالات صحافية. هذه هي روايتي الأولى، ربما ستكون لي روايات مقبلة أيضاً. لكن إن سألتني عن رأيي كقارئ للرواية البحرينية فإني أراها كحال الروايات الخليجية، فيها الذي يعجبني وفيها الذي لا يعجبني أبداً. أنا أتحدّث الآن كقارئ وليس ناقداً متخصصاً. أنا أحبّ الشعر جداً. لدي ديوان شعر ولديّ قصائد كثيرة لم أنشرها ولم أطبعها إلى الآن. لكن ما يغيظني في عدد من الروايات البحرينية هو طغيان اللغة الشعرية، وكأن الرواية من روايات المنفلوطي المترجمة التي تغلب عليها اللغة الشعرية الرومانسية الحالمة. أما الروايات التي أعجبتني فهي كثيرة ولا تحتاج لشهادة مني بالطبع.
* ما رأيك في تحويل الأعمال الروائية إلى أفلام سينمائية أو مسلسلات؟
- ذلك بالطبع يخدم العمل الروائي، خصوصاً إذا حافظ العمل على البناء الرئيسي للرواية ولم يخلّ بها. وإذا كان لدى المخرج قدرة فنية على اختزال ما يريده الروائي في ساعتين من المشاهدة أو في ثلاثين حلقة تلفزيونية مثلاً. وذلك بالطبع ليس سهلاً. بالإضافة إلى أنّ صاحب الرواية يكون مرتعباً بالطبع من هذه التجربة، لأنّه لا يقبل أن تتحوّل روايته إلى مسخ، أو أن يُكتب اسمه في عمل سينمائي أو تلفزيوني ولكنه عمل لا يمتّ له بصلة، بل يشوه عمله الأصلي ولا يخدمه. وهناك أمثلة كثيرة على ذلك.