بقلم - الشيخ زياد السعدون:
كثيرون هم الذين يتوهمون أنهم عاجزون عن التغيير، أو أن التغيير في حياتهم مستحيل، أو أنهم لا يمكن أن يكونوا سعداء، أو لا يستطيعون حل مشكلاتهم وأن مشكلاتهم مستعصية على الحل، وقد يكون كل ذلك أو أكثره لا حقيقة له، إنما وهم توهموه أو شك نسجوه، وأصبح في أذهانهم حقيقة لا وهماً وواقعاً لا شكاً، عندها تغيب الإرادة ويصاب الإنسان بالعجز والوهن ثم يكون الاستسلام، ومن أجل هذا جعل الله سبحانه إرادة التغيير والتحول أولاً تكون من النفس، فالنفس إذا آمنت بالتغيير خضعت الإرادة لهذا الإيمان، قال سبحانه: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، ولهذا كان إيمان الرسول عليه الصلاة والسلام بإمكانية التغيير بعد اشتداد كفر الكافرين وعناد المعاندين من قريش، أن يعول على أبنائهم الذين في أصلابهم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام حين جاءه ملك الجبال ليرفع جبال مكة فيجعلها فوق مكة قال: «لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبد الله ويوحده»، فكثيرون هم الذين نسمع منهم عبارة «فلان ما في فايدة لن يتغير» أو «زوجتي وأنا أعرفها» أو كما يقال في الأمثال الشعبية «ابني خبز ايدي»، وقد أعجبتني كلمات للشيخ الأديب علي الطنطاوي وهو يتحدث عن الوهم الذي يعشش في أذهان الناس، فمن الأمثلة التي ذكرها أن «الشيخ الخضري في آخر أيامه كان يتصور أن ثعباناً في أمعائه، وكلما ذهب إلى طبيب قال له لا شيء فيك وأنت واهم، حتى جاء إلى طبيب حاذق عالم بنفسيات المرضى، فسقاه شراباً مسهلاً، ووضع له ثعباناً في مكان قضاء الحاجة، ثم قال له انتهينا، خرج الثعبان والحمد لله، فقام الشيخ يقفز قفزاً وأيقن أن ثعبانه قد ذهب»، فعلق الشيخ الطنطاوي قائلاً، «لم يذهب الثعبان من بطن الشيخ الخضري ولكنه كان في رأسه فطار»، فكم من ثعابين في رؤوسنا تحتاج إلى إرادة كي تطير.