من الآيات التي تبين أن كثيراً من الناس يعيشون في طلب الحياة الدنيا، وهم عن أمر آخرتهم غافلون، قول الله تعالى: «يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»، «الروم: 7». ومعنى الآية أن الناس ينساقون وراء متاع الحياة الدنيا الفانية، وينسون الباقيات الصالحات في الآخرة، والعاقل هو الذي يستطيع أن يوازن بينهما، فالدنيا بالنسبة لكل إنسان هي مدة بقائه فيها، هي عمره هو، لا عمر الدنيا كلها، وعمره فيها محدود مظنون، لابد أن ينتهي بالموت. أما الآخرة فدار باقية دائمة، دار نعيم لا ينتهي، ولا يفوته بحال، فلماذا تشغله الفانية عن الباقية؟ ولماذا يرضى لنفسه بصفقة بائرة خاسرة؟
لذلك يقول سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحسن بن علي رضي الله عنهما: «أعجب للرجل يمسك الدينار بأنامله، فيعرف وزنه، و«يرنه» فيعرف زيوفه من جيده، ولا يحسن الصلاة». وسأل رجل الإمام علي رضي الله عنه: «أريد أن أعرف: أنا من أهل الدنيا، أم من أهل الآخرة؟ فقال: لم يدعِ الله الجواب لي، إنما الجواب عندك أنت، فإن دخل عليك اثنان: واحد جاء بهدية، والآخر جاء يسألك عطية، فإن كنت تهش لصاحب الهدية، فأنت من أهل الدنيا، وإن كنت تهش لمن يطلب العطية، فأنت من أهل الآخرة».