يسجل مؤرخ أفغاني عاش في القرن الثالث عشر الميلادي في كتابه (طبقات ناصري) جوانب من التاريخ منذ بدء الخليقة حتى استيلاء المغول على بغداد عام 1258ميلادية قائلاً إنها سقطت بسبب «الخيانة» بعد أن كان جيش الخليفة العباسي متفوقاً على جيش المغول.
ويبدو القاضي منهاج السراج الجوزجاني الذي ألف كتابه باللغة الفارسية من موسوعي المعرفة بالكتب المقدسة وملماً بما سجله مؤرخون سابقون من العرب والفرس من أعمال يميل بعضها إلى الأساطير حتى يمكن لكتابه أن يصبح مادة لأعمال أدبية تستلهم التاريخ والأساطير في سعيها لتجسيد أشواق البشر إلى العدل.
فعلى سبيل المثال يسجل منهاج السراج الجوزجاني أن الخضر الذي لم ينص القرآن على أنه نبي «بعثه الحق تبارك وتعالى بالنبوة... وفي أكثر الروايات أنه كان ابن خالة ذي القرنين وكان وزيره... وبموافقة الإسكندر ذهب في الظلمات وشرب ماء الحياة وبعد ذلك كان كل مكان تطؤه قدمه يخضر وهو الموكل بالريح وسوف يظل حياً حتى ينفخ في الصور».
والمؤلف هو شيخ الإسلام قاضي القضاة أبي عمر منهاج الدين عثمان المعروف بالقاضي منهاج السراج الجوزجاني وينسب إلى جوزجان وهي محافظة في أفغانستان. وكانت تلك المنطقة جزءاً من بلاد خراسان آنذاك.
وقسم المؤلف كتابه إلى 23 طبقة. ومصطلح «الطبقة» يعني الأجيال كما يعني أيضاً القوم المتشابهين في سن أو درجة أو مرتبة. وكان المؤرخون يلحقون أسماءهم بالطبقات ولكن الجوزجاني أطلق على كتابه (طبقات ناصري) ليخلد اسم السلطان ناصر الدين محمود لأنه فتح أبواب مدينة دلهي «وأبواب الهند قاطبة لاستقبال المسلمين الفارين أمام جحافل المغول والمحتمين بهم من هذا الفزع الأكبر، حيث وفروا لهم سبل العيش» كما تقول الدكتورة عفاف محمد زيدان مترجمة الكتاب في مقدمة بلغت 90 صفحة.
والمترجمة التي تخرجت في كلية الآداب بجامعة القاهرة تعمل أستاذة للغة الفارسية وكانت عميدة لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر في القاهرة وهي أول امرأة عربية تذهب إلى أفغانستان عام 1968 وتنال من جامعة كابول درجة الدكتوراه في الأدب الفارسي.