شدد علماء ودعاة على «ضرورة أن تكون كل عبادة يمارسها المسلم، تحت أحكام الشريعة، وتكون أحكام الشريعة حاكمة عليها بأمرها ونهيها، فمن كان عمله جارياً تحت أحكام الشرع موافقاً لها، فهو مقبول، ومن كان خارجاً عن ذلك، فهو مردود».
واستشهد العلماء «بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». والمراد بالأمر هنا «الدين والشرع».
من جهته، قال الداعية الشيخ عمر عبدالكافي إن «الزيادة في الدين مثل النقص فيه، وكل أحكام الإسلام والشريعة معللة، لكن المسلم مطالب بالعبادة لكون الله أمره بذلك، والعبادات ثمراتها أخلاقية، ومن هنا فعلى المسلم ألا يخرج على حدود الله في العبادات».
وأضاف الشيخ عبدالكافي «اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الدين خاتم الأديان، وآخر الشرائع، ليتخذه الناس منهاجاً لهم، وسبيلاً إلى ربهم، ومن هنا جاءت تعاليمه شاملة لجوانب الحياة المختلفة، فلم تترك خيراً إلا دلت البشرية عليه، ولا شراً إلا حذرت منه، حتى كملت الرسالة بموت نبينا صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا»، وبتمام هذا الدين، لم يعد هناك مجال للزيادة فيه، أو إحداث شيء في أحكامه، لأن المشرع قد وضح معالم الدين، وجعل لأداء العبادات طرقاً خاصة في هيئتها وعددها، وفي زمانها ومكانها، ثم أمر المكلف بالتزام هذه الكيفيات وعدم تعديها، وجعل الخير في لزوم تلك الحدود والتقيد بتلك الأوامر، حتى تكون العبادة على الوجه الذي يرتضيه الله سبحانه وتعالى، ومن ثم فإن كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لم يتركا سبيلاً لقول قائل أو تشريع مشرع».
وأوضح أنه «من ضل وابتدع، وأدخل في دين الله ما ليس منه، هو في حقيقته قادح في كمال الدين وتمامه، لأن مقتضى الزيادة في الدين الاستدراك على ما حوته الشريعة، فكأنه جاء بفعله هذا ليكمل الدين».
من ناحيته، قال الداعية الشيخ محمد سعيد رسلان إن «هذه القضية التي يتناولها الحديث، وأراد أن يسلط الضوء عليها، تعد بمثابة المقياس الذي يعرف به المقبول من الأعمال والمردود منها، مما جعل كثيراً من العلماء يولون الحديث اهتماماً ودراسةً، ويعدونه أصلاً من أصول الإسلام، فكما إن كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله فليس من الدين في شيء». وأضاف الشيخ رسلان «الأعمال قسمان عبادات ومعاملات، فالعبادات من كان منها خارجاً عن حكم الله ورسوله بالكلية فهو مردود على عامله، فمثلاً الصلاة تجوز في أوقات ولا تجوز في أوقات أخرى، كما إن الصيام يجوز في أيام ولا يجوز في أيام أخرى، والحديث الشريف ينهى عن كل طريقة مخترعة في الدين، والتحذير من إدخال شيء ليس فيه من الأمور العبادية. ولذلك فإن كل عبادة لابد أن تكون محكومة بالشرع، منقادة لأمره، وما سوى ذلك فإنه مردود على صاحبه، ولو كان في نظره حسناً، إذ العبرة في قبول العمل عند الله أن يكون صواباً موافقاً لأمره، وهذا الاعتبار يدل عليه قول الله تعالى: «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً»، يقول الفضيل بن عياض «إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً، ولا يقبله إذا كان خالصاً له إلا على السنة»».
وفي هذا الصدد، خلص العلماء إلى أن «سبيل الله واحد، واضح المعالم، كالمشكاة المنيرة، إذا اقترب منها أحدٌ أنارت له السبيل، وتبينت له معالم الطريق، وإن ابتعد عنها تخبط في ظلمات الجهل، وتردى في دركات الهوى، فما على المسلم إلا أن يتعلم الدين ويتقيد بتعاليمه إن أراد النجاح والفلاح».