كتب ـ محرر الشؤون المحلية:
أكد الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل أسامة العبسي، أن هناك أصحاب أعمال وضعوا شرطاً جزائياً بالعقود المبرمة مع عمالهم، يلزمهم بدفع مبالغ نقدية عند رغبتهم بالانتقال إلى صاحب عمل آخر، مؤكداً أن هذه الممارسات تخالف صريح القانون وتعد نوعاً من الاتجار بالبشر.
وقال العبسي في حديث مع «الوطن»، إن الهيئة وضعت آليات للتدقيق على المعاملات والتظلمات والتفتيش ضمن خطط عملها حديثاً، لافتاً إلى أنها فعلت جهودها في التعاطي مع ملف الاتجار بالبشر، بالتعاون والتنسيق مع النيابة العامة والجهات الأمنية ذات العلاقة.
وأضاف أن الهيئة حولت العديد من قضايا الاشتباه بالاتجار بالبشر إلى الجهات المختصة ممثلة بالنيابة العامة، مؤكداً التزام الهيئة الكلي بمسؤولياتها تجاه الحد من أية ممارسات تخرج عن أطر القوانين السارية في البحرين.
*ما آلية التنسيق مع الجهات الأخرى لمكافحة الاتجار بالبشر على المستوى المحلي؟
الهيئة ملتزمة بخطة العمل الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وتتضمن توعية المواطنين والمقيمين والعمال الأجانب بمفاهيم وممارسات الاتجار بالبشر وبحقوقهم المنظومة بموجب القانون رقم (1) لسنة 2008 بشأن مكافحة الاتجار بالأشخاص.
ويأتي هذا الالتزام من منطلق التزامات المملكة الوطنية والدولية في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، واحترامها الأساس لكرامة الإنسان، ومنع انتهاك حقوق البشر وإساءة استغلالهم بأي طريقة كانت.
وبادرت البحرين وبريادية استثنائية إلى التعاطي مع الملف وفق ما تمليه التزاماتها الدولية وقوانين ومبادئ حقوق الإنسان، وصدر قانون تأسيس هيئة تنظيم سوق العمل لإعادة تقنين واجبات وحقوق كل من أصحاب الأعمال والعمال في آن واحد.
وصدرت في ضوئه قوانين وتشريعات تحمي حقوق العامل الأجنبي وتضمن له ممارسة حقوقه وفي مقدمتها حق حرية الانتقال من صاحب عمل إلى آخر، إذ تؤمن المملكة أن هذا الحق إنساني أصيل قبل تنظيمه بالقانون، ولا ينبغي أن يمنع العامل من ممارسة حقه في هذا الشأن، لذا جاء هذا البند في قانون الهيئة منصوصاً عليه، بحيث يمكن للعامل وفق رغبته أن ينتقل إلى صاحب عمل لآخر دون معوقات، بعد إكمال عام من العمل لدى صاحب العمل.
الاتجار بالبشر آفة ينبغي أن تكافحها كل اقتصاديات دول العالم، ما جعلنا في هيئة تنظيم سوق العمل بوصفنا إحدى مؤسسات منظومة الاقتصاد في البحرين، نضعها في مقدمة أولوياتنا.
وجاءت رؤية البحرين الاقتصادية 2030 لترسخ هذا المبدأ عبر دعوتها للاهتمام بالطاقة البشرية، كما لا نغفل التزامات البحرين تجاه كافة الاتفاقات الدولية المعنية بهذا الشأن، لتجعل كل أنظمتنا القانونية شاملة لمواد تراعي هذا الأمر، وتدفعنا للتعامل مع الاتجار بالبشر باعتباره فعلاً مجرماً يستوجب المحاسبة والعقاب، لذا نستطيع القول إن مكافحة الاتجار بالبشر مبدأ عمل بالنسبة لقطاعات الهيئة المختلفة.
ووزارة الداخلية لديها اليوم إدارة مختصة تحت اسم إدارة مكافحة الاتجار بالبشر ينظم عملها قانون معتمد، وتشرف الوزارة على لجنة وطنية تعنى بالأمر، تشترك فيها عدة جهات رسمية معنية بقضايا وحيثيات الاتجار بالبشر، ناهيك عن الاهتمام الكبير من قبل النيابة العامة بهذه القضايا، وهيئة تنظيم سوق العمل لديها علاقات متينة مع مختلف هذه الجهات، فالهيئة من الناحية الرسمية معنية بالوضع القانوني لكافة العمال الأجانب في البحرين بموجب القانون رقم 19 لسنة 2006.
البحرين تعتبر متقدمة جداً في إجراءاتها لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر، وهناك تكامل قانوني بين أجهزة الدول المختصة لتوفير الحماية الكاملة لكل العمال الأجانب على اختلاف فئاتهم وجنسياتهم.
* ما أنواع الاتجار بالبشر الذي تسعى الهيئة لمكافحة ممارساته؟ ومدى انتشار هذه الممارسات محلياً؟
نحن في هيئة تنظيم سوق العمل نتعاطى مع ملف الاتجار بالبشر ضمن أطر الصلاحيات والإجراءات القانونية، والهيئة تختص قانونياً بإصدار تصاريح العمل لكافة العمالة الأجنبية في البحرين.
وبموجب قانونها تلتزم الهيئة برصد ومنع المخالفات المتعلقة باشتراطات القانون، ما يجعل الهيئة جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الرسمية المنوط بها تنفيذ التزامات المملكة تجاه الاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق العمالة الأجنبية وواجباتها.
وتتلخص إجراءاتنا القانونية في ضبط المخالفين لقوانين العمل بالتعاون مع وزارة الداخلية، من خلال فريق عمل من مفتشين يتمتعون بالضبطية القضائية، وتحرير محضر في موقع ضبط المخالفة.
ومنذ وضعنا آلياتنا في الهيئة لمكافحة ممارسات الاتجار بالبشر، اكتشفنا ولانزال أن بعض أصحاب الأعمال وضعوا شرطاً جزائياً في عقود العمل المبرمة مع العمال الأجانب يتضمن التزام العامل بدفع مبالغ نقدية لصاحب العمل إذا رغب في استخدام حقه المكفول قانوناً بالانتقال، رغم أننا نتفهم أن موضوع الاتجار بالبشر يعتبر حديث عهد في منطقتنا، ولايزال ملفاً جديداً ومبهماً للغالبية من الناس، حيث تختلط مفاهيمه وتعريفاته على الغالبية، وترتبط في أذهانهم بممارسات التهريب عبر الحدود وقضايا الآداب.
ولا يلتفت في هذا الملف المهم إلى الجزء الأكبر من القضايا المصنفة ضمن شبهة الاتجار بالبشر بمنطقتنا، ما يدعوني إلى التنبيه والتحذير من الوقوع في قضايا الاتجار بالبشر دون علم بأبعاد ومحددات هذه الجريمة المنصوص عليها قانونياً، ومن أهم هذه الأبعاد يأتي موضوع «ربط العمال بالديون»، وتكبيل حقهم في الانتقال لصاحب عمل آخر عن طريق الخوف من الديون، والنص على هذه الممارسة الخاطئة الواقعة ضمن طائلة العقوبات في عقود العمل.
وحتى اليوم نجد أن كثيراً من أصحاب العمل، بل وبعض المحامين لا يعرفون أن هذه الممارسة بالنص على التزام العامل بدفع أموال إذا أراد الانتقال لصاحب عمل جديد، هي ممارسة تخالف صريح القانون، وببساطة فإن أي نص في أي عقد يخالف القانون يصبح باطلاً بالضرورة، وهذه الممارسة بالتحديد باطلة، إذ يصبح العامل الأجنبي مقيداً بممارسة حق منحه وضمن له القانون، وهو يتوهم أن الشرط الجزائي في عقد العمل يحد من ممارسته لحقه في الانتقال.
ونحن في الهيئة ومنذ بدأنا في التعامل القانوني مع هذه القضية، وجدنا أن أصحاب الأعمال ومن دون دراية، يتوهمون أن هذا الإجراء بتكبيل العامل قانوني، وهم لا يعلمون أن هذه الممارسة تضعهم في مساءلة أمام القانون بتهمة الاتجار بالبشر لا يعرف عنها شيئاً، ولا يمكن لنا في الهيئة أن نصمت تجاه هذه الممارسة غير المشروعة.
* هل يتم الاستعانة بجهات دولية لتعزي مكافحة الاتجار بالبشر؟
ننسق في هذا الخصوص مع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، لتوفير التدريب اللازم حسبما نراه مناسباً.
* هل هنالك إحصاءات حول عدد المفتشين المعنيين بذلك، وعدد القضايا المضبوطة من قبل الهيئة العام الماضي؟
ليس هناك مفتشون حصريون يختصون بالملف بل جميع المفتشين، وهناك إدارات أخرى تتابع الملف، وهناك فريق عمل داخلي يختص بمراقبة وجمع المعلومات الخاصة بمكافحة جريمة الاتجار، ويضم كبار مسؤولي الهيئة، وشكلنا الفريق ديسمبر 2013.
وتم اتخاذ خطوات عملية لإنجاز آليات قانونية للتعامل مع كافة المخالفات التي تكتنفها شبهات اتجار بالبشر، واعتماد آلية قانونية قادرة على منح المتضررين حقوقهم وحمايتهم، وفي ذات الوقت تكون رادعة لكل مخالف، وبالاستعانة بكافة الخبرات الدولية التي حققت نجاحاً في هذا الشأن، للاستفادة منها لتحقيق أهداف الهيئة، ولضمان أن تكون البحرين ملتزمة بكل الاتفاقات الدولية الرامية لحماية العمال من الاتجار بها، أو انتهاك حقوقها الإنسانية.
ويمكن لي أن أعدد منجزات الهيئة في دعم جهود الدولة لمكافحة الاتجار بالبشر في:
• منح العامل حرية الانتقال من صاحب عمل إلى آخر.
• تكليف إدارة التظلمات التابعة للهيئة بمتابعة كل شبهات الاتجار بالبشر وفتح أبوابها لاستقبال العمال أصحاب الشكاوى، لضمان عدم تحول جزء منهم إلى ضحايا نتيجة لإجراءات تنظيم السوق الواجبة قانوناً على الهيئة.
• تخصيص خط ساخن لتظلمات العمال وبالضرورة من بينها شكاوى تعرضهم للمتاجرة.
• مشاركة الهيئة في كافة اللجان الوطنية الرسمية الخاصة بمكافحة الاتجار بالبشر «وزارة الخارجية، النيابة العامة، السفارات».
• طباعة كتيبات بمختلف اللغات لرفع مستوى وعي العمال بحقوقهم، وكذلك القنوات الرسمية المعنية بحمايتهم.
• تنفيذ حملات إعلامية واسعة لتوعية العمال والتجار بصورة خاصة والمجتمع بصورة عامة بخطورة جريمة الاتجار بالبشر.
• توطيد العلاقة مع السفارات للحيلولة دون وقوع جالياتهم ضحية للاتجار بالبشر سواء من بلد المصدر أو بلد المستقبل.
• أحالت الهيئة عدداً من شبهات اتجار بالبشر إلى النيابة العامة.