كتب مهند أبو زيتون:
- قاطع حزب الله الإثنين الماضي، جلسة عقدتها هيئة الحوار الوطني في القصر الجمهوري اللبناني للبحث بالاستراتيجية الدفاعية الوطنية ومستقبل سلاحه، «احتجاجاً على المواقف الأخيرة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان منه». جمعية الوفاق الإسلامية كانت قاطعت الحوار الوطني البحريني قبله (18 سبتمبر الماضي)، فتوقف على إثرها. الغرب الليبرالي بقيادة أمريكا يعتبر حزب الله منظمة إرهابية، ورغم أن الحزب يكاد يكون متطابقاً في الفكر والمرجعية والمواقف مع الوفاق فإن ردة الفعل الأمريكية على توقف الحوار البحريني كانت دائماً الدعوة إلى حوار «ذي مغزى».
- أمريكا والاتحاد الأوروبي يدعمان «التغيير» في أوكرانيا، وفي الوقت نفسه يدعمان «التغيير» في سوريا، وفي حين أن أوكرانيا جزء أساس بجدار الاستراتيجية الروسية، استطاع الغرب إطاحة يانوكوفيتش بسرعة. الأسد يدخل عامه الرابع مع ثورة تجاوز في قمعها خطوطاً وضعتها أمريكا نفسها ولم يسقط. ويروج الإعلام الأمريكي أن روسيا وراء بقائه!
- في التسعينات، وفي أوج المذابح الصربية ضد المسلمين، قال كارادزيتش زعيم صرب البوسنة: «أوروبا تدعونا إلى وقف إقامة دولة للمسلمين في قلبها بأي ثمن، ثم تريد محاكمتنا مجرمي حرب كأنها لم تطلب ذلك.. يالها من عاهرة!».
بينما تبدو هذه المواقف «مزدوجة المعايير» كما يحلو للإعلام العربي تسميتها، فإن لا تناقض حقيقياً فيها، فالسياسة، التي لا تحكمها المبادئ، تقاس بنتائجها النهائية وإن تلبست دوماً بشعارات كبيرة كـ«دعم الديمقراطية» و«حقوق الإنسان». وربما صار واضحاً أن هدف السياسة الأمريكية في منطقتنا «الفوضى» لا الديمقراطية. سياسة توازن القوى العسكرية التي نجحت أمريكا في صنعها على الأرض السورية تقول ذلك، ومحاولة خلق توازن إعلامي سياسي عبر الإمساك بخيطي الدولة والمعارضة في البحرين تؤكد ذلك أيضاً. الغرب الليبرالي يعرف جيداً أن الطريق إلى الديمقراطية في بلد متعدد مثل البحرين تمر عبر تطور تدريجي يحافظ على مؤسسات الدولة، وأن أي محاولة لهدم المؤسسات وإعادة إنتاجها على أيدي جماعات ثيوقراطية قفزة في الهواء لن تنتج ديمقراطية ليبرالية بقدر ما توجد أزمة طويلة المدى تهدد دول الخليج بالتفكك وأولها السعودية. وأدوات الفوضى، دولاً وجماعات، يدركون ذلك أيضاً لكنهم سيستمرون في الهتاف «ديمقراطية ديمقراطية» إلى أن تتحقق تباشير كوندوليزا رايس على بحر من الدماء والمآسي.