قال شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية رحمه الله في تفسير قول الله تعالى «ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب»، روي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «لو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم»، وقوله: «مخرجاً» عن بعض السلف: أي من كل ما ضاق على الناس، وهذه الآية مطابقة لقوله تعالى: «إياك نعبد وإياك نستعين»، الجامعة لعلم الكتب الإلهية كلها، وذلك أن التقوى هي العبادة المأمور بها، فإن تقوى الله وعبادته وطاعته أسماء متقاربة متكافئة متلازمة، والتوكل عليه هو الاستعانة به، فمن يتق الله مثال: «إياك نعبد»، ومن يتوكل على الله مثال: «وإياك نستعين»، كما قال: «فاعبده وتوكل عليه»، ثم جعل للتقوى فائدتين: أن يجعل له مخرجاً، وأن يرزقه من حيث لا يحتسب. والمخرج هو الخروج، من الضيق والشدة، وهذا هو الفرج والنصر والرزق، فبين أن فيها النصر والرزق، كما قال:«أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف»؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم «وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟ بدعائهم، وصلاتهم، واستغفارهم» هذا لجلب المنفعة، وهذا لدفع المضرة، وأما التوكل فبين أن الله حسبه، أي كافيه، وفي هذا بيان التوكل على الله من حيث إن الله يكفي المتوكل عليه.