طرحت الكاتبة أميرة صليبيخ كتابها الأول الموسوم «ثالثهم كذبهم» تزامناً مع انطلاق معرض البحرين الدولي للكتاب الــ16، يحمل بين طياته العديد من النصوص الأدبية التي كالشعر وليست شعراٍ، كالخاطرة وليست خاطرة، كالنثر وليست نثراً، حيث يشعر من يقرأ الكتاب أن جميع النصوص والكلمات والمشاعر التي حملها الكتاب بين طياته لتعبر مع مشاعر القارئ نفسه وأحاسيسه وليس مشاعر الكاتبة فقط. وتصف أميرة صليبيخ «ثالثهم كذبهم» بأنه «استجابة للصوت الذي يئن في داخلي منذ فترة، ولم أستطع إسكاته إلا بعد الشروع في الكتابة». وتقول إنها تقضي أغلب وقتها في القراءة والكتابة أو التصوير، إلى جانب اهتمامات أخرى كالعلاج بالطاقة والبرمجة اللغوية العصبية وغيرها.
عرفينا بنفسك
أميرة شاكر صليبيخ، خريجة من جامعة الكويت بامتياز مع مرتبة الشرف، تخصصي إخراج إذاعي وتلفزيوني وتخصصي المساند هو الترجمة، مهتمة بالشعر والأدب والفلسفة، صدر لي مؤخراً عن الدار العربية للعلوم كتابي الأول تحت عنوان (ثالثهم كذبهم)، أقضي أغلب وقتي في القراءة والكتابة أو التصوير، إلى جانب اهتماماتي الأخرى كالعلاج بالطاقة والبرمجة اللغوية العصبية وغيرها.
كلمينا عن هذا العمل الأدبي
هذا العمل الذي خرج للنور منذ أيام هو استجابة للصوت الذي يئن في داخلي منذ فترة، ولم أستطع إسكاته إلا بعد الشروع في الكتابة.
الكتاب يحمل بين دفتيه مجموعة من النصوص الأدبية القصيرة أو كما يسميها البعض ومضات شعرية أو قصصاً قصيرة جداً، فهي لا تنتمي للشعر أو النثر ومازلت أجهل إلى أي نوع من الأدب تصنف، وكما يرى القارئ فإن هذه النصوص مختزلة.. عميقة ومكثفة أي أنها ثلاثية الأبعاد كفيلم سينمائي وقد كتبت عنها أي القصص القصيرة جداً في كتاب شقشقات لعبده خال الذي صدر مؤخراً عن دار مدارك. هذه النصوص هي عصارة التجارب الإنسانية وقد اختصرتها في كلمات قليلة لا تتجاوز في أغلبها 140 حرفاً وأحيانا في كلمتين فقط ، فقد كان التحدي الأكبر بالنسبة لي هو أن أكتب كلاماً بليغاً جداً في أقل عدد من الكلمات دون أن يفقد النص جماله ودون أن أحشوه بكلمات ليس لها داعٍ.
وكوني أحد أفراد المجتمع فإني لا أستطيع أن أقف مكتوفة الأيدي دون محاولة للإصلاح ولو بأضعف الإيمان ولأني كاتبة فإني أتحرك من موقعي هذا، فلو كنت سأتكلم كمصلحة اجتماعية أو ناقدة مثلاً لاختلفت اللغة والطريقة، لكني هنا أقدم واقعاً حقيقياً، أنتقده، أذمه، أسخر منه، أبكي منه وعليه بطريقتي، وقد فضلت هذا النوع من الكتابات القصيرة لأني أقدس الوقت كثيراً فبدلاً من كتابة رواية من 400 صفحة أملؤها بالشخوص والأحداث والمعالجة الدرامية، أتيت بقصص قصيرة جداً فيها ما قل ودل. ففي هذا الكتاب أحاول التكلم بواقعية شديدة دون تجميل للواقع كما كتبت في مقدمة الكتاب. إذ يستحيل أن تقرأ جملة في كتابي دون أن يطرأ على بالك أحد أو دون أن تمر بك ذكرى أو موقف لأنه ببساطة كتب حتى يصل للجميع.
ما معنى عنوان الكتاب ولماذا اخترته؟
قد يبدو العنوان (ثالثهم كذبهم) غريباً على القارئ لأول وهلة فالغالبية سألوني عن معناه. لقد استخدمت هذا الاسم حتى أحث القارئ على التفكر في معناه بعمق، فجميع ما جاء في الكتاب يدعو للتأمل، أما السبب الثاني فهو للإيحاء للقارئ أن هناك قصة مكونة من طرفين تعرض أحدهما لأذى من طرف ثالث سواء كان على شكل كذبة أو خداع أو استغلال أو غيرها فبدلاً من أن يكون ثالثهما حبهما على سبيل التوضيح، صار ثالثهم كذبهم وهذا في الحقيقة اختصار لأغلب القصص الموجودة على أرض الواقع، فحتى لو كنت مع نفسك فإنك أحياناً قد تكذب عليها وتصدق الكذبة بلاشك. والسبب الأخير هو أني أردت أن يكون العنوان لافتاً للنظر، فمن أجل هذا السبب أيضاً طلبت من دار النشر أن تكون طريقة فتح الكتاب للأعلى، وهو أول كتاب عربي يطبع بهذه الطريقة المبتكرة.
لماذا كتبت هذا العمل؟
إن هذا الكتاب ليس مجرد نصوص أدبية كتبت لغرض الكتابة الأدبية فقط، فليس هذا ما أريد أن يفعله القارئ بعد قراءتها بل أريده أن يقف مطولاً عند كل سطر ليتأمله، فالنصوص تضج بالشعر والفلسفة وصوت الموسيقى والكثير من النصائح والحكم التي تصلح لاقتباسات أو كمبدأ للحياة.
والتوفيق بين هذه الأمور واختزالها في سطر ليس بالأمر اليسير بل يحتاج لحسن الاستماع للصوت الداخلي مكتوم الأنين الذي يحاول أن ينطق.
ما الذي تعنيه لك الكتابة؟
الكتابة بالنسبة لي هي استجابة للصوت الذي بداخلي..
هي طبطة على القلب المثقل..
وهي تهذيب للحزن وإعادة فرزه بطريقة أنيقة ومرتبة..
هي تخفف من العبء نوعاً ما..
فأنا أكتب حتى أذكر نفسي بأني مازلت حية وقد جاء في أولى صفحات الكتاب أنني أكتب لأنه على أحدنا أن يموت إما أنا أو صمتي، وأكتب لأن الكتابة تلهيني عن ارتكاب جرائم أخرى.. وغيرها. فالكتابة هي فعل اضطراري أحياناً من أجل التخلص من تراكمات القلب والفكر، هي عملية علاجية نوعاً ما مثل الذي يكوي نفسه ليشفى.. هكذا تقريباً. إذ كلما شرعت بالكتابة شعرت وكأني أنثر الملح فوق وجه الجراح النائمة فأوقظها مفزوعة ثم أجلسها معي لنكتب. وعندما أكتب فإن أقصى ما أريده من القارئ هو أن يؤسر بالجملة التي أمامه ويحفظها كنشيد يردده في سره وأن يشعر بأني أكتب تماماً ما أراد قوله ثم يطلق تنهيدة من أعماقه ويقول.. صدقت أميرة!!
من أين تستلهمين أفكارك في النصوص التي تكتبينها؟
أغلب الأفكار تأتيني عبر التأمل في أفعال البشر وردود أفعالهم في مختلف المواقف، فغالباً ما تشدني سرعتهم الخرافية في تبديل أقنعتهم وطريقة تلفيق القصص للوصول للمآرب الشخصية، إضافة إلى التسلق والوصولية والنفاق وغيرها، إذ كثيراً ما أتكلم عنهم مع (نفسي) ونضحك في داخلي كثيراً لأن الإنسان بالفعل مليء بالعجائب.
ما هي طقوسك الكتابية؟
إلهام الكتابة لا يحترم المواعيد أبداً فأحياناً تأتيني الأفكار وأنا في وسط محادثة جادة أو أثناء قيادة السيارة، لكن في الأوقات التي اختار فيها أن أقوم بفعل الكتابة غالباً ما أفضل الخلوة وأن أكتب بالقلم دون الاستعانة بالكمبيوتر، ويجب أن أختار بعناية نوعية القلم الذي سأكتب به ونوعية الورق، فأنا انتقائية في بعض الأوقات ويتحكم بي مزاجي، وعلى الرغم من أن الكتابة باليد ثم نقلها على الكمبيوتر تستغرق وقتاً مضاعفاً إلا أني أعترف أن الأفكار تهرب مني إذا كتبتها مباشرة على الكمبيوتر ولا تتدفق بالسلالة التي تحدث مع القلم.
ورد ذكر أمك في العديد من النصوص من الكتاب.. حدثينا عنها
الحديث عن أمي حديث ذو شجون و دائماً ما تقف الكلمات عنها في حلقي كدبابيس لا أستطيع ابتلاعها أو نزعها، فمنذ وفاتها قبل عامين و3 أشهر وأنا أرى العالم أشد برودة من المعتاد وصار فاقداً للأمان والمحزن وألا صدر لدي غير الورق لأرتمي عليه من بعد أمي، لذلك فإن الكتاب قد جاء لإحياء ذكرها نوعاً ما أمام الملأ أجمعين ولأخبرها بأني سأفعل ما عليّ فعله حتى أجعلها فخورة بي، فقد كانت تراني امتداداً لها، خصوصاً وأنها هي أيضاً كانت كاتبة وشاعرة في صباها. فمن بعدها صرت أشعر أني في مهب الريح لولا إيماني الذي يمنحني الثبات على الأرض.
ما الذي تطمحين له بعد هذا الإصدار؟
أتمنى لو يدخل كتابي هذا في كل بيت وأن يتم ترجمته للغات أخرى وأن ينظر القراء إلى ما وراء الأسطر بعمق وأتمنى لو أتشرف بتسليم نسخة من الكتاب لوزيرة الثقافة .
كلمة أخيرة للقراء
اقرؤوا ..اقرؤوا ..اقرؤوا، فوحدها القراءة أنبوبة الأوكسجين التي لا تنضب في هذه الحياة.
علماً بأن الطبعة الأولى للكتاب قد نفدت من معرض الكتاب وستكون متوفرة في المكتبة الوطنية بعد شهر تقريباً.