كتبت - شيخة العسم:
تستعد الفنانة التشكيلية البحرينية هنادي الغانم لإطلاق النسخة الثانية من مشروع «التاجـــر الصغير» بمبادرة شخصية، تهـدف لتعليم الأطفال التجارة بأسلوب محبب للأطفال، داعية الراغبين للتواصل معها عبر صفحة المشروع على «الإنستغرام» التاجر الصغير (YOUNGTRADERS).
الغانـــم كشفـــت لـ«الوطــن» أن النسخـــة الجديدة، ستكون على نطاق أوسع، وعلى مخطط يشمل سوقاً ومطاعم ومقاه، كلها من ابتكارات الأطفال، إضافة إلى دورات تدريبية مخصصة للفئة العمرية من 6 إلى 12 للجنسين، إلى جانب زيارات ميدانية للبنوك والمؤسسات الاقتصادية.
وتأمل صاحبة المبادرة أن تحظى النسخة الثانية بنجاح عربي وعالمي، وأن تنال دعم الوزارات والمؤسسات الحكومية، خصوصاً مجلس التنمية الاقتصادي.
وذكـــرت الغانم أنها أطلقت مشروع «التاجـر الصغير» فبراير الماضي، وهو عبارة عن سوق لبيع ألعاب الأطفال في الهواء الطلق، استوعب في نسخته الأولى 30 تاجراً من الأطفال، مشيرة إلى أن فكرة السوق بدأت برغبة تعليم أطفالها بشكل تربوي، «كنت أحدد يوماً لهم لبيع ألعابهم المستعملة الصالحة للبيع، والأطفال هم من يضع السعر وطريقة العرض والتسويق، وزيادة في نجاح الفكرة كنت أحجز لكل تاجر صغير مكاناً باسمه وحصالة لجمع الأرباح، ودفتر حسابات».
حظي المشروع بترحيب الناس وإعجابهم، وتلقت الغانم اتصالات عديدة، وارتفع عدد التجـــار الصغار من 20 إلى 30 في اليـــوم الثاني، بفضل جدة المشروع، والترويج له في مواقع التواصل الاجتماعي، «كذلك بفضل دعم وزارة الداخلية والبلدية، وذلك دليل واضح على الشراكة المجتمعية بين مؤسسات الدولة والأنشطة الاجتماعية».
يركز المشروع بحسب الغانم، على تنمية الطفل من الناحية الاقتصادية من سن السادسة، لأجعله (الطفل الاقتصادي) ذا فكر اقتصادي، فالتربية الاقتصادية السليمة من التربويات المؤثرة جداً في أنواع التربية الأخرى بصورة قوية، وهي ضرورية له فهي تحدد مسار الطفل في المستقبل، فطفل اليوم هو تاجر المستقبل وهذه التربية توجهه نحو الاستقرار المالي، ويعتمد على نفسه عندما يتخرج من المدرسة فلا يكتفي بانتظـــار الوظيفة أو الانتهاء من الحيـــاة الجامعية ليتعين بل يستوعب درس الحياة والنجاح وهو على مقاعد الدراسة، وفئة الأطفال من الفئات المؤثرة في اقتصاديات الأسر وبالتالي اقتصاد المجتمع، علماً بأن نسبة السكان الأطفال (من دون الخامسة عشر) 22% من السكان في الدول العربية بالتالي يمثلون ربع التركيبة السكانية، ومن هذا تتضح أهمية غرس القيم والمفاهيم الاقتصادية مبكراً.
وتابعت الغانم أن تربية الطفل منذ نعومة أظافره على النظرة الصحيحة إلى المال والتعامل معه وحسن إدارته بطريقة صحيحة له أثره الطيب على مستقبل حياته ومن شب على شيء شاب عليه، وجميل أن ينشأ الطفل على الربح من عمل يده والتأكيد على مفهوم الملكية الخاصة، وغرس قيم وسلوكيات اقتصادية مثل قيمة الادخار والتوفير وتدريبه على الحساب، ووضع خطة مستقبلية للربح المالي، وتوزيعه بطريقة صحيحة، فمثلاً جزء من الربح يوفره في البنـك في حسابه الخاص بحضوره شخصيــاً (الطفل)، وجزء للأسرة والباقي لتصرف الطفل، وأن يتعلم الفرق بين الحاجة والرغبة وأن ليس كل ما نرغب فيه لابد أن نحصل عليه، هذا هو الطفل الاقتصادي (التاجر الصغير).
وأوضحت الغانم أن مشروعها يحقق نجاحات في أبعاد شتى، منها المعرفي والوجداني والنفس حركي، فمثلاً أن يكون الطفل اجتماعيـــاً فهذا يعني أنه ناجح في حياتـــه، وقادر على تحمل مسؤولية المواقف التي تواجهه وكسر حواجز الخوف والاعتماد على النفس والتعلم من أخطائه وحل المشاكل التي تواجهه من غير تدخل الآخرين، أو إعطائه الحل وحثه بأنه سيكون قادراً على إيجاد حل إذا اهتم بالتفكير في الأمر، وأن يتدرب على فن التحدث والحوار عن عدد من الموضوعات مع مختلف أنواع الأشخاص خارج نطاق الأسرة، ومساعدة أطفالنا على تعلم أن تغيير الرأي بناءً على الدليل الجيد علامة على أنهم مفكرون جيدون، كما إنه دليل على قدرتهم على التفكير بأنفسهم، وأن يصبح قادراً على تأجيل قراراته الصعبة إلي حين مناسب، وأن يفكر فيها بتأنٍ، ويصبح متمسكاً بقيم وقواعد قد يرفض التعامل بها مع من هو خارج هذه القيم، فمثلاً يميز حالات النصب والاحتيال في التجارة وأمثالها من الممارسات الخارجة عن قيمنا، هذا هو هدفي الأساسي في مشروعي (التاجر الصغير)، فالطفل أثناء تسويقه لبضاعته والتفاوض مع المشتري يدخل في علاقات اجتماعية هامة، ويقوم بعملية حسابية الأولى في حياته، إذ يقارن بين ربحه وخسارته ويقارن بين أسعار غيره من التجار ومدى الإقبال عليها من المشترين.
وأكدت الغانم أن الأطفال هم المبدعون والمفكرون والمبتكرون فلا نفرض عليهم أفكارنـــا بـــل نشاركهــم فــي إبداعاتهم، وإعطائهم فرص النجاح وتحفيزهم وتوجيههم عند الوقوع في الخطأ والابتعاد عن تأنيب الأطفال ولومهم علـى إبداعاتهم، فعندما يواجه الطفل صعوبـــة في التعلم فذلك يزيده خبرة ومهارة للنجاح أكثر في القيادة والتجارة، فيجب إعطاء الطفل الفرصة للقيادة والتخطيط، والإصرار والعزيمة والمثابرة وعدم اليأس أوالاستسلام، وغيرها من الصفات التي يجب أن نغرسها لهم من نعومة أظفارهم، وقد تبدو في الطفل علامات تميز مختلفة، وكثير من المواهب والسمات، فيجدر بنا التركيز على الأهم والأولى وما يميل إليه أكثر لتفعيله وتنشيطه دون تقييده أو إلزامه برغبتنا، واحترام الآباء وكسب ثقتهم في قدرات أبنائهم وإعطائهم الحرية في اكتشاف عالمهم، والتعامل مع أسئلة وخيال الأطفال باحترام، وإظهار الاهتمام المباشر بما يقدمونه ويطرحونه، فكل طفل لديه حلم يجب أن نساعده في تحقيقه ولا نحدد له مهنته من الصغر ونوجهه إليه، دع طفلك يحدد حلمه بنفسه.