مجموعة الشاعرة والطبيبة اللبنانية جميلة عبد الرضا المسماة «أجدل نهراً كي لا أغرق» توحي بعنوانها هذا أن الشعر هو وسيلة الخلاص من الغرق والاختناق أي من الموت المعنوي الرهيب.
تأتي قصائد الشاعرة رمزية خالصة تحفل بالصور والمجازات وأنواع التشبيه وتبدو في كثير منها وقد عكست سمات عديدة من سمات الرمزية ومنها تبادل وظائف الحواس إذ تدرك الرائحة سمعا وتسمع الأصوات بالبصر وتستقبل الأذن الألوان.
شملت المجموعة ما يزيد على سبعين «عنواناً» أو قصيدة من قصائد النثر يغلب القصر على كثير منها ويستعاض في بعضها عن العناوين بالأرقام. وقد تألف الكتاب من 154 صفحة صقيلة متوسطة القطع وصدر عن (دارنلسن) في السويد ولبنان.
اشتمل الكتاب على لوحة داخلية للرسام التشكيلي العراقي محمد هاشم منجد.
كلمات استهلالية سعت الشاعرة فيها إلى أن تصف للقارئ السبب الذي يحدوها إلى الكتابة. هنا يتحول الضجر إلى صخرة تكاد تبتلع أنهار الشاعرة وصار للألم قيثارة يعزف عليها وتحول المطر إلى خواتم. تقول «أكتب كي أسترد أنهاري /من صخرة الضجر /وكي أهدي الألم قيثارة /وخواتم من مطر /أرد لعيني محيطات اللؤلؤ /أكتبني كي لا أغرق».
في قصيدة (هطولات الحنين) تتحول الأسفار إلى مسافات تفصل ويصدر القمر هديلاً كهديل الحمام ويصبح الحنين عنبياً حلواً والقصائد مداً بحرياً عرماً.
تقول «بيننا أسفار /رسل انتظار /وقمر هادل ../بيننا نسور من القلب إلى القلب /تحرس أسرار المدائن.. /بيننا مد من قصائد /وحنين من عنب». وفي (نهر التوق) ينجدل التوق موجاً وتتسم النظرة بخاصة السجود كما يصبح القمر عنبرياً ويحلو تذوق الابتسامة.
تقول «أجدل موجاً لرمية التوق /وطقوس الريح /لسجدة النظرة / أعقد صوتي على آهات الخوف /وأشدو لقمر /من عنبر /أتسلق غيابا/لأهزم عتمة... /أقف بين غيوم الحيارى.. /أقرأ دمعا يشبهني /أرمق قلبي بكل الأسماء /كنبيذ العودة /أجدل ماء العين ..لأسكتني /أجدل نهراً كي /لا أغرق. أطير إليك دون جناحي /فقد نسيته حين زارني/البرق /وآخر وقع مني /حين صوتك أبكى /ريش ألواني».
قصيدة (ترانيم العين وقبلة المساء) طويلة مؤلفة من بضعة أقسام وفيها تتزاحم الصور وتتداخل المجازات والتشبيهات. تقول في القسم الأول «لماحة كعين الفرس /مري /صوّبي مرجانك /بين السهام الراعشة/اضفري حيرته على الخيال /كالسنا /واغزلي نداءه على جرحك كالفراشة»
وتنتقل الشاعرة إلى القسم الثاني من القصيدة فتقول «اهبطي فوق غيم يديه /بالنداوة /اجمعي شمل العصافير /بغناء العين ../مرري الفوانيس /على لحظة /كلهفة الخيل...».