كتب: أمين صالح:
المـرأة هي المرأة A Woman is a Woman، وبالفرنسيـــــــــــة Une Femme est Une Femme.. ثالـــث أفــلام المخــرج الفرنســي الشهير جان لوك جودار، وأول أفلامه الملونة وبالسينمــا سكــوب.. حققــه عندمــا كانــت الموجة الجديدة في فورة حماستها الأولى. وقد اعتبره جودار فيلمه الحقيقي الأول.
قـــد يبدو عنوان الفيلم حشواً أو تكـــراراً للمعنى، لكن على مستوى آخر، هو يشير إلى واقع المرأة وطبيعتها المتعذر اختزالها أو تحويلها.. المرأة التي توجد كما هي بعيداً عن محاولات الآخرين لجعلها تابعة أو مادة للتخيل.
ويؤكد جودار (في حواره مع مجلة كاييه دو سينما) أن «هذا الفيلم، من بين كل أفلامي، يلتزم بدقة بالسيناريو. لقد اتبعت السيناريو كلمةً كلمةً، حتى الفاصلة الأخيرة. وقد بنيت نفسي عليه في كتابة سيناريو التصوير. عندما أكتب السيناريو في صفحتين، فإنني أخشى من عدم قدرتي على تحقيق فيلم مدته تسعين دقيقة».
أنجيلا (أنا كارينا) امرأة لا يمكن احتواؤها أو تحديدها من خلال علاقتها بصديقها إميل (جان كلود بريالي). هي تعمل راقصة في ملهى ليلي، وتريد طفلاً (خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة!) من حبيبها إيميل، الذي يعمل في المكتبة العامة، والذي لا يريد طفلاً. لذا هي تلجأ إلى صديقهما المشترك ألفريد (جان بول بلموندو) ليلبي لها ما ترغب.
رغبة أنجيلا لا تتوافق مع منطق العلاقات، كما إنها ليست مألوفة ولا تنسجم مع الأعراف. بالتالي نعتقد أن هذه الرغبة في الطفل فرصــة لها للتعبير عن ذاتها، وعن حريــة الإرادة، وحقها في تقرير المصير، بمعزل عما يريده المجتمع لها. لكن هذا المجتمع سوف يرفضها حتماً إن لم تستجب لإرادته. إن واقعها متصل على نحو وثيق بواقع الآخرين، وهذا هو البعد التراجيدي في رغبتها أو طموحها أو حلمها.
عن فكرة الفيلم، يقول جودار (المصدر نفسه): «الفكرة الإجمالية للفيلم جاءت من شيء قاله شارلي شابلن.. إن التراجيديا هي الحياة في لقطة قريبة، والكوميديا هي الحياة في لقطة عامة. قلت لنفسي: سوف أحقق كوميديا في لقطة قريبة. سيكون فيلماً تراجيكوميدياً».
جودار، بعد ذلك، وصف فيلمه بأنه «كوميديا استعراضية لكن بلا استعراض». وقال (المصدر نفسه): «الفيلم، بالنسبة لي، كان يعني اكتشاف اللون والصوت المباشر. الثيمة هي: كيف يمكن لشخص أن يحرر نفسه من وضع معين. لكني تصورت هذه الثيمة ضمن سياق عمل استعراضي musical واقعي جديد. هذا تناقض تام، لكن هذا بالضبط هو ما يثير اهتمامي في الفيلم. قد يكون خطأ، لكنه خطأ جذاب. وهو ينسجم مع الثيمة التي تعالج حالة امرأة تريد طفلاً بطريقة منافية للعقل، في حين أنه الشيء الأكثر طبيعية في العالم. لكن الفيلم ليس استعراضياً، بل الفكرة نفسها. لقد ترددت طويلاً بشأن تنفيذ مشاهد استعراضية حقيقية. أخيراً قررت أن أوصل، من خلال استخدام الموسيقى، فكرة أن الشخصيات تغني مع أنها تتحدث بشكل طبيعي. على أية حال، الأعمال الاستعراضية ماتت، النوعية انتهت. الفيلم هو حنين إلى النوع الاستعراضي».
الفيلم لم يحقق نجاحاً، وجودار يبرر ذلك بقوله (المصدر نفسه): «ما لم يحبه الجمهور في الفيلم ربما هو الانقطاع، اللاتماسك، التغيرات في الإيقاع، التغيرات في الحالة. ربما أيضاً الجانب المسرحي منه. الشخصيات تؤدي وتنحني للجمهور في الوقت نفسه. هم يعرفون، ونحن نعرف، أنهم يمثلون، يضحكون ويبكون في آن. إنه عرض. لكن ذلك هو ما أردته. الشخصيات تمثل للكاميرا طوال الوقت».
وفي موضع آخر (مجلة Sight and Sound) يقول: «الجمهور لم يعجب بهذا الفيلم لأنهم لم يعرفوا ما الذي يعنيه. لكنه لم يكن يعني شيئاً. إذا رأيت باقةً من الزهور على الطاولة، فهل هذا يعني شيئاً؟ إنه لا يبرهن شيئاً. أنا ببساطة تمنيت أن يقدم الفيلم المتعة. قصدت أن يكون الفيلم متناقضاً.. تجاور أشياء لا تنسجم معاً بالضرورة. الفيلم هو مرح وحزين في الوقت نفسه. بالطبع لا يستطيع المرء أن يفعل ذلك. يجب عليه إما أن يكون هذا أو ذاك، غير أني أردت أن أكون كليهما في الوقت نفسه».
وحسب الناقد البريطاني ديريك إيلي (مجلة Films