كتب- حسن الستري:
كشف خبير شؤون السياسة الأمريكية الصحافي فريدريك وليام أنجدال كيفية تآمر الإخوان مع أمريكا على مصر، وبين أن ما أطلق عليه اسم الربيع العربي قبل 3 سنوات في تونس واليمن وليبيا وغيرها من البلدان في العالم الإسلامي وفقاً لزلة لسان «جيمس بيكر» في مقابلة تلفزيونية، ما هو إلا الخطوة الأولى فيما يتوجب تنفيذه في العالم الإسلامي من أفغانستان وباكستان، حتى الشرق الأوسط بأكمله، سوريا مصر، ومروراً بكل هذا الطريق حتى المغرب، للعمل مع تلك البلدان الإسلامية مثل ما قام بفعله صندوق النقد الدولي مع البلدان الشيوعية السابقة في شرق أوروبا وروسيا، وهي الضغط عليهم للدخول في لعبة السوق الحرة أو ما يسمى بالليبرالية الجديدة.
وقال فريدريك وليام أنجدال، في تسجيل مترجم في موقع «يوتيوب»، «لا يوجد شيء ليبرالي حول هذا الموضوع سوى ما يتعلق بالبنوك، فهي التي تستحوذ على الأرباح بهذه الليبرالية، وأيضاً لفتح افتصاديات هذه الأنظمة الديكتانورية والممالك والإمارات الغنية بالنفط في العالم الإسلامي، ونهب المزيد من الموارد والكنوز التي تقدر بترليونات وتريليونات الدولارات، لكن هناك عاملاً مهماً غير هذا، فالموارد الوطنية كانت هدفاً، الموارد الهائلة التي تم استثمارها من عائدات النفط في المملكة العربية السعودية والكويت ودول أخرى، والشركات المملوكة للدولة في هذه البلدان، في ليبيا النفط، وفي مصر وغيرها».
وبين أن «الربيع العربي له أجندة أعمق من هذا، وهذا ما بدا في الظهور الآن، الاستخبارات الأمريكية ووزارة الخارجية الأمريكية، بدأتا سراً بدعم مشروع أكثر طموحاً باستخدام منظمة ماسونية تسمى الإخوان المسلمين، جماعة الإخوان المسلمين نشأت في العشرينات في مصر، فالبعض منكم يعلمون ذلك، أسسها متطرف جهادي يدعى البنا، وأنشؤوا منظمة سرية في مصر للقتال ضد البريطانيين، وخلال الحرب العالمية الثانية وصل النازيون إلى مصر وجندوا جماعة الإخوان المسلمين وساندوهم في القتال ضد البريطانيين، ووجدوا عقيدة النازية تتطابق بفكرهم بكل وضوح، وبعد انتهاء الحرب، حصلت جماعة الإخوان على امتيازات سياسية من قبل المخابرات البريطانية، وبدون الدعم المادي البريطاني لكانت جماعة الإخوان غير قادرة على الحفاظ على وجودها في منطقة الشرق الأوسط، ثم تحولوا إلى وكالة الاستخبارات المركزية التي منحتهم امتيازات أكثر».
استراتيجية الاحتشاد
وأشار فريدريك وليام أنجدال إلى أنه «عندما حاول الإخوان اغتيال العضو السابق الذي أصبح رئيساً لمصر، وهو جمال عبدالناصر الذي كان من دعاة الوحدة العربية الاشتراكية، اضطرت جماعة الإخوان للاختفاء والعمل في السر، وقررت وكالة الاستخبارات المركزية إخراجهم من مصر وإرسالهم إلى المملكة العربية السعودية، حيث اندمجوا هناك مع «الوهابية» لخلق هجين جديد، هو إسلام سياسي ذو فهم أصولي للشريعة، وأيديولوجية جهادية مثل أيديولوجية الكثير من المسيحيين الإنجيليين في أمريكا حيث تربت، حيث توجد عقيدة «إن لم تنضم إلينا فأنت عدونا».
وأضاف «مثل ما قاله «جورج بوش» الذي ينسب نفسه للمسيحيين الإنجيليين حول الحرب على الإرهاب، إما أن تكون معنا أو تكون ضدنا، وهكذا بدأت واشنطن اللعب مع خليط في منتهى الخطورة في التعصب الديني، ودربت طوال فترة من السنين وقبل الأحداث في تونس وقبل أحداث ميدان التحرير في القاهرة الكوادر في واشنطن، وأحضروا المنظمين من كانفاس إلى بلغراد، وهم الذين نظموا ثورة ملونة ضد ميلوسيفيتش عام 2000، وبدؤوا بتدريب الكوادر لخلق الجزء السطحي من تغيير النظام، تغيير النظام على طريقة واشنطن وهي ثورة شباب «تويتر» أو «فيس بوك» للاحتجاج في ميدان التحرير».
واستطرد «الآن هذه الأحداث لم تكن عفوية بحتة، لقد كانت مدبرة من قبل كادر مدرب في كانفاس والتي يتم تمويلها من قبل حكومة الولايات المتحدة، من خلال مختلف المنظمات غير الحكومية ومنظمات أخرى، لكنهم ومؤسسة راند للأبحاث والتنمية وهي مؤسسة فكرية تابعة للبنتاجون وضعوا ما يسمى باستراتيجية الاحتشاد، مثل سرب من النحل أو الحشرات، ويطبقون هذا باستخدام برامج الهواتف النقالة، تم تطبيقها في جورجيا في الفترة 2003-2004، وطبقوها في أوكرانيا في الثورة البرتقالية، وحاولوا ذلك في عدة أماكن أخرى دون جدوى، بل حاولوا ذلك في روسيا وحاولوا ذلك في بلاروسيا «روسيا البيضاء»، لكن تم تنفيذها بنجاح في مصر عندما انضم جنود المشاة لمظاهرات الشباب من أجل الديمقراطية، ثم سرعان ما انضم عناصر من قادة جيش مبارك، بعد أن تم إقناعهم من قبل وزارة الدفاع الأمريكية أن مبارك خسر قبضته وعليه أن يذهب، وحتى أحد الجنرالات الطموحين والانتهازيين في جيش مبارك ذهب إلى واشنطن أثناء اندلاع الاحتجاجات، وترك المسألة تتعقد حتى تصل إلى نقطة حرجة حيث يجب التدخل».
وذكر أن واشنطن أملت على المجلس العسكري أنه ينبغي السماح بإجراء انتخابات مبكرة في أقرب وقت ممكن، وهم يعلمون جيداً أن القوة السياسية الوحيدة المنظمة في البلاد بعد سنوات عديدة من دكتاتورية مبارك هم الإخوان المسلمين، وهذه كانت خطة واشنطن منذ البداية».
ولفت إلى أن «معظم المستشارين في البيت الأبيض ومن هم حول أوباما وكبار الموظفين في وزارة الخارجية، إما موجهون من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، أو متعاطفون مع الإخوان المسلمين أو على اتصال وثيق بهم، وهكذا ضغطوا من أجل إجراء انتخابات مبكرة في مصر، وهم يعلمون أن المعارضة الديمقراطية ستكون في حالة من الفوضى كما كان حالها، لم يكن لديهم الوقت لتنظيم هيكل الدوائر الانتخابية وتنظيم الحملات الانتخابية، لذلك ليس من المستغرب فوز الإخوان المسلمين وسيطرتهم على البرلمان الجديد، مع بعض الأحزاب الإسلامية الأصولية».
وأوضح أن المجلس العسكري ظن أنه قد نظم الطريقة التي يسيطر بها على مرسي، وتأكدوا أن لديهم حق النقض في أي شيء يحاول الإخوان المسلمون القيام به، واستمر هذا أسابيع قليلة إلى أن تدخلت واشنطن مرة أخرى، وقالت «مرسي» سوف نقف خلفك إذا عزلت كل قادة الجيش، لذلك لأكثر من عام حتى الآن، عانت مصر في ظل الإخوان المسلمين من حكم «محمد مرسي» وأصدقائه».
يشار إلى أن فريدريك وليام أنجدال كاتب أمريكي من أصل ألماني وخبير جيوسياسي ومؤلف ومحاضر أمريكي، ومؤلف كتاب النفط والجغرافيا السياسية وقرن من الحرب: سياسة النفط الأنجلو أمريكية، والنظام العالمي الجديد وآلهة المال: وول ستريت وفاة القرن الأمريكي، وقد حاضر أنجدال في الاقتصاد في جامعة راين ماين في ألمانيا وهو أستاذ زائر في الاقتصاد جامعة بكين للتكنولوجيا الكيميائية.