تسبب التدهور الاقتصادي الذي تشهده إيران بإنعاش تجارة التهريب في البلاد، بما في ذلك تهريب الوقود والمواد الغذائية ومختلف أنواع السلع، حيث يحاول بعض التجار التغلب على العقوبات الدولية المشددة من خلال عمليات التهريب غير المشروعة، بينما يجد آخرون في التهريب ملاذاً من الأوضاع المعيشية الصعبة.
ويشهد تهريب الوقود انتعاشاً غير مسبوق عبر الحدود، حيث يتم تهريب كميات كبيرة منه إلى تركيا وأفغانستان وباكستان، وذلك مع انخفاض سعره في إيران مقارنة بهذه الدول، بسبب التدهور الكبير في سعر صرف العملة المحلية الإيرانية، فضلاً عن الانخفاض الحاد في كميات النفط التي يتم تصديرها من إيران إلى دول العالم.
ومنذ الصيف الماضي، بدأ الريال الإيراني مسلسلاً من الانخفاض الحاد، أدى إلى هبوط سعر صرفه بأكثر من 60% أمام العملات الأجنبية، وذلك بسبب العقوبات المشددة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على إيران، وفي الوقت ذاته فإن صادرات النفط الإيرانية سجلت أدنى مستوياتها منذ أكثر من عشرين سنة، وذلك بسبب قرار الاتحاد الأوروبي وقف وارداته من النفط الإيراني اعتباراً من مطلع تموز/يوليو 2012.
وقالت جريدة "فايننشال تايمز" في تقرير لها إن "التجارة غير المشروعة تشهد انتعاشاً كبيراً على الحدود مع إيران من كافة الجهات"، مشيرة إلى أن الوقود، وخاصة الديزل، من أهم السلع التي يتم تهريبها إلى تركيا وباكستان وأفغانستان، حيث يقوم تجار بشرائها من داخل إيران بالعملة المحلية المنخفضة، ومن ثم يقومون ببيعها في هذه الدول بالعملة الصعبة أو بالعملات المحلية، محققين بذلك أرباحاً كبيرة.
ومع انتعاش "تجارة التهريب" بين إيران ودول الجوار، توسعت رقعة الصادرات والواردات بين الجهتين، حيث يقوم الإيرانيون باستيراد مختلف أنواع الإلكترونيات والأدوات، وأحدث صيحات الموضة من الخارج، بينما يقومون بتصدير الوقود والعديد من المنتجات الأخرى ذات الأسعار المرتفعة في الخارج إلى دول الجوار.
وبحسب "فايننشال تايمز" فإنه يتم تهريب ما بين 7 و10 ملايين لتر من البنزين والديزل يومياً من إيران إلى دول الجوار، وهو ما أدى إلى ارتفاع الطلب على الوقود في إيران مؤخراً بنسبة 7%.
ويبلغ سعر لتر الديزل في إيران 3500 ريال (0.14 دولار أميركي)، وهو سعر منخفض مقارنة بكافة الدول المجاورة لإيران، حيث يتمكن المهربون من بيعه بأسعار تتراوح بين سبعة أضعاف وعشرة أضعاف سعره داخل إيران.
وتبذل الحكومة الإيرانية جهوداً حثيثة في الوقت الراهن للحد من "تجارة التهريب"، خاصة ما يتعلق بالوقود الذي يتم بيعه بأسعار مدعومة في السوق المحلي، فيما قال نائب وزير النفط الإيراني، علي رضا زغامي "إن التهريب سينخفض في حال تم رفع أسعار الوقود"، وهو ما يشير إلى احتمالات أن تلجأ الحكومة في طهران إلى هذا الخيار، على الرغم من تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد، وتسجيل التضخم نسباً تاريخية وغير مسبوقة.
وفي حال رفعت الحكومة الإيرانية أسعار الوقود، فإن هذا سيمثل عاملاً جديداً سيدفع باتجاه رفع الأسعار، وبالتالي مزيد من تدهور الأوضاع المعيشية للسكان.