تسعى السعودية إلى تشييد "ترسانة صناعية" صلبة من خلال تأسيس عشرات المدن الصناعية والاقتصادية، ورغم ما تحقق خلال السنوات الماضية الذي أذهل العالم الصناعي من الثورة الصناعية التي قادتها المملكة ولا تزال، إلا أن ذلك لن يوقف استراتيجية المملكة في التوسع.
ووفقا لصحيفة الرياض، ما تزال السعودية تقوم بتأسيس واحتضان ودعم مئات المصانع البتروكيماوية والتعدينية والتكريرية التي تجاوز حجم استثماراتها الترليون ريال وبدعم خاص ومباشر من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.
وبعد أن كان حجم الاستثمار الصناعي في الشق البتروكيماوي والتعديني والتكريري لا يتجاوز 400 مليار ريال قبل 7 سنوات بلغ الآن خلال الربع الأول من العام الجاري 2013 أكثر من ترليون ريال ما يعني ضخ نحو 100 مليار ريال سنوياً استثمارات جديدة لتلك القطاعات فقط تتزعمها المدن الصناعية الجبيل وينبع ورأس الخير.
وعزى الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع ورئيس مجلس إدارة (سابك) بمناسبة البيعة تلك المنجزات الصناعية الباهرة التي تحققت في الفترة الزمنية القصيرة والأرقام الفلكية في حجم الاستثمارات والطاقات الانتاجية المتنامية للبتروكيماويات الأساسية التي بلغت أكثر من 60 مليون طن متري سنوياً خلال الربع الأول من العام الجاري 2013 وانتزاع المملكة إجمالي ناتج محلي متوقع للبتروكيماويات السعودية بنسبة 12% من الناتج العالمي بحلول 2015، نتيجة الرؤى الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وحكومته التي أولت جل الرعاية والاهتمام الكبير جداً للقطاع الصناعي كسائر القطاعات الأخرى.
وأشار إلى أن حرص خادم الحرمين الشريفين بلغ بتفقده الشخصي عن كثب واقع التنمية الصناعية بزيارات مكوكية متتابعة للمدن الصناعية الجبيل وينبع التي أثمر عنها تشييد وبناء وتدشين مئات المصانع البتروكيماوية الكبرى على مستوى العالم حيث تنامى حجم المشروعات الصناعية في مدينة الجبيل1و2 ومدينة رأس الخير (365) مشروعاً صناعياً بتكلفة تقدر ب (419) مليار ريال.
وأثمرت حنكة المليك عن بزوغ تحالفات قوية بين أرامكو وسابك والهيئة الملكية بدعم وزارات البترول والصناعة وقطاعات أخرى حكومية، نتج عنها اطلاق أكبر المشاريع الكيميائية والتكريرية في العالم وحرص حكومة المملكة على تمكين قطاع الصناعات التحويلية ليؤدي دوراً استراتيجيا جديدا باعتماده على منتجات المواد الخام ومكررات النفط وتوفير سلسلة من القيمة المضافة من خلال برنامج التجمعات الصناعية في الجبيل وينبع وبترورابغ ورأس الخير ووعد الشمال من خلال خلق تكتلات قوية بين كبار الصناعيين لتأسيس قاعدة صناعية مستدامة ليس فقط بالنسبة للصناعات الاولية بل أيضا بالنسبة للصناعات التحويلية.
ويأتي أكبر المشاريع التي تضطلع بدعم قطاع التجمعات الصناعية مشروع صدارة المشترك بين شركتي أرامكو السعودية وشركة داو كيميكال كومباني (داو كيميكال)، لإنشاء وتملك وتشغيل مجمع عالمي المستوى ومتكامل لإنتاج الكيماويات في بتكلفة تتجاوز ال 75 مليار ريال، وهو مشروع يعد الأضخم عالمياً من حيث إنشائه في مرحلة زمنية واحدة، حيث يحتوي المجمع على 26 مصنعاً، وينتج أكثر من 48 منتجاً، بطاقة إنتاجية تزيد عن 5 ملايين طن سنوياً، منها منتجات بتروكيماوية متخصصة تُنتَج لأول مرة بالمنطقة، مما يشكل حجر الزاوية لتطبيق سياسة المملكة بالتوسع والاعتماد على الصناعات التحويلية جنباً إلى جنب مع الصناعات الأساسية، وتحقيقاً لسياسة الهيئة الملكية الرامية إلى دعم الصناعات ذات القيمة العالية، الأمر الذي سينعكس إيجابياً على ناتج الدخل المحلي.
وعلى الرغم من احتلال المملكة المرتبة الأولى في حجم الانتاج الصناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمركز الرابع عشر عالمياً في القطاع ذاته، الا أن المملكة لن تكتفي بهذا القدر حيث قررت في ثورتها الصناعية المباركة ضرورة تغيير الفكر الاستثماري الصناعي للبتروكيماويات ومشتقاتها لتنويع مصادر الدخل الوطني وعدم الاعتماد على صادرات النفط الذي تشتهر به المملكة بمخزونها الكبير والذي يعادل حالياً 25% من احتياطي النفط في العالم، وكذلك عدم الاعتماد على صادرات الصناعات البتروكيماوية الأساسية، بل الاعتماد على فلسفة الفكر الجديد من خلال تأسيس برنامج التجمعات الصناعية التي قررت المملكة المضي قدماً لخوض غمارها.