أثبتت التجربة البرلمانية في مختلف البلدان أن نجاح المرشحين لا يعتمد فقط على كفاءة هذا المرشح أو نواياه الحسنة تجاه الناخبين، أو رغبته الصادقة في خدمة مجتمعه، فقد أصبح النجاح في الانتخابات النيابية يأتي انعكاساً لخطة عمل استطاعت التعرف على مفاتيح الناخبين، ومواطن الدخول إليهم للحصول على أصواتهم، وتختلف هذه المفاتيح باختلاف احتياجات الناخبين وتطلعاتهم وثقافتهم ورؤيتهم المستقبلية.
ويؤكد خبراء الدعاية السياسية أن الحملة الانتخابية الناجحة تعد مجموعة من العوامل لإيصال المرشح إلى مقاعد البرلمان منها الوصول إلى أكبر شريحة من الناخبين في الدائرة. ومن المعروف، أن إدارة الحملة الانتخابية تحتاج إلى فريق عمل متخصص إلى جانب فريق من المتطوعين إضافة إلى مقرات انتخابية، وإعداد دراسة للخريطة الانتخابية للدائرة، والشرائح المستهدفة. كذلك، فالحملة الانتخابية الناجحة تتصف بوجود خطة زمنية مبرمجة قبل بدء الانتخابات تمهيداً لها، وتكون على مراحل تبدأ بفترة ما قبل بدء الانتخابات، وخلال وقبل نهاية الانتخابات، بحيث يكون لكل مرحلة خصوصيتها.
كما إن وسائل الدعاية لابد أن تكون متنوعة ومؤثرة وتتناسب مع فعاليات الحملة، وأن تتضمن في لجانها عناصر ذات كفاءة عالية وهيكلاً تنظيمياً يخدم الحملة مع وجود مدير فعال ذي علاقات واسعة قادر على أن ينسق بين اللجان العاملة والفاعلة فيها. كما ولابد أن تغطي الحملة أيضاً كافة مناطق الدائرة الانتخابية، بحيث لا تركز على عدد من المناطق دون غيرها، وتكون في نفس الوقت مؤثرة ومقنعة ولها برنامج محدد وخطة واستراتيجية مدروسة.
من شروط نجاح الحملة الانتخابية أيضاً أن تنطلق من كونها السند القوي للمرشح لتساعده في عملية إقناع الناخبين، لأنه يعتمد عليها كلياً، بحيث تكون قادرة على التسويق له بأسلوب جذاب يتوفر له الغطاء الإعلامي وتتواصل مع ناخبيه في الدائرة بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم الفكرية بحيث تعطي رسالة بأنه للبحرين كلها وليس لفئة محددة.
إلا أن الحملة يجب أن تواكب المتغيرات الجديدة وتركز على وسائل الدعاية الأكثر انتشاراً كالقنوات الفضائية والإنترنت. ومن أهم الصفات التي لابد أن يتصف بها المرشح، هي المصداقية، وأن يكون ملماً بقضايا ومشكلات المجتمع، ولديه القدرة على التواصل مع كافة القواعد الشعبية إلى جانب أن يكون مثقفاً ومتعلماً.
من جهة أخرى، يجب أن تكون الرسالة الإعلامية مختصرة وواضحة ومفيدة ومتنوعة وموضوعية وسهلة وليست مكررة وأن تنقل تطلعات الناخبين وتثير اهتماماتهم وتبين المقصد من عملية الترشيح.
غير أنه من المحتمل حتى مع الأخذ بكل ما سبق، أنه قد لا تؤدي الحملة الانتخابية الناجحة إيصال المرشح الكفؤ إلى مقعد البرلمان! لذا، قد يكون الخلل في الناخبين أنفسهم الذين يملكون قناعاتهم وتوجهاتهم وأيديولوجياتهم الخاصة بهم، والتي لا يغيرونها حتى ولو كان المرشح من أفضل المرشحين، حيث تظل صلة القرابة والقبيلة والطائفة المسيطرة على اختيارات بعض الناخبين، وكثيراً ما قلبت الحملة الانتخابية المدروسة في بعض البلدان توقعات المجتمع بفوز أحد المرشحين الذي قد لا يمتلك شعبية كبيرة، ولكنه استطاع أن يقترب من دائرة احتياجات الناخبين وبالتالي حصل على أصواتهم، إذاً، نستطيع أن نقول إن البرنامج الانتخابي الناجح يعد سنداً كبيراً في الحصول على أصوات الناخبين، ولكن تظل الانتخابات لعبة قد تقلب الموازين للكفة دون الأخرى.